Home»Islam»تفسير سورة التغابن ‘وانفقوا خيرا لانفسكم ‘

تفسير سورة التغابن ‘وانفقوا خيرا لانفسكم ‘

0
Shares
PinterestGoogle+



بسم الله الرحمن الرحيم وصلى اللهم وسلم على اشرف المرسلين وعلى اله وصحبه
ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ، اما بعد : هناك امر يحدد مستقبل الامة الاسلامية ويرسم لها طريق الفلاح وطريق
النجاح وهو الدعوة القرآنية الى الانفاق .

الله تبارك وتعالى يدعو في هذه الاية وفي آيات كثيرة المؤمنين الى ان ينفقوا . ويسمى هذا الانفاق خيرا، وهو خير لنفس الانسان ، والذي وقاه الله تعالى الشح فهو من المفلحين . اذن فاشياء كثيرة تترتب على هذا الانفاق .



الانفاق شرط ضروري لاقامة الحضارة :الانفاق هو الاخراج، انفق الشيء بمعنى اخرجه ، وقد يكون وقتا او غيره ،ولكن هنا الحديث بخصوص المال ، فينفق الانسان خيرا لنفسه .لماذا يتحدث القرآن كثيرا عن النفقة ، وعن الانفاق ؟ لان هذا الامر مهم وشرط ضروري لقيام الحضارة الاسلامية ، حضارة ينشؤها الانفاق ، واما التقتير والبخل والحرص والجمع فان ذلك كله يوقف حضارة الاسلام ويعرقل سيرها .ولا يمكن ان نتصور ان هناك امة يمكن ان ترتقي بلا انفاق في جميع المجالات ، اي في مجاليها الاخروي والدنيوي .اذ نحن لدينا البعدان الدنيوي والاخروي .اما الامم الاوروبية او الامريكية وغيرهم فليس لهم الا المجال الدنيوي .وما وصلوه في المجال الدنيوي كان بسبب الانفاق .

انفاقنا في التفاهات اخرنا وانفاقهم في تطوير العلوم والمؤسسات قدمهم :ولكن هم انفقوا في اشياء مصيرية في اشياء مهمة . خلافا لنا نحن الذين ننفق في التفاهات .ننفق في ما لا يفيد . نحن مغرمون بالرقص والفلكلور ، وهم ينفقون في مشروع ايجاد مفاعل نووي ، قد يستغرق القدرة المالية لامة ، قد يستنزف خزانة الدولة ، تصرف اموال طائلة في حرب النجوم -كما سموها – وتخصص ارصدة عظيمة للبانتاغون مثلا في امريكا ، ويتناقش ممثلوا الامة عن هذه المصاريف الضخمة التي تصرف على عسكرة الفضاء ، وعلى التجارب النووية ، ومع ذلك – تقريبا – فالجميع يسلم بان هذا امر ضروري ، اذن فالامم المتقدمة انفقت وانفقت الشيء الكثير من اجل تحسين دنياها ، فاوجدت المعامل الضخمة ، واوجدت ادوات الانتاج والتسخير التي بها تستخرج خيرات الارض وكنوزها المخبوءة ، واوجدت الاشياء الكثيرة التي بها تسيطر على الامة الاسلامية الضعيفة .

انفاق دولنا ومجتمعاتنا بدون دراسة أخرنا ويؤخرنا كثيرا : الانفاق شرط ضروري لقيام الاشياء الدنيوية والاخروية ، ونحن في دنيانا لا ننفق انفاقا هادفا واضح المعالم ، نحب ان نصل الى النتائج كلها بأقل كلفة وبأقل نفقة . نحن نريد المشاريع المهمة ونريد الاهداف العظيمة ولكن نريدها مجانا تقريبا ، هذا لا يمكن ، كل شيء يقتضي نوعا من النفقة مناسبا لحجم المطامح والمشروعات فينبغي اولا : تعيين المشروعات وآفاقها والآمال المنوطة بها …مثلا عندما تريد ان تنشيء مدرسة ، تخرج جيلا متعلما دارسا ، جيلا تناط به الآمال ، مدرسة غير حكومية ، مدرسة خاصة ، هذه المدرسة لها مهمة خطيرة جدا ، ان تأخذ الطفل من والديه جاهلا ، غضا طريا ، وتريد ان تجعله في المستوى المناسب ليتلقى العلوم فيما بعد. فماذا نفعل نحن في مدرستنا ؟ نأخذ مجموعة من الشباب الحامل للشهادات ونطلب منهم ان يدرسوا هؤلاء الاطفال .هذا جيد ، فهو تشجيع للشباب على العمل . لكن كم هو اجرهم ؟ تعطى لهم اجور زهيدة ويقال لهم تعاونوا بها على اموركم … هل نحن هنا بصدد توزيع المعونة ؟ هل هذا الشاب جاء ليعمل ويكسب ما يعتاش منه ، ويتزوج ويسكن ام هو يعمل في التعاون الوطني ؟؟هذا مشروع تعليمي بدون هدف ، وهذا معلم بدون هدف ، هل هذا النوع من التعليم يمكن ان ينشيء امة متقدمة في جميع الميادين ، تعليم مبني على عقلية التعاون الوطني ، وعقلية التصدق والاحسان لايفيد ..يجب منح المعلم اجره كاملا ليمكنه ان يؤدي واجبه كاملا ، نحن نعتصر الانسان عصرا ، ونستخرج منه عصارته ولكن بدون مقابل ، وهذا لا ينشيء شيئا ، وحينئذ تكون النوايا سيئة من الطرفين .الاول لم يجد فرصة اخرى للعمل فيضطر للقبول تمضية الوقت ، والآخر يعيش ليجمع الاموال باطلا . والنتيجة ما هي ؟ ضياع جيل من الشباب ينشأ تحت هذه الكذبة ، وتسمى عملا تربويا .

اذن الانفاق ايها الاخوة في حياة الناس ، اي من اجل قيام نهضة حقيقية دنيوية لابد فيها من اعطاء
كل شيء ما يستحقه من انواع النفقة بتحديد ومحاسبة ، مشروع اقتصادي يحتاج نفقة كذا ، مشروع صناعي يحتاج نفقة كذا ، مشروع عسكري يحتاج نفقة كذا ، فلا بد حينئذ من الانفاق المنظم المحدد الاهداف والانواع زمانا ومكانا .
ولا يجوز للناس او المسلمين كأمة ان تبخل على المرافق بما يجب لها من رعاية على مستوى الدولة والمجتمع .. نحن نحتاج الى الانفاق الحقيقي على البحث العلمي ، لا يمكن ان يكون لديك بحث علمي وانت لا تنفق على المختبرات ، عندما تهتم بالملااعب ولا تهتم بالمختبرات لا يمكن للامة


ان تقوم ابدا لان الملاعب جزء من الانشطة المرفهة وليست العصب
الضروري للتقدم المختبر فيه يتدرب العلماء عندنا سواء في كليات العلوم، او كليات الطب وهذا يستنزف اموالا لاشك في ذلك ولكنه ليس شيئا ضائعا . لابد ان يعطى المختبر لا بد ان يجهز من اجل
ان تتقدم الامة ، لا يمكننا
ان نبخل في مثل هذه الاشياء التي هي حيوية بالنسبة
للامة
هذه مسألة عامة ، وهناك مثيلاتها من المسائل الكبيرة . المسلمون ابتدلء من عهد الصحابة اي بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وقع لهم شيء من الاختلاف في فهم قضية الانفاق
اي نشأ في بدية حياة الامة الاسلامية
نزاع اقتصادي ، ونشأ يومها مذهب اقتصادي
مستلهم من القرآن ، من فهم القرآن والسنة . وانطلاق هذا المذهب كان من قول الله
تعالى  » والذين يكنزون الذهب والفضة
ولا ينفقونها في سبيل الله
فبشرهم بعذاب اليم ، يوم يحمى عليها في نار جهنم
فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم ، هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون  » ( سورة التوبة )اذن فالذي يكنز هذا هو الوعيد الذي يستحقه ، ولكن ما هو الكنز؟ كيف نسمي الشيء كنزا ؟ حتى لا نكنز ولا نكون ممن ينطبق عليهم هذا الامر ؟ماذا نفعل ؟ اسئلة عديدة انطلقت من خلال التأمل في الاية وتعدد الفهم لها . بعض فقهاء الصحابة قالوا : ان المال اذا اديت زكاته فقد اعطي منه ما هو في سبيل الله بمعنى ان الذي ادى زكاة ماله ليس من المكتنزين ز اذن حتى لا تكون من المكتنزين فاعط زكاة مالك ،ولو كان قدرا زهيدا جدا ( مائة درهم مثلا ) والا فانت من المكتنزين لان الزكاة ليست فرضا على الاغنياء فقط فكل من بلغ النصاب الذي تجب فيه وجبت في حقه ، طالب الجامعة اذا كان لديه ما تجب فيه الزكاة وجب عليه ان يزكيها . اذن المال اذا اديت فيه الزكاة لا يصير صاحبه كانزا هذا كان هو قول غالبيةالصحابة رضوان الله عليهم وكان هناك من يقول في المال حق سوى الزكاة . وهذا بحث طويل يحتاج التوقف عنده الى دروس اخرى .
 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *