(( وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون ))
هذا وعد الله عز وجل الناجز لعباده المؤمنين عندما يخوضون حربا ضد أهل الكتاب الفساق من يهود ونصارى . ولقد جاء وعد الله عز وجل مباشرة بعد قوله : (( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )) فهذه هي شروط الحصول على وعد الله الناجز ذلك أن الله عز وجل مباشرة بعد ذكر هذه الشروط يقول : (( ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون )) فخيرية الأمة المؤمنة في متناول أهل الكتاب أو تحديدا في متناول فئة قليلة منهم لأن الفئة الكثيرة فئة فاسقة أي خارجة عن الدين الصحيح . وخير للفئة القليلة من أهل الكتاب أن تأخذ بشروط الوعد الناجز وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله إله واحدا لا شريك معه. وأما الفئة الكثيرة الفاسقة من أهل الكتاب فيقول الله عز و جل عنها : (( لن يضروكم إلا أذى )) فهذا حال هذه الفئة الفاسقة مع خير أمة أخرجت للناس فالأذى من الفئة الفاسقة من أهل الكتاب وارد في كل عصر ومصر وإن كان الضرر بسبب ذلك غير متحقق وعدا من الله عز وجل ، وأكثر من ذلك وعده سبحانه وتعالى لخير أمة بالوعد الناجز وهو انتصار على الفئة الكاثرة الفاسقة من أهل الكتاب في قوله تعالى : (( وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون )) هذا وعد الله الناجز إذ لا يقاتل فساق أهل الكتاب خير أمة إلا وولوا الأدبار منهزمين .
وعلى المسلمين أن يقفوا عندا هذا الوعد الناجز لغرض تصحيح انتمائهم لخير أمة ذلك أنه لا يمكن أن يكون الانتماء لخير أمة مصحوبا بالهزائم أمام فساق أهل الكتاب كما هو حال الأمة في هذا العصر . فإذا ما وقعت الهزائم أمام فساق أهل الكتاب فهذا يعني غياب خير أمة أخرجت للناس لأن الله عز وجل ناجز الوعد لا يخلفه . ووعد الله عز وجل فساق أهل الكتاب بعد ذلك بالذلة والمسكنة وبغضب منه وعدا ناجزا أيضا مع استثناء وهو وجود حبل الله أو حبل الناس وما الحبل إلا وعد أيضا لهذا قال الله تعالى : (( ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله أو بحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون )). فلئن زالت عن فساق أهل الكتاب الذلة أو بعضها في هذا الزمان فبحبال الناس أو بعهودهم. ولئن جمعنا بين عدم استيفاء الأمة المسلمة لشروط الوعد الناجز بالنصر على فساق أهل الكتاب ، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان الصحيح بالله عز وجل وبين حبال الناس وعهودهم مع فساق أهل الكتاب عرفنا لماذا توجد اليوم صولة لهؤلاء الفساق خصوصا في أرض الإسراء والمعراج وبلاد الرافدين وبلاد الطهر في أفغانستان . فلما غاب الأمر بالمعروف فينا وغاب النهي عن المنكر ، وضعف الإيمان زالت شروط الوعد الناجز بالنصر على فساق أهل الكتاب من يهود ونصارى . ولما أبرم بعض الناس من المحسوبين على الإسلام عهودا إما سرا و إما جهرا مع فساق أهل الكتاب فقد أمدوهم بحبال تشبثوا بها للخلاص من الذلة ، فصاروا بيننا أعزاء بسبب هذه الحبال وبسبب غياب شروط الوعد الناجز بالنصر عليهم . ولئن زالت هذه الجبال وتوفرت شروط خير أمة ،فإن ذلتهم محققة لا محالة .
وأما غضب الله عز وجل فلن يبارحهم أبدا، فهو قدره سبحانه الناجز فيهم لكفر سبق منهم ، وقتل للأنبياء ،وعصيان ، وعدوان. فمتى سيعود المسلمون إلى كتاب ربهم الذي لا يأتيه باطل من بين يديه ولا من خلفه لمعرفة سبل الحصول على وعد الله الناجز بالانتصار على فساق أهل الكتاب ؟ ، وهل هؤلاء إلا يهود وصليبيو هذا الزمان الذين طغوا في بلاد الإسلام وأكثروا فيها الفساد ؟ ولو بادر المسلمون إلى شروط خير أمة ونقضوا حبالهم مع فساق أهل الكتاب لصب الله تعالى على هؤلاء سوط عذاب إن ربهم لبالمرصاد .




Aucun commentaire