Home»Islam»الهجرة إخراج وخروج في سبيل الله عز وجل

الهجرة إخراج وخروج في سبيل الله عز وجل

0
Shares
PinterestGoogle+

أهل على المسلمين عام هجري جديد نسأل الله تعالى أن يكون كله يمنا وبركة وانتصارا لدينه الحنيف . والعام الهجري ليس مجرد تقويم زمني بل هو أكبر من التقويم الزمني ،فهو ممارسة دينية من صميم عبادة المسلمين . والمسلمون حينما يحتفلون به إنما يجددون العهد مع صاحب المناسبة صلى الله عليه وسلم الذي هاجر هجرة من أجل نشر دين الله عز وجل وإيصال هذا الدين إلى كل بيت من وبر أو مدر في هذا العالم . والاحتفال بهجرته صلى لله عليه وسلم هو تجديد العهد معه لمواصلة نشر دعوته في كل بقعة من بقاع العالم. ومعلوم أن دعوة الإسلام منذ أو ل عهدها فوق سطح هذا الكوكب واجهت الصعاب ، وكثر أعداؤها الذين دأبوا على إخراج أنبياء ورسل الله صلواته وسلامه عليهم كما قص علينا القرآن الكريم أخبارهم .

يقول الله تعالى في حديثه عن عادة ملة الكفر مع رسله وأنبيائه صلواته وسلامه عليهم : (( وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين )) فعادة ملة الكفر إخراج الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ظلما وعدوانا لأن دعوة الأنبياء والرسل الكرام هي دعوة حق مناهضة للباطل ، والباطل إنما يريد بسط نفوذه وإكراه الناس على متابعته. ومن هنا يفهم أن الهجرة ممارسة من ممارسات الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ، لهذا لما أخبرت خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ابن عمها ورقة بن نوفل وكان على دين عيسى بن مريم عليه السلام بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر من ضمن ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بدأ نزول الوحي عليه أن قومه سيخرجونه جريا عادة ملة الكفر مع الأنبياء والرسل وقوله المشهور لا زال متداولا :  » ليتني أكون جذعا يوم يخرجك قومك  » ويتساءل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أ و مخرجي هم ؟  » فيجيبه : نعم . وذكر القرآن الكريم عملية إخراج الرسل الكرام في مثل قوله تعالى : (( قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أو لو كنا كارهين قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها )) وفي مثل قوله تعالى : (( فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون )) . وعلى غرار سنة الأنبياء والرسل صلواته وسلامه عليهم أجمعين أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريته بشهادة نصوص قرآنية كثيرة منها قوله تعالى : (( وكأي من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم )) وقوله تعالى : (( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين )) وقوله تعالى : ((وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا )) وقوله تعالى : (( يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم )) وقوله تعالى : (( ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين ، وقوله تعالى : (( إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إلا الله معنا )) .

هذه الآيات الكريمة وغيرها تؤكد عملية إخراج كفار قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة كدأب كل ملة كفر في كل عصر ومصر مع رسل الله وأنبيائه صلواته وسلامه عليهم. والإخراج عندما يكون من طرف ملة الكفر يعني الطرد والنفي والإبعاد وهي عقوبة من أشد العقوبات المعروفة في تاريخ البشر وهي عقوبة تعدل القتل لأنها استئصال أو تفوقه لأنها تجمع على صاحبها معاناة الرحيل كما يرحل المقتول عن أهله وبيته ، إلى جانب معاناة النفي إلى أرض غريبة أقلها أن يعامل المخرج من وطنه كغريب محروم مما يتمتع به أهل البلد وأهمها الحرية . والإخراج إذا كان من طرف الله عز وجل فيعني الرحمة والنجاة لهذا ورد في القرآن الكريم قوله تعالى : (( كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون )) . فمع أن الله تعالى قد ذكر في الآيات السابقة أن إخراج رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم كان من طرف كفار قريش فإنه إكراما لنبيه جعل إخراجهم له مجرد سبب لإنجاز إرادة الله تعالى في إخراج نبيه لغرض إكمال الدين وإبلاغه للعالمين ، وعليه يكون إخراج الله تعالى نبيه رحمة به وإنقاذا له ولا عبرة بنية كفار قريش في إخراجه، تماما كما أن إخراج الكفار لأنبياء الله ورسله صلواته وسلامه عليهم إنما كان سببا لتحقيق إرادة الله عز وجل ، وما كان لملة الكفر أن تتحدى إرادته سبحانه ، وهي إرادة وراءها حكمة تبليغ الرسالات في أوساط غير أوساط الكفر. وكما تدل الهجرة على الإخراج بالدلالتين السابقتين تدل على الخروج إذ قد يخرج النبي أو الرسول خشية ضياع رسالته قبل تمامها كما حصل لموسى عليه السلام الذي قال فيه الله تعالى : (( وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين فخرج منها خائفا يترقب )) فهذا خروج خوف لا على النفس وإنما على الدين لأنه لا يخاف لدى الله عز وجل المرسلون . وخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خروج على غرار خروج كل الأنبياء والرسل الكرام خوفا على دعوته لا خوفا على نفسه ، ولو كان رسول الله خائفا لما قال لصاحبه بكل يقين : (( لا تحزن إن الله معنا )) فهذا لسان حال المطمئن غير الخائف لهذا فخروجه هو استجابة لإخراج الله عز وجل لا لإخراج كفار قريش كما خيل إليهم وهم غافلون عن إرادة الله تعالى ومشيئته التي كانت تخطط ما لا علم لهم به لنشر دعوة الله تعالى في العالمين.

والمحتفلون بالهجرة اليوم لا بد أن يستخلصوا منها أكبر عبرة وهي أنهم عندما يمضون في الدعوة إلى الله عز وجل ، وهي دعوة تقوم على مواجهة الفساد والإفساد بكل أنواعه بما فيه فساد السكوت على الفساد والإفساد لا بد أن يكون مصيرهم الإخراج سواء كان من طرف المفسدين وسوا كان ماديا أم معنويا ، أو كان تنفيذا لإرادة الله عز وجل التي تهيؤ لهم مجالا بديلا عن المجال الموبوء الذي أخرجوا منه والذي لم يعد مناسبا لدعوتهم وإصلاحهم ، و يعتبرخروجا من قبلهم وهجرة من مجال استشرى فيه الفساد إلى مجال هيأ له الله عز وجل أسباب الإصلاح والصلاح. فهل فكر المسلمون في تجديد العهد مع الإصلاح والصلاح بمناسبة حلول العام الهجري الجديد أم أنهم يعدون السنين كما يعدها غيرهم من الأمم غير مبالين بتقويمهم الذي هو عبادة قبل أن يكون مجرد علم بالسنين والحساب .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *