Home»Islam»المسؤولية في دين الإسلام لا تعطى لمن سألها أو حرص عليها

المسؤولية في دين الإسلام لا تعطى لمن سألها أو حرص عليها

23
Shares
PinterestGoogle+

كثير من الناس يتهافتون على طلب المناصب ويحرصون عليها لأنهم يرون فيها الامتيازات والتشريف قبل المسؤوليات والتكليف . وكثير من الناس لا يعرفون موقف الإسلام ممن يطلب المناصب ويحرص عليها. فطلب المناصب هو طلب المسؤولية وهو طلب حمل الأمانة التي قال عنها الله عز وجل : (( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا )) فالدلالة اللغوية لكلمة أمانة هي ما فرضه الله عز وجل على العباد وهي المسؤولية بالمعنى الشامل ، وهي وديعة ،وهي نقيض الخيانة وكل هذه الدلالات تلتقي في المسؤولية فهي وديعة فرض الله عز وجل على من يحملها أن يصونها ولا يخونها. ومعلوم في شرع الله عز وجل أن حمل الأمانة أو تحمل المسؤولية يقتضي الجزاء في حال الإحسان والعقاب في حال الإساءة ، لهذا أشفقت المخلوقات الجبارة من حمل هذه الأمانة وكانت أعقل من الإنسان وهو أصغر وأضعف مخلوق إذا ما قورن بالسماوات والأرض والجبال وذلك لجهله وظلمه المبالغ فيهما لهذا جاءت صفتا الجهل والظلم فيه بصيغة المبالغة فهو جهول في حق نفسه لأنه لا يعرف حقيقة ضعفه ،و ظلوم في حق نفسه لأنه يكلفها ما لا تطيق ويعرضها للعقاب من خلال عدم تقدير جسامة الأمانة والمسؤولية .

ومما أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما روي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي فقال أحدهما : يا رسول الله أمرنا على بعض ما ولاك الله عز وجل ، وقال الآخر مثل ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  » إنا والله لا نولي هذا العمل أحدا سأله أو أحدا حرص عليه  » والحديث متفق عليه . فهذا الحديث وقبله الآية الكريمة عبارة عن صفعة ترد الجهول الظلوم الذي يلهث وراء طلب المسؤولية إلى رشده. ففي دين الإسلام لا تعطى المسؤولية لمن يطلبها أو يحرص عليها لأن طلبه لها لا يخلو أن يكون أحد أمرين : إما مجرد طمع دون أهلية أو كفاءة لتحمل المسؤولية ، وإما أهلية وكفاءة وخوف على الصالح العام وخوف من محاسبة الله في حال وجود أهلية وكفاءة مع عدم جعلها رهن إشارة الصالح العام كما كان شأن نبي الله يوسف عليه السلام الذي كشف الله تعالى له حجب الغيب فرأى سنين القحط التي ضربت أرض مصر في زمانه وأراه الله تعالى سبل تدارك آثار كارثة القحط فعرض خدمته على ملك مصر ولم يطلب المسؤولية رغبة فيها بل عرض كفاءته وأهليته التي لم يكن أحد في مستواها لهذا جاء في الذكر الحكيم : (( وقال الملك ايتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم )) ومن خلال سياق الآية الكريمة لم يعرض يوسف عليه السلام كفاءته وأهليته على الملك إلا بعد أن استأمنه ومكنه الملك ، وقد عبر يوسف عليه السلام عن كفاءته وأهليته بقوله إني حفيظ عليم لتبرير طلب المسؤولية على خزائن الأرض ، ولم يطلب المسؤولية رغبة في امتيازاتها كما طلبها الرجلان اللذان ورد ذكرهما في الحديث النبوي الشريف ، فهذان الرجلان إنما فكرا في طلب المسؤولية رغبة فيما تدره من امتيازات لهذا ردهما رسول اله صلى الله عليه وسلم بقول حاسم مفاده أن المسؤولية لا تعطى لمن يطلبها ويحرص عليها لأنه يعبر ضمنيا عن طمعه في امتيازاتها ليس غير. فالأصل في المسؤولية أو الأمانة أن تعرض فيشفق منها العقلاء الأكياس الذين يعرفون حقيقة كفاءتهم وأهليتهم من خلال مقارنتها بما لغيرهم من كفاءة وأهلية فلا يتقدمون للمسؤولية مع وجود من تفوق كفاءته وأهليته كفاءاتهم وأهليتهم . وأما أهل الجهل والظلم وهو وضع الأمور في غير ما وضعت له فيتهافتون على المسؤولية تهافت الفراش على النار فيظلمون أنفسهم أولا بطلب ما ليسوا في مستواه من مسؤولية ثم يظلمون غيرهم بتعريض الصالح العام للضياع .

فأين نحن من هذه القاعدة الإسلامية المتبعة في تحمل المسؤولية ؟ أليس فينا رؤساء دول قد نصبوا أنفسهم مدى حياتهم حكاما ، وفيهم من جدد مدد حكمه للمرة الخامسة وهو على وشك أن يتقدم للمرة السادسة ، وسيتقدم للمرة العاشرة وحتى المائة إن طال به العمر كما تمسك بها من سبقه حتى بلغ أرذل العمر ولم يعد يعلم بعد علم شيئا ؟ وعلى غرار حكامنا يسير من دونهم في المناصب والمراتب ، فيتهافت المتهافتون على المناصب ويركبون كل مركب بما في ذلك ما حرم وما بطن وبطل من أجل أن يتقلدوا مناصب فوق طاقاتهم وفوق أقدارهم ، وعوض أن يجدوا من يردهم إلى صوابهم كما رد رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلين الراغبين في الإمارة والمسؤولية يجدون من يركبهم بدوره لأن في تقلدهم مسؤولية فوق ما يطيقون صيانة مصالحه الشخصية ، ويلتقي طالب المسؤولية جهلا وظلما مع من يمكنه منها خيانة في خاصية الطمع في الامتيازات والمصالح الشخصية وكلاهما جهول ظلوم.وفات الجميع أن من طلب المسؤولية دون أهلية وكفاءة وجدارة غلبته وفضحه الله عز وجل ، ومن قلد المسؤولية وهو لا يرغب فيها مع أنه أهل لها غلبه الله تعالى عليها وستر عليه كل تقصير .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *