سألني فاضل من هم آل محمد صلى الله عليه وسلم ؟

سألني الأخ الفاضل السيد خير الدين الديلمي من أوسلو بالنرويج من هم آل محمد صلى الله عليه وسلم ؟ لقد سبق لي أن كتبت في هذا الشأن منذ زمن بعيد وعلى هذا الموقع ولكن لا بأس من التذكير مرة أخرى تنويرا للأخ الفاضل ولكل راغب في معرفة آل البيت . كلمة » آل » مشتقة من فعل آل يؤول إيالا وأولا التي تعني ساس وولي الرجل قومه ، وربما كانت للكلمة أيضا علاقة بفعل آخر من نفس المادة اللغوية آل يؤول أولا ومآلا بمعنى رجع ، أي آل الرجل هم الذين يرجع نسبهم إليه وهم أهله . وآل الرجل هم أهله ولكن اللفظة لا تستعمل إلا في النسب الشريف ، وقد ورد استعمال كلمة أهل وهي المقابل لكلمة آل في كتاب الله عز وجل في سياق الحديث عن بعض أنبيائه ورسله الكرام صلواته وسلامه عليهم ومن ذلك قوله تعالى : (( فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين )) فالحديث عن لوط عليه السلام ، والله تعالى ذكر أهل لوط أي آله والواضح أنهم قرابته بما فيهم زوجه ، والاستثناء في الآية متعلق بنجاة أهله دون زوجه لا بنفي انتسابها إليه ، والدليل على ذلك أن الله تعالى ذكر الزوجة ضمن الأهل في قوله سبحانه في سياق الحديث عن موسى عليه السلام : (( فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله )) أو قوله تعالى : (( إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا )) فالمقصود بالأهل الزوجة وغيرها من الأقارب. وعندما تحدث الله عز وجل عن أهل البيت نسبة إلي بيته الحرام قال جل من قائل : (( ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد )) فالشاهد في الآية الكريمة أن الله تعالى جعل زوجة إبراهيم عليه السلام سارة من أهل البيت والخطاب في الآية الكريمة موجه إليها والنداء متعلق بها ، وهذا يعني أن سارة من أهل أو آل إبراهيم عليه السلام. والمعلوم أن الزوجة منبت الولد وأصل النسب بين الذكر والأنثى فلا يمكن ألا تكون الزوجة من أهل الزوج وهي أم ولده ، والولد من الأهل لقول الله تعالى على لسان نوح عليه السلام : (( ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي )) وكان جواب الله تعالى له : (( قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح)) فنوح اعتبر ابنه من أهله نسبا والله تعالى أسقط انتساب ابن نوح لأهله باعتبار عصيانه واتباع سبيل الكافرين لا باعتبار النسب العرقي . فنسبة زوج لوط لأهله كنسبة ولد نوح لأهله ، فإذا ما أسقط أحد نسبة امرأة لوط لأهله بحكم استثنائها من النجاة من العذاب ، و أسقط نسبة ابن نوح لأهله بحكم عصيانه واتباعه سبيل الكافرين قيل له إذن من سيكون أهل الرجل إذا ما استثنيت الزوج والولد ؟ والظاهر من قصة لوط ونوح عليهما السلام أن الكفر يؤثر في النسب وأنه لا بد من شرط الإيمان إلى جانب النسب ليكون تاما كما هو حال موسى وإبراهيم عليهما السلام مع زوجتيهما كما مر في سياق الآيتين السابقتين . ولما كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من ذرية إبراهيم ومن ولد إسماعيل عليهما السلام فهو من أهل البيت نسبة إلى البيت الحرام ، و أهله هم أزواجه ، وذريته وهم أهل البيت. ونظرا للنسب الشريف فإنهم يسمون آل محمد على غرار آل إبراهيم على الجميع الصلاة والسلام وآل البيت . ولا يعتد بقول من يريد التفريق بين آل محمد صلى الله عليه وسلم من خلال التمييز بين أزواجه وذريته إذ تتساوى أزواجه أمهات المؤمنين في الانتساب إليه مع بناته وأسباطه . ولهذا فلا عبرة بالذين يفترون على الله عز وجل الكذب ويكذبون الوحي في زوجه عائشة أم المؤمنين ويزعمون في حقها ما زعمه المنافقون وكذبه رب العالمين من فوق السبع الطباق وأنزل فيه قرآنا يتلى إلى يوم القيامة ، ومن كفر به أو أوله حسب هواه كفر بما أنزل على محمد صلى لله عليه وسلم . فعائشة من آل محمد صلى الله عليه وسلم كفاطمة الزهراء وكعلي والحسن والحسين . وليس أبو طالب كما يزعم البعض من آله لمجرد أنه أحسن صحبته لأنه لم يؤمن بما أنزل عليه فحكمه حكم ابن نوح عليه السلام، وحكم امرأة لوط عليه السلام . وللرد على من ينكر أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وخصوصا بنتي الصديق والفاروق عائشة وحفصة نقول كيف تكون فاطمة الزهراء من آل محمد صلى الله عليه وسلم ولا تكون أمها خديجة وهي زوج النبي كذلك ؟ وكيف تكون خديجة زوجه من آله عليه الصلاة والسلام ولا تكون باقي أزواجه كذلك بما في ذلك عائشة وحفصة؟ إن الذين يركبون الخلاف بين الصديق والفاروق و عثمان وعلي ومعاوية رضي الله تعالى عن الجميع حول الخلافة للطعن في آل البيت قوم لا يعقلون ، ويفترون على الله عز وجل الكذب وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آل بيته أجمعين .
إن استغلال هؤلاء للدين وادعاء محبة آل البيت مجرد غطاء من أجل الوصول إلى سدة الحكم والتحكم في رقاب العباد باسم آل البيت والحصول على امتيازات وما هي إلا عرض الدنيا الزائل لهذا أعمى الطمع أبصارهم وبصائرهم فافتروا على الله الكذب وهم يعلمون . لا أحد في مستوى الخلاف بين الصديق والفاروق وذو النورين وعلي ومعاوية رضي الله عن الجميع ذلك أن خلاف هؤلاء له مبرراته وهو خلاف عن علم ورثوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل : » عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي » لقد اختلفوا ولكل واحد منهم حجته ، ولا أحد بعدهم له الحق في الاختلاف فيما اختلفوا فيه لأنه لا أحد يبلغ مبلغ علمهم ولهذا لا مبرر لركوب ما اختلفوا فيه وما اختلفوا في كتاب ولا في سنة بل اختلفوا في تدبير شؤون دنيا أوكل الله تعالى لهم تدبيرها كما أوكله لغيرهم من خلقه. ولقد حكم المسلمين بعدهم البار والفاجر في كل عصر لهذا فلا مبرر لسب أو شتم آل البيت بما فيهم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أو أصحابه بما فيهم من خلفه في إمارة المؤمنين ولم يخلفه في نبوة أو رسالة لأنه خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم ، ولا نبي بعده ولا رسول وما بعده إلا قيام الساعة والعودة إلى رب العالمين ليسأل خلقه عما كانوا يعملون وعن شهادتهم ، فويل لمن شهد الزور والكذب وويل لمن افترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الكذب ، وويل لمن شتم آل محمد وأصحابه . وشكر الله تعالى للفاضل السائل عن آل محمد صلى الله عليه وسلم وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين .




1 Comment
بارك الله فيك وجزاك عنا كل خير، فأين هؤلاء من علم الخلفاء الراشدون حتى يُسّبوا والسلام