Home»Islam»مواعظ رمضانية : بشارة الآخذين بقول الله تعالى وخسارة المعرضين عنه

مواعظ رمضانية : بشارة الآخذين بقول الله تعالى وخسارة المعرضين عنه

0
Shares
PinterestGoogle+

يتضمن القرآن الكريم عدة بشارات ، ومنها قوله تعالى : (( فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك أولو الألباب )) فهذه البشارة تخص فئة من العباد الذين يحسنون التعامل مع كلام الله عز وجل وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم سماعا وفهما وتطبيقا ، وهذه هي الهداية الربانية التي تعطى لذوي العقول النيرة ذلك أن آية أولي الألباب أنهم يحسنون الاستماع الشيء الذي يمكنهم من حسن الفهم ، وحسن التطبيق بعد ذلك . فالقول الذي جاء في الآية الكريمة هو تلك التوجيهات الإلهية التي يستنير بها الإنسان ليخوض غمار الحياة بأمن وسلام وفوز فيها يفضي به إلى فوز مثله في الآخرة. ومن المعلوم أن خوض غمار الحياة دون هذا القول إنما هو مغامرة غير محمودة العواقب ، لهذا تعهد الله عز وجل الخلق به رحمة بهم ونجاة لهم من هلاك العاجل والآجل. ولقد كان قول الله عز وجل عبر تاريخ البشرية الطويل هاديا للناس في معاشهم ومعادهم .

وقد ورد ذكر هذا القول في آخر رسالة سماوية لبيان أهميته بالنسبة للناس في كل عصر ومصر . و مما جاء في كتاب الله عز وجل متعلقا بهذا القول الشامل لكل جوانب الحياة قوله تعالى : (( قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وآمر قومك يأخذون بأحسنها )) لقد وصف الله تعالى كلامه الذي أوحى به إلى موسى عليه السلام أنه موعظة أي توجيهات ، وأنه تفصيل لكل شيء لهذا لزم الأخذ بهذه التوجيهات بقوة ، وبأحسنها . ويؤكد الله تعالى أن قوله لم يغادر شيئا مما يحتاجه الناس في حياتهم بقوله : (( ما فرطنا في الكتاب من شيء )) فعدم التفريط دليل على الإحاطة بكل ما يتعلق بالحياة وباستقامتها. ولهذا لا يمكن التعامل مع كلام الله عز وجل كالتعامل مع كلام غيره بتجاهل أو لا مبالاة أو اعتباره مجرد تاريخ أو قصص لتجزية الوقت أو للتسلية أو ما شابه بل هو قول يسمع جيدا ويفهم جيدا ليطبق جيدا من أجل حياة سوية ومعاد غير مخز. والناس عبر التاريخ صنفان في تعاملهم مع قول الله عز وجل : صنف العقلاء الذين يحسنون الاستماع كما مر بنا ، ويحسنون الفهم ، ومن ثم يحسنون التطبيق ، وهم الذين تنالهم الهداية الربانية ، وصنف بلا عقول لا يتجاوزون مستوى البهائم لأنهم يعطلون عقولهم. وعن هذا الصنف يقول الله عز وجل : (( ومنهم من يستمع إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون )) كما يقول عنهم : (( ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون )) إنه الصنف المعطل للعقل وللحواس الممدة لهذا العقل بالمعطيات ، وهو أمر يجعله أضل من الأنعام . ومشكلة هذا الصنف أنه لا يستمع ولا يفهم ولا يطبق وقد وصف الله تعالى هذه الحال في قوله جل من قائل : (( وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا )) إنه صنف من البشر يحال بينهم وبين كلام الله عز وجل بأكنة على قلوبهم ووقر في آذانهم ، وإدبار وإعراض ونفور عند سماع قول الله تعالى ، وإذا حصل منهم استماع كان بغير إنصات إذ يشتغلون بالنجوى التي تحول بينهم وبين استيعاب ما يقال لهم ، وتكون نجواهم إعداد تهم التجريح والتكذيب لمن يوصل لهم قول الله عز وجل . ومن خلال أوصاف القرآن الكريم يتبين لنا أن الصنف الذي حرم الهداية والعقل في تعامله مع كتاب الله عز وجل إما ألا يستمع أصلا ، أو يستمع وهو مشغول بالنجوى فلا يستوعب ولا يفهم ، أو يستمع فيفهم ولكن لا ينفعه فهمه في شيء لأنه لا يطبق ، وهذه العينات صنف واحد ونتيجة تعاملها مع كلام الله عز وجل واحدة . والله تعالى لم يحدثنا عن هذا الصنف الضال للتسلية بل ليحذرنا من حاله السيء الذي يجب أن يتجنب في كل عصر ومصر . فعينات هذا الصنف توجد في كل زمان وفي كل مكان . فكم من خطب ومواعظ في بلاد الإسلام تلقى وهذه العينات لا تستفيد شيئا منها مع أنها في أسوأ الأحوال في حياتها دون هداية الله عز وجل وتوجيهاته . ففينا من لا يستمع أصلا ، ويكون حضوره الخطب والمواعظ كغيابه إما لجهله أو لكبريائه ، ومنا من يستمع ولا يفهم شيئا ولا يستوعب إما لجهله أيضا أو لانشغاله بالنجوى إما بما يعنيه من أحواله الدنيوية وإما بتعقب الخطيب أو الواعظ بحثا عن هفواته فلا يخرج من خطبة ولا موعظة إلا ليردد نقدا مجانيا من قبيل الاحتجاج على طول الخطبة أو الموعظة وكأن الخطبة أو الموعظة هدفها أن تؤدى في وقت هو المسؤول الشرعي عن ضبطه ، ولو سأل عن شيء مما جاء في الخطبة أو الموعظة لما وجد جوابا لأنه كان مشغولا بنجوى إعداد النقد المجاني لمن يخطبه أو يعظه .

ومنا من يستمع ويستوعب ولكن لا يطبق تكبرا على ما يسمع ، وقد يتعمد إظهار إلمامه بما سمع لإثبات أنه قد فهم وزاد على الفهم ولكنه لا يخضع فهمه لتطبيق ، وهذه العينة هي التي شبهها الله عز وجل بالحمر لقوله سبحانه وتعالى في سورة الجمعة : (( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين )) فهذا مثال العينة التي تدعي الفهم ولكنها لا تستفيد شيئا من فهمها ، وتكون بذلك أخس عينة . وليس من قبيل الصدفة أن يذكر الله عز وجل هذا التمثيل في سورة الجمعة وقبل أن يتعبد المؤمنين بعبادة سماع الذكر أو الخطبة وهو قوله المتضمن لتوجيهاته الضرورية لخوض غمار الحياة ، وكـأنه يحذر الذين يستمعون الذكر يوم الجمعة ولكنهم لا يستفيدون منه شيئا . ومعلوم أن عدد خطب الجمعة في السنة هو ثمان وأربعون خطبة وإذا ما أضفنا لهذا العدد خطبتي العيدين كان المجموع هو خمسون خطبة ، ويتعين على ما يستمع إلى خمسين خطبة في السنة أن يستفيد خمسين مرة في الحول الواحد كحد أدنى من الاستفادة، فإن لم يفعل فهو أشبه بحمار يحمل أسفارا. والمؤسف أن الصنف المعطل للعقل في تعامله مع كلام الله عز وجل في زماننا هو الصنف الغالب بكل عيناته سواء التي لا تستمع أصلا أو لا تفهم أو لا تطبق مما يجعل خوض غمار الحياة عبارة عن مغامرة غير محمودة العواقب .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. بغـــداي
    30/08/2010 at 02:52

    هذه السلبيات موجودة أخي الشركي لكن لا بد لها من أسباب.

    الوعظ زكاة نصابه الاتعاظ، فكيف يزكي من لا نصاب له؟ وكيف يسقيم الظل والعود أعوج.أنقل هذه الكلمات النيرات عن الإمام الغزالي رحمه الله.فإذا كانت للموعظة قوتها وتأثيرها،فلأن الواعظ قد استوفى شروطا أهلته لأن يكون كلامه مقبولا، ونافذا إلى الأعماق.
    لذلك فهذه المهمة جليلة لا ينبغي أن يتصدى لها كل من هب ودب، بل لا بد من قدر من الورع، وحظ من العلم.
    المشكلة ليس في طول الموعظة وقصرها، بل في محتواها وفي من يلقيها.
    إنك حينما تستمع لأحد الوعاذ تحس بجاذبية نحوه، وتستلذ كلامه وتحس أنك المخاطب به.بل إن بعض الأمور كأنها لم تمر بك قط. وإن كنت قرأتها وسمعت بها.
    لكن في مقابل ذلك منفرون لا شيأيجتذبك إليهم، فلا قلب يخشع، ولا إحساس ينتابك غير الملل والضجر.
    حتى إنك إذا علمت أن ذلك الواعظ سيحضر غيرت الوجهة إلى مسجد آخر.
    وإني أعرف أحد الأساتذة الذين يمارسون الوعظ، كان يدخن، ويظل في المقاهي ولا يواضب على الصلاة. أنى يسلك وعظه إلى القلوب.ولذلك فينبغي أن نستحضر هذه المعطيات لا إفراط ولا تفريط.ورغم ذلك فعلى الإنسان أن لا يضجر من سماع الموعظة فربما انتفع بما لم ينتفع به الواعظ، لأنه مهما كان هذا الواعظ مقصرا، أو سيء السمعة فإن كلامه لن يخلو من آيات تتلى ، أو حكمة تستفاد، أو علم يستزاد، ورب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.

  2. ممنوع
    30/08/2010 at 02:52

    حرام أنكم لا تنشرون التعليقات

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *