Home»Islam»حادثة الإسراء والمعراج تأكيد لمعجزة القرآن الكريم الكبرى

حادثة الإسراء والمعراج تأكيد لمعجزة القرآن الكريم الكبرى

0
Shares
PinterestGoogle+

من سنن الله عز وجل في خلقه تأييد رسله وأنبيائه الكرام صلواته وسلامه عليهم بالمعجزات لإقناع أتباعهم بحقيقة الدين التي تقوم على أساس ثنائية عالمي الغيب والشهادة حيث يتمحض عالم الشهادة للحياة العاجلة فوق سطح هذا الكوكب بينما يتمحض عالم الغيب للحياة الآجلة في حيز علمه عند الله بعد طيه السماوات كطي السجل للكتاب. والمألوف في تاريخ البشر أن الاقتناع بعالم الغيب لا يتم إلا عبر عالم الشهادة. ولما كان عالم الغيب عالما غريبا فإنه يصعب إقناع الناس به خلاف عالم الشهادة الذي تقوم أشياؤه على أساس قوانين تستوعبها العقول. والله عز وجل عندما يريد أن يقنع خلقه بالعالم الغريب الذي غيبه يزيل عنه الغرابة بخرق قوانين عالم الشهادة بالمعجزات. فإقناع الأمم عبر التاريخ بعالم الغيب كان بواسطة خوارق العادات في عالم الشهادة ، فعلى سبيل المثال كانت معجزة العصا زمن نبي الله موسى عليه السلام خرقا لقانون عالم الشهادة حيث صارت العصا الجماد حية تسعى ، وهو أمر مستغرب إذا ما تم الاقتناع به كان الاقتناع بغرابة عالم الغيب ممكنا أيضا . ويبدو أن المعجزات المتعلقة بعالم الشهادة كانت تناسب المستوى العقلي للبشرية في بعض مراحل تاريخها. ولما بلغت البشرية نضجها العقلي استوجب ذلك أن تختتم الرسالات السماوية برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، واقتضى ذلك أن تستبدل معجزات عالم الشهادة بمعجزات عالم الغيب بحيث يكشف النقاب عن عالم الغيب مباشرة عوض التدرج في إقناع الناس به عبر خوارق عالم الشهادة.

ولهذا عندما يقال إن القرآن هو أكبر المعجزات فالقضية لا تتعلق بمحض مديح وإطراء في حق هذا الكتاب المبارك وإنما هي حقيقة ذلك أن الله عز وجل فصل القول في عالم الغيب بما فيه من نعيم وجحيم بحيث إذا ضمت أوصاف هذا العالم المبثوثة في القرآن الكريم اكتملت صورة عالم الغيب في أذهاننا ، وكأننا نعاينه ونراه رأي العين. وحادثة الإسراء والمعراج تؤكد حقيقة عالم الغيب في القرآن الكريم من خلال معاينة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم له ، وبهذا يكون القرآن الكريم هو أكبر معجزة تناسب النضج العقلي للبشرية بحيث يمكنها استيعاب عالم الغيب دونما حاجة لخوارق من عالم الشهادة التي هي المعجزات. ولقد حاول الناس زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلبوا خوارق من عالم الشهادة كدلائل على عالم الغيب ، ولكن القرآن الكريم لم يسايرهم في رغبتهم لسبب بسيط وهو أنه كان يحدث في الماضي أن يقع التكذيب بالمعجزات مما يدل على تدني المستوى العقلي للبشرية .ومع تطور المستوى العقلي للبشرية مع آخر رسالة سماوية لم تعد الحاجة ماسة إلى معجزات عالم الشهادة لأن العقول صار بوسعها أن تصل إلى الاقتناع بعالم الغيب بمجرد الانطلاق من عالم الشهادة دونما حاجة إلى خرق العادة في هذا العالم. والله تعالى يقول لتأكيد استغناء البشرية مع حلول زمن آخر رسالة سماوية عن المعجزات : (( وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون )) فعذر الأولين في التكذيب بالمعجزات هو عدم نضجهم العقلي إذ لا يوصف بالعاقل من يرى العادة تخرق ولا يصدق الخرق ، ولا يقيس غرابة هذا الخرق بغرابة عالم الغيب المخالف لعالم الشهادة. وكان دأب الخالق سبحانه مع المكذبين بالمعجزات أقصى العقوبات فليس بعد تكذيب المعجزات إلا الدمار. ولما كان الله تعالى قد وعد رسوله الكريم بصرف العذاب عن أمته إذ يقول سبحانه : (( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم )) فما يترتب عن هذا الوعد هو الكف عن معجزات عالم الشهادة حتى لا يقع التكذيب بها فيكون ذلك سببا في حلول العقاب .

ومما يؤكد أن معجزة القرآن الكريم هي أكبر المعجزات على الإطلاق الوقوف عند خرق عادة إحياء الموتى وهي معجزة حيث وقعت هذه المعجزة في أزمنة متفرقة منها زمن إبراهيم عليه السلام كما قص ذلك علينا القرآن الكريم : (( وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى )) وقد أراه الله تعالى معجزة إحياء الموتى من خلال الطير الأربعة . كما قص علينا أيضا خبر معجزة إحياء الموتى زمن عزير (( أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه )). فقد يندهش الإنسان أمام هذه المعجزة سواء تعلق الأمر بإحياء الطير الأربعة أم بإحياء عزير وحماره ، ولكنه لا يلقي بالا لإحياء جميع المرسلين صلوات الله عليهم ليلة الإسراء والمعراج ليؤمهم محمد صلى الله عليه وسلم في صلاة ببيت المقدس ، و ليحييهم أو ليحاورهم في السماوات السبع .

فقد يبدو أمر إحياء أربعة من الطير وإنسان واحد وهو عزير وحماره محيرا ، ولكن الأغرب منه إحياء جماعة المرسلين وشأنهم أكبر من شأن الطير الأربعة وشأن عزير وحماره ، وبهذا تكون معجزة القرآن أكبر المعجزات على الإطلاق لأن خاتمة الرسالات يجدربها أن تكون ذات معجزات كبرى وأكبر مما سبق : (( لقد رأى من آيات ربه الكبرى )) والآيات ههنا بمعنى المعجزات ، والمعجزات الكبرى هي معجزات عالم الغيب من نعيم وجحيم كما وصفهما الله عز وجل في القرآن وكما عاينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج. ومن خلال أوصاف الرسول الأعظم لعالم الغيب تتأكد أوصافه في القرآن الكريم وتتأكد معجزة القرآن الكريم الذي انشغل بنقل عالم الغيب عوض أن ينشغل بإقناع الناس بعالم الغيب من خلال خوارق عالم الشهادة بعدما بلغت البشرية رشدها مع حلول خاتمة الرسالات. والحاصل من وصف القرآن الكريم لعالم الغيب هو التركيز على الجنة والنار وما بينهما من فوارق من حيث الحيز في سعته وضيقه ، ومن حيث المحتويات من قصور وغرق وما يقابلها من ظلل النار، ومن حيث المشروبات المتنوعة وما يقابلها من حميم ، ومن حيث الثمرات والمأكولات وما يقابلها من زقوم ، ومن حيث الألبسة الحريرية وما يقابلها من ثياب تقطع من نار ، ومن حيث أساور الذهب واللؤلؤ وما يقابلها من سلاسل وأغلال ، ومن حيث استقبال التكريم وما يقابله من قذف وسحب على الوجوه …. إلى غير ذلك من الأوصاف المتضاربة وأخيرا من حيث الخلد في النعيم والخلد في الجحيم . وإن الاقتناع بهذا العالم المغيب يتأتى من خلال دعوات القرآن الكريم للتأمل في آفاق عالم الشهادة وما يتضمنه من عجائب من اقتنع بها كان أشد اقتناعا بعالم الغيب دونما حاجة إلى خوارق من عالم الشهادة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *