خطبة : احترام المواعيد

بسم الله الرحمن الرحيم22/05/2009م
الموضوع : احترام المواعيدا
لخطبة الأولى:
الحمد لله مدبر الليالي والأيام، و مصرف الشهور والأعوام المتفرد بالعظمة و القوة على الدوام، المنزه عن النقائص ومشابهة الأنام، قدر الأمور فأجراها على أحسن نظام. و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أفضل الأنام صلى الله عليه وسلم وعلى سائر آل بيته و أصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. عباد الله!ـــ. أقسم الله عز وجل بأوقات وأزمنة ، لما لها من شأن عظيم ، فقال سبحانه » والعصر إن الإنسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات …| و الضحى والليل إذا سجى …| والفجر وليال عشر … ». و جعل سبحانه الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا ـ وجعل عدة الشهور اثني عشر شهرا ـ ّ ــ ثم حدد سبحانه وتعالى لنا مواعيد معه = في كل يوم خمسة مواعيد [ إن الصلاة كانت على المومنين كتابا موقوتا … ] = وموعد مع الله في عيد أسبوعي: [ يأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله …] = وموعد سنوي مع الله : [ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، فمن شهد منكم الشهر فليصمه …] = وموعد مع الله مرة في العمر بحج بيته لمن استطاع إليه سبيلا = وموعد كل إنسان للرحيل ..: [ وإذا جاء أجلهم لا يستاخرون ساعة ولا يستقدمون] .من هنا أيها المومنون والمومنات يتبين لنا أن الحياة ليست عبثا، والمواعيد عهود وأمانات » والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون »، السؤال: كيف نتعامل مع احترام المواعيد فيما بيننا ؟ وكيف نريد ممن لا يلتزم بمواعيد خالقه أن يحترم مواعيد المخلوقات؟ …ـــ إن احترام المواعيد سمة مميزة للمسلم الملتزم ، وإن احترام المواعيد من أهم عوامل النجاح في حياة البشر، وللمواعيد المضبوطة أهمية كبرى و ربما توقفت عليها حياة أشخاص ومستقبلهم،
* فلو أن طبيبا تخلف عن موعد مريضه !!! ، ** ولو أن الأستاذ تخلف عن موعد طلبته أو محاضرته !!! ، *
** ولو أن سائق الناقلات تخلف عن موعد السفر !!!،
**** وتخلف قائد الطائرة عن موعد الرحلة !!! الخ ، لسادت الفوضى وضاع الكثير من الخير. فهل أنت أيها المسلم ممن يلتزم بإحترام المواعيد بدقة ؟ قال أحد الشعراء:إذا قلت في شيء نعم فأتمـــــه فإن نعم دين على الحر واجبوإلا فقل لا تسترح وترح بها لئلا يقول النــــــاس إنك كاذبعباد الله إن احترام المواعيد وعدم الإخلال بها ـ/ إلا بعذر قاهر /ـ تطمئن الناس بعضهم إلى بعض وتربي الثقة في عهودهم والتزاماتهم . وقد مدح الله تعالى نبيا كريما بالصدق في الوعد فقال عز وجل : » { واذكر في الكتاب اسماعيل إنه كان صادق الوعد نبيا } ». وعلق عليها الإمام القرطبي بقوله : صدق الوعد من خلق النبيين والمرسلين وخلفه : من أخلاق الفاسقين والمنافقين … كما حث صلى الله عليه و سلم على الوفاء بالوعد، وجعل من يخلف الوعد متصفا بإحدى صفات المنافق فقال عليه الصلاة والسلام. آية المنافق ثلاث : < إذا حدث كدب، وإذا أؤتمن خان ، وإذا وعد أخلف > عباد الله ـ إن احترام المواعيد صفة الأنبياء والمرسلين ، والالتزام بها ، يحفظ الحقوق والأوقات فتحصل بها المصالح والمنافع…
فكيف بالله عليكم تتحقق المصلحة لمن يأخذ موعدا بالساعة والدقيقة.. وينتظر الساعات ؟ كيف تتحقق مصلحة طلاب علم ينتظرون محاضرة بموعد لا يأتي فيه المحاضر إلا بعد ساعة أو أكثر؟ كيف يمكن أن نطالب الناس بالثقة في من تعودوا منه إهانتهم وتضييع أوقاتهم ، وعدم التزامه بالمواعيد؟ إن عدم الالتزام باحترام المواعيد يشجع العابثين وأصحاب الأهواء ، ويثبط عزائم الجادين ويساهم في تخلف المجتمع بأسره. وبذلك يعتبر إخلاف المواعيد مرضا خطيرا يتطلب من المخلصين لدينهم و وطنهم التفكير في علاج ناجع, بوسائل منها : 1
ـ التربية الإيمانية ،
2ـ المصارحة وعدم المداهنة للذين يخالفون الوعود ويتخلفون ،
3ـ تشجيع الملتزمين ماديا و معنويا ،
4 ـ عدم انتظار المتأخرين وإنجاز الأعمال في مواعيدها المحددة،
5ـ تحديد المواعيد بدقة.فاعملوا عباد الله على ترسيخ احترام المواعيد بينكم وربوا عليها أبناءكم ـ وعلينا يا أمة القرآن أن نسترد ما ضاع منا من القيم ليسود الصدق والوفاء وتعود الثقة إلى النفوس التي لن يتغير حالها إلا بجهد وعزيمة. » إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم »، واعلموا أيها المؤمنون أن الوقت غال وثمين. وقد قالوا * [ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ] * فكما لا تحب أن يضيع أحد وقتك ،لا تضيع أوقات الآخرين ـ ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه ـ نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبكلام سيد الأولين والآخرين ويغفر الله لي ولكم ولكل عبد قال آمين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وعلى آله وأصحابه خير من صدق وأخلص ووفى.أيها المؤمنون والمؤمنات ، إن على الكيس العاقل أن يعلم أن كلا منا له موعدان ـ لا يمكن أن يخطئهما ـ ولا ينفع ندم من لم يعد نفسه لهذين الموعدين ، الموعد الأول بالساعة وبالدقيقة والثانية,هو: موعد الاحتضار وفراق هذه الدنيا، آنذاك يقول من فرط » { رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين } » فيكون الجواب » { ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها } « . والموعد الثاني موعد دخول الجنة او النار ، فيقول المفرطون » { ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل } » فيكون الجواب » { أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر؟ } » أيها المسلمون إن احترامك للمواعيد يربي فيك الاحترام لوقتك وأوقات غيرك ، و يربي فيك النظام والانضباط و يجعل لك مكانا بين الناس ، وتكون مأجورا على ذلك … وقد ربى نبينا صلى الله عليه وسلم أصحابه [ض] على احترام المواعيد والوفاء بالوعود ـ وهذا عبد الله بن مسعود كان ( إذا وعد فقال : إن شاء الله ، لم يخلف ) ـ وكان عمر رضي الله عنه يرتب أموره ليلا ونهارا ويقول : ( إن نمت الليل ضيعت نهاري ، وإن نمت النهار ضيعت رعيتي ) هكذا كانوا فبارك الله أعمارهم وأوقاتهم ـ وقاموا بأعمال عظيمة في أزمان يسيرة . وعلموا أن سلعة الله غالية وسلعة الله الجنة فعملوا لها وتاجروا وربحوا البيع ـ نسال الله أن يجمعنا بهم ويعيننا على الاقتداء بهم ـ < إن الله لا يخلف الميعاد >
.الدعاءـــــــــــــــــــــالحسين أشقرا ( الدار البيضاء




Aucun commentaire