ادْعِ مَعَاناَ
جاء في السنة أن « الدعاء مخ العبادة »، فحاجة المرء الملحة للتدخل الإلهي في أمور دنياه تفرض عليه دائما طلب العون والتضرع للخالق، من كان به دين سأل الله يقضيه له، ومن كان به همٌ دعا الله أن يزيل عنه همه ومن كان به ضيق أو مرض دعا الله…، لا غرو أن الذي يطول عليه العُسر يقصد الصالحين بالدعاء له.
وهذا كنت ألحظه حينما أقف مع إمام المسجد ويقف عليه كثيرُ من المصلين والأصدقاء ويقولون له « الفقيه الله يخليك ادع معانا »، وكثيرا من الناس من يطلب من الآخرين الدعاء خصوصا من يلتمس فيه الصلاح ويرى على وجهه أمارات التقوى والإيمان، عسى أن يستجيب له الله، وكأنه يشفع الصالحين فيه وبأعمالهم لعل الله ينظر في قلوب الصالحين ويستجيب لأمانيه، فكم دعا الله ولم يستجب له المجيب لحكمة يعلمها هو سبحانه.
وطلب الدعاء من الآخرين هو حاجة و إلحاح من نوع خاص في دق أبواب الاستجابة من طرق شتى، فالدعاء كما هو معلوم من العبادة بالضرورة باعتبار الدعاء في ظهر الغيب من موجبات الاستجابة والقبول، وكأن الداعي حينما يقول لصديق أو الوالد أو إمام مسجده، » ادع معانا » يقول يا الله استجب لدعائي فإن لم تستجب لكثرة ذنوبي فاستجب لهذا الذي أظنه صالحا فاشفع لي واستجب لي بسبب صلاحه »، وإن يرى البعض أنه تواكل الآخرين على البعض الآخر في مسألة الدعاء نتيجة قنط من رحمة الله وعدم الإلحاح على الخالق كما يدعون الرسول في الإلحاح بقوله : »أن الله يحب العبد الملحاح »، فآخرون يرون طلب الدعاء لهم مسألة مصيرية وحاجة جد ملحة تقتضيها الضيق في أمور الدنيا، وهذا السند له تأصيل في سنة النبي لمَاَّ كان يأتي بالأطفال ويطلب منهم أن يُؤَمِنوا وهو يدعوا الله، كما أن أناسا خصهم الله بالإجابة كما في الحديث الشريف: « أشعت أغبر لو أقسم على الله لأبره »، حيث لا يدري أحدنا مَنْ مِنَ الناس له الاستجابة فعلم الله بما في قلوب هؤلاء من صلاح فاصطفاهم بالاستجابة.
أحدهم قال لي: أكتب أسماء كل من طلب مني الدعاء وأسجلها بمذكرة أو ورقة حتى لا أنساه، وأجدها فرصة مواتية ليتقبل الله مني الدعاء أنا أولا، يقينا منه أن ملكاً بمجرد أن يدعوا ربه يقول له من فوق رأسه ولك مثلها.
يقول: لهذا تجدني أفرح حينما يطلب مني الدعاء وتكون لي فرصة ضرب عصفور بأحجار عديدة، الدعاء له بالغيب، والدعاء لي في نفس الوقت، وإضافة لهذا وذاك أجمع كلا الأجرين..،
لهذا يحترس الواحد منا حينما يدعوا الله فلا يدعوا على الناس بالشر وبالمصيبة، لأن من دعا سواء بالخير أو بالشر وكَّل الله له ملكا يقول: ولك مثلها. فإن كان خيرا أو شرا على السواء قد يصيب الداعي إحداهما.
فظاهرة « ادع معانا » تنم عن وعي ديني لدى الناس يستشعرون حقيقة الدعاء وطلب العون من الخالق، وتقال كثيرا ما حينما ينتهي الناس من الكلام ويكون الفراق بينهم، فيكون الختام على تبادل طلب الدعوات، فيقول كل واحد من المجتمعين، يا فلان: الله يخليك « ادع معانا »، والآخر يرد عليه ولا تنسانا أنت كذلك من دعائك…
وعلى هذا نفترق ونجعل الختام مسكا ونجعلها سنة حميدة، الله يخليك « ادع معانا ».
2 Comments
اللهم شفع فينا خيارنا والصالحين منا واعطنا من خير ما سألك عبدك ورسولك صلى الله عليه وسلم اللهم من كانت له حاجة من حوائج الدنيا أو الآخرة لنا فيها صلاح ولك فيها رضى فاقضها لنا يا جواد يا كريم اللهم إنه لا يعجزك أن تعطي كل واحد من خلقك ما يريد ولا ينقص ما تعطي كل واحد من خزائنك وفضلك فجد يا سيدي علينا بجودك الذي لا ينفد وارحمنا فقد وسعت رحمتك كل شيء اللهم آمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين
جزاك الله خيرا