Home»Islam»خلاصة فرصة رمضان الاستشفائية \

خلاصة فرصة رمضان الاستشفائية \

0
Shares
PinterestGoogle+

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا.
أما بعد أيها الإخوة المؤمنون ، أيتها الأخوات المؤمنات تقبل الله صيامكم وقيامكم وعيدكم مبارك سعيد
نواصل إن شاء الله تعالى سلسلتنا الرمضانية ، وقد انطلقنا من تصور مفاده أن رمضان الكريم عبارة عن فرصة استشفائية وعلاجية مركزة تأتي مباشرة بعد عرض الله عز وجل لأعمال عباده في شهر شعبان ، فيكون ذلك بمثابة فحوصات وكشوف تكشف عن علل المعاصي والذنوب عند العباد ، ويخضع بعدها مرضى بالذنوب والمعاصي لتطبيب مركز ومكثف خلال شهر رمضان ب واسطة وصفات دوائية تتمثل في جرعات دواء الصيام نهارا وجرعات دواء القيام والقرآن ليلا ، وجرعات دواء الإنفاق ليلا ونهارا سرا وعلانية.
وتكون نتيجة هذا التطبيب المركز هي حالة صحية يسميها الله عز وجل التقوى، لهذا تعبدنا بشهر رمضان فقال عز من قائل : [ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات ]. والتقوى وهي الحالة الصحية المقابلة للحالة المرضية المتمثلة في المعاصي والذنوب تتحقق بالعبادة ، وهي طاعة الله تعالى فيما أمربه ، وفيما نهى عنه مصداقا لقوله تعالى : [ يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ] فمطلق العبادة يؤدي إلى التقوى ، ولما كان رمضان جزءا من العبادة فإنه يحقق غاية التقوى.
والتقوى مشتقة من المادة اللغوية وقى يقي وقيا ووقاية وواقية بمعنى صان وكلأ وحفظ ، ومنها اتقى بمعنى حذر ، وتوقى بمعنى تجنب. والله تعالى أنعم علينا بوسائل للوقاية كما جاء في الذكر الحكيم :[ وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر و سرابيل تقيكم بأسكم ] فالوقاية من الحر تتأتى بالألبسة ، والوقاية من بأس السلاح تتأتى بالدروع. كما أن الله عز وجل أمرنا بوقاية أنفسنا من النار فقال جلت قدرته : [ يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا] وهذه الوقاية من نار جهنم هي ما تحققه التقوى ذلك أن الذي يعبد ربه على الوجه المطلوب من خلال طاعة تامة كاملة يأتمر صاحبها بأوامر الله وينتهي عن نواهيه يكون قد صان نفسه من غضبه ونقمته المفضية إلى النار ، وبالتالي يكون قد وقى نفسه من هذه النار.
والتقوى ليست مجرد كلمة فضفاضة كما قد يتصور البعض بل هي كلمة تحيل على أفعال معلومة. والمتأمل لكتاب الله عز وجل يلاحظ أن كلمة التقوى تأتي مقترنة أو معطوفة على أفعال إذا ما ضمت إلى بعضها كانت النتيجة هي التقوى ، وبهذا نصير أمام شبكة أفعال إجرائية نقيس عليها سلوكاتنا لمعرفة قربنا أو بعدنا عن حالة التقوى الصحية.
فالله تعالى جعل غاية النبوات هي تحقيق التقوى لهذا نجد كتابه الكريم يقص علينا نبأ المرسلين وهم يدعون أقوامهم للتقوى ومن ذلك قوله تعالى : [ إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون ] وتتكرر نفس الصيغة مع أنبياء الله صلوات الله عليهم وهم : هود ، صالح ، لوط ، وتتغير الصيغة مع شعيب فيقول الله تعالى : [ إذ قال لهم شعيب ألا تتقون ] ومع إلياس فيقول الله تعالى : [ وإن إلياس لمن المرسلين إذ قال لقومه ألا تتقون ] . ونفس الغاية تتكرر مع آخر الرسالات حيث يقول الله تعالى : [ قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلكم تتقون ].
وعندما نستعرض الأفعال الإجرائية العملية المقترنة بذكر التقوى في كتاب الله عز وجل نجد ما يلي:
ـ اقتران التقوى بالإيمان والعمل الصالح والإحسان لقوله تعالى : [ إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا ].
ـ اقتران التقوى بالإصلاح لقوله تعالى : [ فمن اتقى وأصلح ] ـ اقتران التقوى بالعطاء والتصديق بالدين لقوله تعالى : [ فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى ] ـ اقتران التقوى بالصبر والمصابرة والرباط لقوله تعالى : [ اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله ] ـ اقتران التقوى بأداء الأمانة لقوله تعالى : [ فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ] ـ اقتران التقوى بالقول السديد لقوله تعالى: [ فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا ] ـ اقتران التقوى بترك الربا لقوله تعالى: [ اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ] ـ اقتران التقوى بالتعاون على البر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان لقوله تعالى: [ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله ] ـ اقتران التقوى بالصدق لقوله تعالى : [ اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ] ـ اقتران التقوى بإصلاح ذات البين لقوله تعالى: [ فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ] ـ اقتران التقوى بعدم طاعة الكفار والمنافقين لقوله تعالى: [ يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين ] ـ اقتران التقوى بطاعة الرسول لقوله تعالى : [ ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله] ـ اقتران التقوى بالسمع والطاعة لقوله تعالى : [ واتقوا الله واسمعوا ] ـ اقتران التقوى بالتذكر عند الخطأ لقوله تعالى : [ إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ].
فهذه نماذج من الأوامر والنواهي المقترنة بالتقوى ، وعليها تقاس كل أوامر ونواهي القرآن الكريم ، وهي الأفعال المحققة للتقوى ، وهي الحالة الصحية التي يستهدفها شهر رمضان من خلال دورته العلاجية الاستشفائية المركزة في أيام معدودات.
وقد جعل الله تعالى للتقوى جزاء معجلا في الدنيا يتمثل في معيته لقوله تعالى : [ إن الله مع الذين اتقوا] وغاية كل مؤمن المعية الإلهية التي هي عبارة عن كنف لا يضام ولا يرام، كما يتمثل في المخرج واليسر والرزق عندما تضيق الدنيا على الإنسان أو يضيق بها أو يضيق به الرزق لقوله تعالى : [ ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا] أو قوله : [ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب]. ومن جزاء التقوى في العاجلة أيضا ضمان الله عز وجل لطالب العلم بالتمكن منه لقوله تعالى: [واتقوا الله ويعلمكم الله ].
أما جزاء الآخرة فنختصره في قوله جل من قائل: [ للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار] وهي الأجر العظيم لقوله تعالى : [ للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ].وحسب المؤمن فوزا أن يقي نفسه النار لقوله تعالى :[ فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز]والله تعالى تعهد بنجاة المتقين من عذاب الجحيم فقال سبحانه وتعالى : [ ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا].
أيها الإخوة المؤمنون ، أيتها الأخوات المؤمنات تلكم دورة رمضان الاستشفائية العلاجية السنوية التي تحقق حالة التقوى الصحية ، وتعالج حالة المعصية المرضية ، فحافظوا على نقاهتكم بعد دورة العلاج

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *