ذ.مصطفى بنحمزة: لسنا ضد القراء ة الحداثية للنص القرآني ولكننا ضد الجهل
أكد فضيلة الأستاذ مصطفى بنحمزة في محاضرة بعنوان « منهج النظر في القرآن الكريم » أن هناك تيارات متعددة تصر على القراءة الحداثية للقرآن الكريم وان من قواسمها المشتركة أنها ليست من هذه الجهة وبالتالي فهي لا تعرف القرآن وبيئته وأهله. وأوضح أن الهدف منها هو تعطيل سريان النص القرآني في الزمان كما حاولوا تعطيله في الوضوعات ، مما عبر عنه بالرغبة في « حجز النص ومنعه من الاقتراب من القضايا المعاصرة ». وأضاف رئيس المجلس العلمي المحلي لوجدة « إننا نرحب بكل تجربة ثقافية ، لكن نتخوف من إحداث الارتباك في التناغم الاجتماعي »، لأن هذه الحملة في نظر المحاضر لها آثار عقدية وأخلاقية وسلوكية، مضيفا أن النص القرآني ليس نصا شعريا يقبل جميع القراءات. وخلال هذه الحلقة العلمية التي نظمها مركز الدراسات والأبحاث بوجدة يوم الجمعة الماضي ، صرح الأستاذ بنحمزة أنه بصدد الكتابة في هذا الموضوع محاولا تتبع كل التجارب التي قالت إنها فهمت النص القرآني وأن كل أن السابقين لم يفهموه على الوجه الصحيح مقترحا على الباحثين مشروعا فكريا حول « علم النظر في النص القرآني » .
قراءة النص في نظر بنحمزة تحتاج إلى عدة علوم كالبلاغة وعلم التفسير والناسخ والمنسوخ وعلم أصول الفقه…
وإلا فإن القارئ لن يدرك الغاية من التكرار مثلا في قوله تعالى « فبأي آلاء ربكما تكذبان » مما يجعل مقولات الحداثيين تثير الضحك لأنهم لا يعرفون « التأكيد والتأسيس » في اللغة العربية.
إن المدرسة التفكيكية ألغت الكاتب وقالت إن النص الواحد يتعدد فهمه بتعدد الأنفاس الشخصية وبالتالي أضاعت المعني. وهذا لا يمكن تطبيقه على النصوص التي تقود الحياة كالقوانين وبنود التشريع حيث يجب ضبط عملية الفهم.
إن تفسير ما بعد الوحي قد يوجد فيه بعض الاختلاف لكن هذا لا يشكل ظاهرة تجعلنا نقول إن المعنى غير موحد. إن التعابير والإطلاقات هي التي تختلف فقط ،وهذا اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد. وقدم المحاضر مثالا على ذلك بتعريف العسل، فهو عند البعض شراب حلو، وعند أخرين ريق الزنابير وعند الأطباء مشروب له خصائص طبية معينة… وكذلك فإن كل مفسر لا حظ جانبا من المعنى فركز عليه. وأورد المحاضر مثالا على ذلك في قوله تعالى:
« فمن أعرض عن ذكري، فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ». فقد يكود الذكر في « ذكري » بمعنى القرآن الكريم أو بمعنى التحميد والتمجيد… وكذلك معنى « الصراط المستقيم »، فقد يعني بالقرآن أو الإسلام.. ولكن في الأصل المعنى واحد .ثم تعريف « المقتصد » و »الظالم لنفسه » و »السابق بالخيرات »، فبعض المفسرين اعتمدوا التفسير بالمثال فقالوا إن المقتصد في الصلاة هو من يقتصر على الفرائض…إلى غير ذلك. والخلاصة هي « مهما تنوعت هذه التفاسير، فإنها تصب في معنى واحد ». وبالتالي فالادعاء أن النص القرآني تعرض لتأويلات متباينة أو متضاربة هو محض جهل أو افتراء حسب الأستاذ بنحمزة.
بعد ذلك عرج فضيلته على أنواع التفاسير قائلا بأنها إما تفسير بالمأثور/المنقولات أوتفسير بالرأي. والمنقولات فيها ما هي غير محسومة كلون كلب أهل الكهف، أو طول سفينة نوح عليه السلام والخلاف فيها لا يضر لأن الدين غير متوقف عليها. ومنقولات وردت على لسان الصحابة وهي أقرب إلى الصحة لأنه لم يكونوا يروون على أهل الكتاب وأغلب ما نقلوه كان من عند رسول الله. واغتنم المحاضر هذه المناسبة للإشارة إلى أن التشكيك في أبي هريرة معناه إلغاء 5300 حديث، فهو رغم أنه أسلم متأخرا في خيبر إلا انه نقل عن الصحابة.
ما هو المنهج إذن؟ يجيب المحاضر « إذا تعددتا الروايات رغم تباعد المسافات وعلمنا عدم تواطؤ الرواة فمن المنطقي أن يكون الخبر صحيحا. »
بعد التفسير بالمأثور ينتقل المحاضر إلى التفسير بالرأي، الذي ظهر فيما بعد مرحلة الصحابة وقد وقع فيه تباين واختلاف لسببين:
1-وجود أناس اعتقدوا آراء ومذاهب معينة ثم فرضوها على القرآن الكريم وحاولوا تطويع النص كما فعل المعتزلة والشيعة والخوارج والباطنية…وأورد على ذلك مثال « الكشاف » للزمخشري، والذي فيه دسائس من المذهب الاعتزالي لا يتنبه لها إلا أهل الاختصاص.وعلى نفس المنوال ، حاول بعض المعاصرين إسقاط الشيوعية على القرآن الكريم كالدكتور محمد شحرور. وهناك تفاسير صوفية إشارية وهي نوع من الشطحات أو الخيال المجنح. مثال ذلك تفسيرهم قوله تعالى »اخلع نعليك » ب »الكتاب والسنة »؟
إن بعض الاتجاهات الباطنية أجهضت المعنى الظاهري، فقالوا مثلا بأن الحج هو التوجه إلى الإمام المعصوم. ولكن العلماء كأب حامد الغزالي تصدوا لهم وكتبوا في فضائحهم. الاتجاهات الباطنية حسب بنحمزة هي عدوانية مثلها مثل بعض الحداثيين الذين يزعمون أنهم فهموا النص وأن الأولين لم يفهموه.
وفي ختام كلمته ، أرجع الأستاذ بنحمزة أخطاء القراء الحداثية إلى نقطتين. أولا ، أغفلت أن النص إلهي و
حينما لا نستحضر في النص أنه إلهي لا يمكن فهمه أبدا، وهذه خصوصيته. فعلى القارئ أن يعتقد أنه ليس خطابا بشريا وأنه يتجاوز حتى النبي صلى الله عليه وسلم في الآية « عفا الله عنك لم أذنت لهم ».
2-العامل الثاني في هذا الخطأ هو التعامل مع اللغة تعاملا بسيطا لا يراعي خصوصية اللغة القرآنية.ف »موجود » بالنسبة للخالق: صفة مشبهة وبالنسبة للكون اسم مفعول. ومن هنا كنا في حاجة إلى قراءة النص القرآني من معجمه الخاص، كمفردات الراغب الأصفهاني مثلا …وليس من المعاجم اللغوية العادية.
ونبه أن هؤلاء هم أصحاب نحل ومذاهب واتجاهات ويريدون أن يفرضوا ذلك على النص القرآني، كما حاول المعتزلة قديما والشيوعيون حديثا…إنها إسقاطات وليس تفسيرا في نظره وأن « أنسنة النص القرآني » مقولة خاطئة وهي اعتداء على القرآن الكريم.
محمد السباعي/التجديد
1 Comment
inda bidayate alayahe oiman aerada .ne pa FAMAN AERADA…CHOKRANE