Home»Islam»سلسلة المواعظ الرمضانية

سلسلة المواعظ الرمضانية

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت إذا شئت تجعل الحزن سهلا . أيها الإخوة المؤمنون ، أيتها الأخوات المؤمنات تقبل الله صيامكم وقيامكم. أما بعد ، لقد أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء الآتي : [ اللهم بارك لنا في شعبان وبلغنا رمضان ] والظاهر من هذا الدعاء النبوي أن لشعبان شأنا حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم لطلب البركة فيه ، كما أن لرمضان شأنا أيضا جعل النبي الكريم يتمنى بلوغه ، فما هي حقيقة شأن الشهرين العظيمين ؟؟ معلوم في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن شهر شعبان هو الشهر الذي تعرض فيه أعمال العباد على الله عز وجل ، لهذا كان الرسول الأعظم يكثر من الصيام فيه فلما سئل عن ذلك قال : [ إنني أحب أن يعرض عملي على الله عز وجل وأنا صائم ] ودعاؤه صلى الله عليه وسلم بالبركة في هذا الشهر معناه طلب النماء والزيادة لعمله الصالح عندما يعرض على رب العزة ، كما أن دعاؤه ببلوغ رمضان معناه الرغبة في الفوز بفرصة ثمينة للزيادة في عمل الخير، أو الفوز بفرصة لتدارك ما فات من عمل الخير.

 ومن بلغه الله تعالى شهر رمضان فقد مكنه من فرصة غالية لا تعوض لأن الإنسان بطبعه خطاء، والأخطاء تجتمع عليه كما يجتمع الحطب عند الحاطب. وما أكثر ما يحتطب الإنسان من المعاصي بكل جوارحه طيلة حول كامل. ولو استعرض الواحد منا عمله في شهر شعبان ، وكان من الأكياس والعقلاء لوجد الكثير من المعاصي والقليل من الطاعات . وما أجدر من كان هذا حاله أن يتمنى بلوغ رمضان ليستفيد من دورة استدراكية تخلصه من أوزار المعاصي التي تثقل كاهله. وحال الإنسان أثناء عرض عمله على ربه في شعبان شبيه بحال من يعرض نفسه على الفحوصات الطبية الأولية المتنوعة قبل أن يخضع للعلاج. وبهذا التصور يكون الإنسان شبيها بالمريض مرضا عضويا وإن كان المرض الذي نقصده مرضا معنويا يتعلق بداء المعاصي المزمن. فعرض أعمال الإنسان على الله عز وجل في شعبان هو عبارة عن فحوص تكشف عن مدى استفحال داء المعاصي عنده. وهذه الفحوص هي التي تحدد طبيعة العلاج الموصوف لكل حالة من الحالات المرضية. وهكذا نجد رمضان عبارة عن فرصة استشفائية يخضع فيها الإنسان لعلاج مركز على ضوء فحوصات شعبان. وقد اختار الله عز وجل للإنسان في هذا العلاج وصفتين، وصفة بالنهار تتمثل في الصيام، ووصفة بالليل تتمثل في القيام تماما كما يصف الأطباء في وصفاتهم جرعات الدواء للمرضى، جرعات الليل والنهار. قد يخطر ببال الكثيرين عندما يسمعون قول الرسول صلى الله عليه وسلم : [ صوموا تصحوا ] الصحة المرتبطة بالأمراض العضوية فقط دون الأمراض المعنوية من قبيل أمراض المعاصي المزمنة ، والحقيقة أن أمراض المعاصي هي المستهدفة أولا ، ثم تاليها الأمراض العضوية لأن الكثير من أطباء الجهاز الهضمي يصفون لمرضاهم الصيام كوقاية أو كعلاج. ومما يؤكد أن الصحة التي يستهدفها الحديث الشريف هي الصحة المعنوية قبل العضوية قول الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم :

[ الصوم جنة ] فالجنة وقاية، والوقاية ذات صلة بالعلاج، وقد درج الناس على تفضيل الوقاية على العلاج في أقوالهم إذ تسبق الجنة حدوث العلة. وجنة الصيام مادية ومعنوية في نفس الوقت . ولا أدل على معنوية هذه الجنة أو الوقاية قوله صلى الله عليه وسلم مخاطبا الشباب : [ يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء] ومعلوم أن الوجاء هو الإخصاء .فإذا كانت التيوس والكباش تخصى ، وهذا موجود في كلام العرب حيث يقولون: وجأ فلان تيسه أو كبشه بمعنى أخصاه ‘ فإن الصوم يخصي إخصاء معنويا وليس حقيقيا كما يفعل بالبهائم بحيث يضعف شهوة الجنس بسبب نقص الطعام والشراب. والجسم إنما يتقوى بالطعام والشراب ، وهذه القوة قد توظف لتزكية النفس أو لتدسيتها بالتعبير القرآني [ قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ].

ومعلوم أن الإنسان في حالات الضعف البدني يكون أقل استعدادا للمعاصي كما هو حال المريض الذي يكون طريح الفراش فإن همته تفتر فلا يفكر فيما يفكر فيه الصحيح المعافى في بدنه . وما أقرب القوي في بدنه من المعاصي وما أقرب الضعيف في بدنه من الطاعات مصدقا لقوله تعالى : [ كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى] فالاستغناء بقوة البدن تجعل الإنسان يطغى ، وما الطغيان إلا اقتراف المعاصي. إننا إذن بصدد حالة مرضية تعرف بمرض المعاصي والتي تستوجب دورة استشفائية أو علاجية خاصة ومركزة في فترة معلومة ، وهي الفترة التي نعتها الله عز وجل بالأيام المعدودات التي تعبد فيه خلقه بالصيام من أجل تحقيق غاية الصحة المعنوية التي سماها التقوى والتي تقابل العلة المعنوية التي هي المعاصي وهو ما عبر عنه الوحي بقوله تعالى : [ يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أيام معدودات ]. وتتجلى القوة الاستشفائية لرمضان في قدرته على تطعيم الإنسان بواسطة جرعة الصيام ذلك أن الذي يتدرب على ترك المباحات خلال كل أيام الحول من أشربة وأطعمة وعلاقات جنسية في فترة معلومة ما بين الفجر والمغرب يكون أقدر على ترك الممنوعات منعا أبديا من أشربة وأطعمة وعلاقات جنسية محرمة. فيكون الصيام هو التطعيم الظرفي النافع خلال باقي أيام الحول. والصيام باعتباره إمساكا يحقق خلال النهار ضعفا بدنيا يحول دون التفكير في المعصية.

وإذا ما استرجع البدن قوته بعد الإفطار تأتي جرعة القيام ، وهي عبارة عن توظيف قوة البدن المسترجعة بعد ابتلال العروق توظيفا رشيدا حيث تصرف لسماع كلام الله عز وجل وتوجيهاته ، وفيها وقاية من داء المعاصي المهدد للإنسان عوض أن تترك دون توجيه فتصرف الصرف غير السليم مع وجود الاستعدادات الفطرية لذلك كما بين الله عز وجل في قوله تعالى : [ ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ] فالتسوية الإلهية لخلق الإنسان هي ضمان التوازن بن استعداداته الفطرية للطاعة والمعصية . وقوة البدن التي مصدرها الطعام والشراب قد توظف للطاعة كما هو الحال في القيام أو توظف في المعصية كما هو الحال في اللهو، لهذا جاء القيام مباشرة بعد الصيام ليكمل دوره في إخضاع الإنسان للعلاج الرمضاني المركز والذي يدوم مفعوله طيلة السنة إذا ما تم تناول جرعات الدواء حسب توصيف الله عز وجل وتوصيف رسوله صلى الله عليه وسلم. وكما ينصح الأطباء المعالجون مرضاهم بتجنب تعاطي مفسدات الدواء خلال فترة الاستشفاء كذلك يحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من إفساد جرعة دواء الصيام بقوله صلى الله عليه وسلم : [فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يسخب أو يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم ] فقوله:  » إني صائم  » بمثابة قوله : أنا تحت العلاج ، ولا يمكنني أن أتعاطى الداء مع الدواء ، أو بالتعبير الديني أنا في طاعة ولا يمكنني أن أكون في معصية في نفس الوقت.

 وقد يظن الكثيرون أن مجرد الإمساك عن الطعام والشراب يحقق العلاج، وهو أمر غير صحيح ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لنا أن العلاج يكون بترك ما يفسده تماما كما تفسد مثلا بعض الأطعمة أو الملوحة أو الحموضة أو غيرها…. بعض الأدوية إذا ما تم تناولهما معا في نفس الوقت. وقوله صلى الله عليه وسلم المؤكد لذلك هو : [ من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ] والزور إنما هو الانحراف عن الحق سواء كان ذلك بالقول أم بالفعل ، والانحراف عن الحق هو الوقوع في المعاصي ، وهي العلة التي يعالجها رمضان ويقي منها. ومفسدات العلاج الرمضاني هي كل المعاصي على اختلاف تصنيفاتها والتي ذكرت الأحاديث النبوية منها عينات من قبيل الرفث والصخب والزور. فكل ما يعتبر معصية يكون من مفسدات العلاج الرمضاني بجرعاته النهارية والليلية ، أو من مفسدات الدورة الاستشفائية الرمضانية. وأخيرا لا بد من التنبيه إلى أن بعض الجهات تريد تفريغ رمضان من محتواه العلاجي من خلال اختزاله في أطعمة و أشربة تشتهى بالنهار في ساعات الجوع والعطش أو أثناء تعاطي جرعة الصيام، وفي سهرات تشتهى بالليل أثناء جرعة القيام. ولقد ذكر بعض العلماء أن الجهات المعادية للإسلام كانت في بعض مراحل التاريخ وراء صرف الناس عن علاج رمضان كما فعل نابليون بونابارت الذي سن للمصريين اللهو خلال ليالي رمضان لصرفهم عن علاج القيام وكان يشارك بنفسه في هذا اللهو. وعلى وتيرة نابليون يمضي غيره لاختزال رمضان في مأكولات ومشروبات تشتهى وتتنافس فيها مختلف الأقطار ، وفي سهرات كما تقدم وسائل الإعلام رمضان في شتى الأقطار الإسلامية. كل ذلك لتفويت فرصة علاجية ثمينة على المسلمين الذين يعيشون باعتقاد مفاده أنهم يمضون فترة اختبار في هذه الحياة ومن خلال دورة استدراكية وحيدة ليس بعدها من فرص، وفي فترة عمر قصيرة من أجل الفوز برهان استرجاع امتياز مكانة الإقامة في جنة الخلد. وهو امتياز كان للإنسان دون سعي منه أو اختبار له في بداية الأمر ، فلما كانت منه الخطيئة أعطي فرصة استدراكية لإثبات شفائه من مرض المعاصي قبل الظفر بالإقامة في جنة الخلد التي لا يسمح فيها للمرضى بداء المعاصي بالإقامة فيها ، وقد أعدت خصيصا للأصحاء بطاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. Saleh eloujdi
    09/09/2008 at 00:36

    Pourkoi et million pourkoi vous consacrer ces lessons uniquement pour le mois ramadan?
    Est ce que les autres mois de l’année ne sont pas valables pour intensifier la présentation de ces leçeons religieuses
    c’est la contradiction toute claire .

  2. lotfi meherzi
    20/09/2008 at 19:04

    شهر رمضان ليس كبقية الأشهر فيه نزل القران هدى

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *