Home»International»سلطة الإعلام

سلطة الإعلام

0
Shares
PinterestGoogle+

مما لاشك فيه، أن القفزات التقنية الكبرى التي شهدها مجال الاتصالات بشتى أصنافه ساهم في نشر المعرفة وانفتاح المجتمعات على بعضها البعض، إلا أن هذا الانفتاح أحادي الوجهة، انفتاح على الغرب وقيمه. ذلك أن ميدان الإعلام والاتصال تهيمن عليه دول أوربا وأمريكا بالخصوص، مما يسمح لها بفرض قيمها الثقافية وجعلها قيما كونية، تتعامل بها وفي إطارها جل دول العالم، وأنه لا مجال على هذا الأساس للكلام عن ثقافات وطنية أو عن خصوصيات محلية

إن الإعلام أصبح يتحكم في ميولات واتجاهات الأفراد بل وأيضا "صنع" أحكامهم حول ذاتهم. بمعنى الاستعمار في ثوب العلم والمعرفة، غزو واختراق للدول الضعيفة ثقافيا واقتصاديا… وغسل للأدمغة وشحنها بمفاهيم وقيم أمريكية بالخصوص. إن هذا الكلام لا يعني الوقوف ضد الإعلام والتكنولوجيا، بل هو وقفة للتحسيس بالخلفية الفكرية والمخططات التي توجّه الرأي العالمي وما له من انعكاسات على جميع الأصعدة: الروحية، والفكرية، والاقتصادية وعلى هوية المجتمعات بصفة عامة

ومع التطور الهام الذي شهده مجال الإعلام والاتصال راجت مجموعة من المفاهيم والمصطلحات، كما لم يعد لبعضها الذي كان سائدا فيما قبل أي مدلول أو قيمة في الوقت الحاضر. إن ضبط المفاهيم أمر أساس، لأنه يعبر عن وعي الأفراد والمجتمعات وامتلاكهم القدرة على اكتشاف مكامن الضعف والقوة، ولكن للأسف ثقافتنا ثقافة القطيع، إذْ سلَّمنا حريتنا حتى في التفكير للآخرين وأصبحنا مجتمعات مستهلكة لكل شيء

في هذا المقال نقف حول مفهوم يتداوله الجميع "القرية العالمية": فما حقيقة هذا الوصف ؟

أطلق على العالم "القرية العالمية" للتعبير عن تنقل الأفكار والمعلومات والصور والأموال.. متجاوزة الحدود الجغرافية والسياسية للدول، وأنها لم تعد حاجزا أمامها بفضل ثورة الاتصالات والمعلوميات التي قضت على أهمية المكان. إن مصطلح "القرية العالمية" يحمل في طياته الشيء الكثير، وتحرّكه خلفية استعمارية عدائية، فهو "يتبنى أطروحة تنقل -بدون حدود- السلع والخدمات والرساميل، وضرورة تقليص التشريعات القُطرية والممارسات المناقضة لليبرالية وللحرية الفردية". إن "القرية العالمية" دعو لجميع الدول لإلغاء سيادتها أمام الاقتصاد الرأسمالي والخضوع لإيديولوجيا معينة نموذجها الغرب وبالخصوص أمريكا التي تسعى إلى بسط هيمنتها الثقافية على العالم بعد أن سيطرت على السياسة والاقتصاد

إن التقدم التكنولوجي المعاصر، وإن كان قد قلل من القيمة الجغرافية والسياسية للحدود في العلاقة بين الأمم والشعوب، إلا أنه زاد من تعاظم هذه القيمة على المستوى الحضاري، بحيث أصبحت رؤية الشعوب لذاتها في مواجهة الشعوب الأخرى أكثر عمقا وأصبح تأكيد الذات في مواجهة الآخر قضية استراتيجية ومطلوبة، بل ومركزية

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. م . الهام
    16/06/2006 at 18:56

    تحليل رائع … وكان سيكون اروع لو تم التطرق لكل الأيجابيات والسلبيات …
    فوالله ان جريدة وجدة سيتي تقدم لنا بالفعل مقالات جد مهمة فمزيدا من التقدم … ونشكركم على المجهودات التي تبذلونها … حتى اصبحت مدينة وجدة معروفة الآن على المستوى العالمي بفضلكم

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *