في الوقت الذي مازال الغضب الجماهيري الأسلامي لم يهداء بعد جراء الرسوم المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي الوقت الذي اعلنت فيه دولة الدانمارك انها وفرت كامل الحماية الأمنية  للمسؤولين على الصحف التي نشرت الرسوم المسيئة للرسول الكريم ،  وفي الوقت الذي اعلن فيه الأتحاد الأوروبي تضامنه الكامل مع دولة الدنمارك ، واعلن هذا الأتحاد ان حرية التعبير وحرية الرأي  لا يمكن ان تكون موضع مناقشة في الدول الأوروبية ، وان حرية التعبير والرأي مكفولة للكل … في هذا الوقت بالذات تصدر محكمة الجنايات  بالمنطقة الثامنة  في العاصمة النمساوية فيينا حكما قاسيا على الكاتب البريطاني  ديفيد ايرفينج بتهمة انكار المحرقة اليهودية حيث  وبمقتضى هذه التهمة اصدرت المحكمة المذكوة حكمها بالسجن ثلاث سنوات نافذة …
      هذا ولقد جرت المحاكمة تحت تغطية اعلامية مكثفة ، وتحت اجراءات امنية  كبيرة … وسط مناقشات حادة حول التناقضات الأوروبية ، وسياسة الكيل بمكيالين ، ففي الوقت الذي تعتبر فيه اوروبا ان الأساءة الى الرسول الكريم  يدخل في اطار حرية التعبير والرأي  في هذا الوقت بالذات تصدر محكمة اوروبية حكما قاسيا  على مفكر ومؤرخ  بمجرد انه انكر او شكك في المحرقة اليهودية …وهذا ما اثار الغضب من جديد في صفوف الجماهير الأسلامية التي اعتبرت اوروبا  تستفز بشكل واضح مشاعر المسلمين وتستهين بشكل صريح بكرامتهم ، في الوقت الذي  لاتسطيع اوربا رفع صوتها فوق صوت اسرائيل ، بل تعتبر اوروبا  وقبل ذلك امريكا كل ما يتعلق ، وكل ما يرتبط باسرائيل مقدس ، حتى الحديث عن التسلح  النووي الأسرائيلي لا أحد يملك الجرأة في ذكره او الحديث عنه او مجرد التلميح له ، في الوقت الذي بدأ الغرب ، كل الغرب  يكرر مع ايران نفس السيناريو العراقي " وكذبة اسلحة الدمار الشامل العراقية " التي استعبطت بها الولايات المتحدة العالم أجمع بمن فيه هيئة الأمم المتحدة ، والعالم العربي ، الذي هو نفسه صدق الكذبة الأمريكية البريطانية ، فؤكل  الثور الأبيض وهاهو الدور حان ليؤكل الثور الأسود  –  ايران  – وبعده سيؤكل الثور  ألأحمر  – سوريا – وسيؤكل لا محالة الثور الأخضر – السعودية – والثور الأصفر – ليبيا – … وهكذا ستؤكل كل الثيران العربية واحدا واحدا  لا محالة … اذا استمر الخنوع العربي للغرب ولأمريكا على الشكل الذي هو عليه الآن …
          ان الحكم الصادر على الكاتب البريطاني  ديفيد ايرفينج  يؤكد ان الجماهير  الأسلامية   بالفعل على صواب  في مسيراتها  التنديدية  بنشر الصور المسيئة الى شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وان الشعوب العربية والاسلامية بذلك عبرت انها شعوبا واعية بمقدساتها ، بل لم تعد تلك الشعوب التي كانت مستسلمة لكل انواع الأذلال والهوان التي كانت تمارس عليها دون ان تحرك ساكنا ، لقد دبت الحياة من جديد في الجسم العربي والأسلامي ، والذي بمسيراته  تلك عبر انه من الآن فصاعدا لن  يترك  اي حدث مهين لكرامته يمر دون ان  يكون للجماهير الأسلامية رد فعل  تجاهه…