الغضب القادم من تجكَجة الموريتانية

الغضب القادم من تجكَجة الموريتانية
شيخاني ولد الشيخ
رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ *(الأعراف/155) صدق الله العظيم.
قد نختلف حول الأسباب العديدة التي أشعل أهل السوء من أجلها النار في كتب الفقه المالكي، وتشدق الرويبضة من منطلقها بهجاء خير الناس وسيد ولد آدم, عين الرحمة الربانية, والياقوتة المتحققة الحائطة بمركز الفهوم والمعاني، ومزق ودنس على خلفيتها بعد كل تلك الوقائع في أرض موريتانيا المصحف الشريف, برواية ورش عن نافع في مسجد بمقاطعة تيارت بانواكشوط, ولكن مهما اختلفنا ومهما تفاوتت درجات الغضب لدينا, والذي راح ضحيته أحمد ولد حمود المجاز في القرآن الكريم بمحظرة العون, فإن الغضب كان محل إجماع ونقطة التقاء بين النظام الحاكم منذ انقلاب 3 أغشت 2008 والمواطنين البسطاء ذوي الشرائح الاجتماعية المختلفة.
قد يجد بعض المحللين أن هناك أسباب لما حدث, في بلد يدين أهله بالإسلام, ويتميزون بتمسكهم وحبهم لدينهم ونبيهم, ولكنهم مهما جاؤوا بتفسيرات وتبريرات سيجدون أن موريتانيا تعيش حالياً بين فتنتين: فتنة المواقع الالكترونية والاجتماعية والعولمة, وفتنة اللوبي الصهيوني والموساد الإسرائيلي والتطرف السلفي الإرهابي.
فمهما يكن من مبررات, يلخصها بعضهم بالظلم الاجتماعي أو غيره, فلن تعبر هذه الفئة من الشعب الموريتاني المسلم, عن غضبها واستنكارها لأي حالة من حالات الظلم مهما كانت, بالتطاول على مقدساتنا وديننا, إلا إذا كانت مدفوعة بالفعل من قبل جهات لها مصالح حقيقية من وراء إثارة الفوضى والعنف في موريتانيا.
منذ أيام انتابتني فرحة بمناسبة الزيارة الملكية لبعض الدول الإفريقية التي تترأس موريتانيا حالياً إتحادها, وإطلالتها الشريفة الآذنة بانفراج وشيك للأزمات التي تعيشها المنطقة, والتي بموجبها قام جلالة الملك محمد السادس نصره الله بتوزيع عشرات الآلاف من نسخ المصحف الشريف المحمدي في مالي وكوتدي فوار وغنيا كونا كري, كما تم على ضوئها إبرام اتفاقيات تشمل تكوين أئمة أفارقة معتدلين, وأخرى تشمل امتيازات لمتصوفة تجانيين في غرب إفريقيا, من أجل ترسيخ حكامة التصوف وتفعيل دوره في الاعتدال السني, ونشر قيم السلام.
بينما أثار غضبي ما شاهدته في أرض الوطن موريتانيا من انتهاك لمقدسات ديننا الحنيف على يد بعض الأشخاص سيئي الصيت, فمنهم من يعرفه الشعب الموريتاني ويشهد له بالعمالة للموساد الإسرائيلي, ومنهم من ينكره الشعب بسبب تخفيه وراء الشبكات العنكبوتية, وهذا السقوط والانحدار الأخلاقي المتسارع الذي تشهده بلاد البيظان وأرض المنارة والرباط, ما هو إلا غيض من فيض, وقد تنبأنا بمجرياته, لعدم تحمل فخامة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز مسؤولياته اتجاه الشعب ومقدسات الأمة الإفريقية والعربية والإسلامية.
فمتى يا ترى سيتحمل الرئيس الموريتاني مسؤولياته اتجاه الأمة ومقدساتها؟.. لماذا تكثر في موريتانيا حالات التعدي على مقدسات الأمة؟.. وهل من الحرية والإنصاف أن يسمح للإعلاميين ببث كل ممنوع يهدد أمن وسلامة الوطن؟.. وهل تسمى المعارضة الموريتانية التقليدية بمعارضة وطنية إن هي تسترت على فشل الرئيس الموريتاني وحكومته في حماية المقدسات وتوفير الأمن والاستقرار للمواطن الموريتاني؟..
تساؤلات ممزوجة بلوعة الغضب, نطرحها لتدارك الأخطاء التي أدت إلى مصرع المواطن الموريتاني أحمد ولد حمود بعد استجابته لنداء البيت الأول من النشيد الوطني:
كن للإله ناصرا *** وأنكر المناكرا
هذا عدا الأخبار التي تتحدث عن مصرع مواطن آخر, وسقوط عشرات من الجرحى المستنكرين لما حدث.
لكننا نود التأكيد على أن الرئيس الموريتاني حمامة مسجد, ومن قبيلة السباعيين الأدارسة الشرفاء, وتربطنا به قرابة دم نحن الشرفاء العلويون, وقد أكد فخامة الرئيس مراراً وتكراراً بأن موريتانيا دولة إسلامية وليست علمانية! ومع ذلك فإن الكلام شيء والواقع شيء آخر, فما تشهده موريتانيا اليوم من تجاوزات لم تعهدها البشرية في القرن 21 إلا في سجون غوانتانامو التي لا يسري عليها القانون الإنساني الدولي الذي ينص على احترام ديانة الآخرين, يؤكد غير ذلك.
وقد يكون عجز الرئيس الموريتاني عن مطابقة كلامه لأفعاله, وبلورة إستراتيجية وطنية موحدة, ترسخ في عقول أهل الزيغ بأن الإسلام دين الدولة, والعربية لغتها الرسمية, يتم بموجبها احترام المقدسات, وتحقيق العدالة الاجتماعية, ومكافحة مخلفات الرق والجهل والأمية, موصول بدعوة مظلوم تلاحقه, أو بمخلفات رصاصات صديقة تنهكه, أو مرتبط بإقصاء لأحزاب المعارضة التقليدية من الانتخابات الأخيرة, هو ما خلق هذه الفوضى العارمة, ودفع إلى التعدي على حرماتنا ومقدساتنا.
ومن يتأمل في المسار الفوضوي الذي تعيشه موريتانيا اليوم, يلاحظ بأن هناك جهاز أمني اسمه الشرطة تم الحد من صلاحياته وتعطيله, بصفة غير مباشرة من طرف الرئيس الموريتاني, نظراً للعلاقات الوطيدة التي تربط هذا الجهاز الأمني بالرئيس الموريتاني السابق العقيد اعل ولد محمد فال, والذي يقف اليوم في صف المعارضة التقليدية, التي تم إقصاؤها مؤخراً من قبة البرلمان الموريتاني, وعليه فإن تحمل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لمسؤولياته يكمن في التفريق بين الخصومات الشخصية, وتصفية الحسابات, على حساب الأمن القومي والصالح العام للبلاد.
وليس المراد من حديثنا هذا تضييع هيبة القيادة الموريتانية في البلد, وليس هو تحدٍ لسياسة العصا والجزرة التي تمارس في موريتانيا, لأن الجرأة السوقية اليوم على قيادة موريتانيا وضياع الحكم فيها تحت ظل هذه الأوضاع سيجعل المواطن قلقاً على أمنه واستقراره, وهدفنا يصب في باب الدعوة للحوار من أجل استتباب الأمن الداخلي, تلك النعمة العظيمة التي تفتقدها دول وشعوب كثيرة, والتي منَّ الله بها علينا ونحن ننعم بها, ولكننا بممارسات هؤلاء التسعة رهط الذين يفسدون في موريتانيا ولا يصلحون لا نقدرها حق تقدير.
إن حديثنا عن الأمن جزء لا يتجزأ من حديثنا عن مقدسات الأمة, فالمقدسات هي بمثابة المظلة التي يستظل بها الأمن الداخلي والخارجي في موريتانيا, وإن تنامي ظاهرة التنكيل بهذه المقدسات بدأت على يد الآبق برام ولد اعبيد في حادثة إحراق كتب الفقه المالكي, والذي تربطه علاقات وطيدة بإيلي بن طره سفير اسرائيل في السنغال, وحسب شهادات جهات شديدة الإطلاع فقد التقى بيرام في باريس بعد حرق كتب الفقه المالكي مع سلفان شالوم وزير الطاقة الاسرائيلي بواسطة سفير إسرائيل في السنغال, أثناء ذهابه لتسليم ملفه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة, التي قررت منحه جائزة حقوق الانسان, والتي تمنحها الجمعية العامة كل خمس سنوات لأكثر المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم!, وما تبع تلك الأحداث من هجوم وإيذاء للنبي المعصوم, كان آخرها تدنيس المصحف الشريف, وهذا نذير خطر على الروح السلمية التي عهدناها بين السلطة والشعب في موريتانيا, ومؤشر إلى محاولة من متدربي الموساد في تعكير تلك الأجواء بانواكشوط وتحفيز اللااستقرار بالمنطقة.
نعم نريد حرية إعلام, ونشجع روح الوطنية التي تتمتع بها المعارضة التقليدية في إبداء الرأي أمام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز, ولكن أن يتحول الرأي إلى المس بأمن البلاد القومي, وأن تتفلت لغة الحوار من كل الضوابط القيمية والأخلاقية التي أتمها ديننا الحنيف, فهذا يستوجب منا جميعاً ضبط النفس والمزيد من الخوف على وطننا.
إن هذا التطرف الأعمى الذي يراد منه إدخال موريتانيا في دوامة العنف الأسود حيث القتل والدماء والدمار, واستحلال الأعراض لمآرب سياسية، جعل من مدينة تجكجة مسقط رأس العلامة سيدي عبد الله ولد الحاج ابراهيم والمتمركزة في وسط موريتانيا تغضب لما أغضب أبناءها من انتهاكات صريحة في حق مقدسات دينها الحنيف, مع عدم تحمل رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية لمسؤولياته، فيا ربي ملكني رقابة الموريتانيين من أحمرين وأسودين حتى لا تكون فتنة موريتانيا ويكون الدين كله لله.
رئيس الجمعية الموريتانية المغربية للدفاع عن الوحدة المغاربية




Aucun commentaire