Home»International»قراءة في تجربة مسرحية – شاطة ماطة اون فاكونس – للمسرحي الوجدي : محمد بنقدور

قراءة في تجربة مسرحية – شاطة ماطة اون فاكونس – للمسرحي الوجدي : محمد بنقدور

0
Shares
PinterestGoogle+

بنية الهندسة و التشكيل لمعمار الخيمة
                                              رؤية في بنية مسرح

                          قراءة في تجربة مسرحية " شاطة ماطة أون فاكانس "

                                                الــعــلامــة الأولــى

نسافر .. و نسافر .. و دائما نسافر .. في كل مكان وزمان .. في كل الليالي و النهارات .. طيلة الأيام و السنين و نحن نعيش قافلة الترحال في ذاكرتنا .. و نرحل .. و يرحل بنا الزمان في دوامة الحياة اليومية . نخرج من بيوتنا و نعود إليها .. نقفلها و نفتحها و باستمرار دائم و لا نتوقف .. و لم نسأل أنفسنا يوما ما .. عن كيف ورثنا هذه الطبيعة منذ البداية .. أي عندما كانت الأرض كما هي و كانت الجبال و الأودية و الواحات و البحار و الصحاري و القفار .. و كان الإنسان و الخيمة و الجمل و الحضيرة و الحصان و القبائل ، حيث كانت الشهامة و الشجاعة و البلاغة و الحكمة و الصدق و الأمانة و الإخلاص و الكرم ، كان الشعر و كان الحب و كان النزاع داخل الخيمة بالقبيلة و بين القبائل ، و كانت فصاحة اللسان ، و كان الشعر التمثيلي و كانت بنية المسرح حينها كانت الخيمة منصوبة بأوتادها المصنوعة من براعم النخيل و الصخور المنحوتة و حبال من صوف البعير و جلدها ، تقف فتحة المسرح فتبقى .. حاضرة بالماضي و الحاضر في كل أفراحننا و أحزاننا .. و أثناء قيام المواسم و الأعياد و الولائم . فالخيمة تحمل ما تحمله الحياة … و ما تحمله الحياة هو ما يحمله الإنسان … عندما يفرح و يقرح و يمثل كل هذا على بساط المسرح المكسو بالزرابي و الحصير … كما بالبيت و بالمدينة و البادية و الأكواخ . يقول الفنان و المفكر الراحل " توفيق الحكيم " : " إن افتقار العرب إلى عاطفة الإستقرار هو السبب الحقيقي لإغفالهم المسرح … ولإن شأن العرب هنا … شأنهم يوم كانوا لا يعرفون من المطايا غير الإبل … ولو أن الظروف شاءت أن تحرمهم الجواد ، لظلوا حتى الساعة لا يعرفون ركوبه " … أي أن كل الأمر في الأداة . و كما أن العرب في عهد الإبل كان لسان حالهم ،  يقول : " أعطونا المسرح ونحن نكتب         " …
و لا بد لنا من المسرح  حتى يصبح المسرح في حياتنا الأدبية و الفكرية شيئا طبيعيا يصدر عن عرافة و أصالة لا عن فكرة مقلدة و منقولة .
فنرد اليوم على أنفسنا و على من قلدناهم و نقلنا عنهم المسرح … و نقول : " اليوم نصل إلى إيجاد مسرحنا الأصيل " العريق و الحاضر دوما في وجداننا و تراثنا و ثقافتنا العربية .. فكل مقومات المسرح تتواجد في معمار " الخيمة " في بنيويتها و في مراسم الحفل و الحفلة و الإحتفال .. فهذه حقيقة يشهد لها التاريخ … ستظل و ستبقى متنافية مع كل قواعد و فتحات المسرح الغربي و الغير الغربي كالمسرح اليوناني ألخ … لقد استقينا من كل هذه المفاهيم و التقاليد و لأن المسرح كذلك هو فن البحث المتواصل يعتمد اساسا على الممارسة التكوينية و العلمية و التجريبية ولا تحده أية  حدود .. و قد طرح هذا السؤال في أمريكا حول خلق مسرح أمريكي خالص ينبع من الثقافة و الحياة الأمريكية … إذ قالوا: كيف؟ ولا يعقل لنا نحن الأمريكيين في أن يتحدانا اليونان بالمسرح … لأنه خلق عندهم … إذن علينا خلق مسرح أمريكي منا و إلينا … و فعلا خلقوا ما أسموه " بالكوميديا الموسيقية ".
يقول الدكتور " خالد أمين " في كتابه " الفن المسرحي – و أسطورة الأصل " : " في غياب خشبة مسرح عربية ( كالتي تشبه البناية المغلقة للمسارح الأوروبية ) ( أو بالأحرى كبناية ) كرس الغرب أو المقرر الغربي القاضي بأن العرب شعب بدون دراما أو مسرح . أي لا يتوفرون على كتابات درامية أو خشبة مسرح خاصة بهم ." ( ص 76 ) .
فنقف اليوم نحن و نطرح نفس السؤال : و نحن ؟ العرب … هلا من جواب على هذا السؤال ؟ أجل إنه مسرح الخيمة .. مسرح عربي .. هو مسرحنا .
إن خشبة المسرح و التي نضعها اليوم لبناية و معمار المسرح المغربي و العربي على السواء ، ستكون لنا منا و إلينا ، و ستبقى متنافية مع جميع خشبات المسرح و اللاتي عرفناها و استقيناها من المسارح الغربية بجميع أنواعها و أشكالها كبنيات و كمعمار خاص بها ، لتقسيم الخشبة و فتحة الستار و مراسيم ومستوياتها الركحية و فضاءاتها الداخلية و الخارجية.
و ليس من السهل الإنكباب على هذا الموضوع و الذي تتجلى غاياته في تغيير التاريخ بأكمله ، هو ذلك التاريخ لفن المسرح و الذي غزانا هو بدوره كالإستعمار ، بتعاليمه و بقواعده و بتقاليده و بحضارته و التي هيمنت على كياننا المغربي و العربي و الإسلامي و على ثقافتنا الحقة .
و مما يبرز هذا ، هو ما جاء في مقولة " يوسف إدريس " و قلقه على الهوية العربية في كتابات " يوسف الناجي " في كتابه " قلق المسرح العربي " ، يقول ــ أي يوسف إدريس : " إن الفرنسي هو الذي قضى على مسرحنا الخاص بنا ، و الذي كان محتما أن يظهر إلى الوجود يوما ما ، و هذا المسرح أيضا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحل محل مسرحنا الخاص بنا أو يمنع ظهوره . و مهما غيرنا و بدلنا و طورنا في المسرح الأوروبي فستبقى طبيعته أوروبية ، بعيدة عنا بعد أوروبا عنا لا تندمج معنا و لا نندمج معها . المهام الأساسية هي إيجاد شخصيتنا المستقلة في الأدب و الفن و العلم و في كل مجال ، فإذا لم تكن موجودة فعلينا أن نوجدها".
و اليوم نعلن للعالم بأننا قد وجدنا عالمنا الفني و المسرحي و الذي قد تناسيناه و أغفلنا عنه منذ كل العقود التي سلب منا فيها كل شيء و حتى اليوم ، هو عالم خشبة مسرحنا و الذي ينتصب في كيان و بناية و معمار           " الخيمة " أو " الخزانة " حيث يتواجد " الحمار " أو" الركيزة " الكبيرة التي تنتصب عليها الخيمة و الركائز الأخرى للثبات . و " الستار " أو " الطارفات " و التقسيم الداخلي بالخيمة لكل الفضاءات المتواجدة من اليمين إلى اليسار للمقدمة و لعمق مسرح " الخيمة " . و لكل مكان له بها سواء كان مكانا للحكي ــ للحريم ــ للطهي ــ أو للحضيرة ــ ومكان الراعي إلى غير ذلك .
" فالخيمة " أو " مسرح الخيمة " على أصح تعبير من الناحية الفنية مسرحيا ، من حيث التأسيس و المعمار الهندسي … لصناعة خشبتها … لم نحتفظ إلا بالواجهة الأمامية ألا وهي " الستار " .. و الذي يشكل اللون الأحمر الداكن ومحيكة به رموز تغمر كل مساحته كتلك الرموز المحيكة على ثوب " الخزانة " ، هذه الأخيرة و التي تنصب عادة في الإحتفالات الوطنية و الدينية و في الإحتفالات الأخرى ، في الولائم ، و الأعراس و المواسم . إلا أن تلك الرموز تأخذ طابع اللون الذهبي.
و طريقة فتح " الستار " تستعمل بطريقة يدوية يستخدمه عاملان بالمسرح أو تقنيان يعملان بفرقة مسرحية ما … و بواسطة الحبال ، و تقام العملية خلف " الستار " . و توجد الطريقة الثانية و التي يفتح بها " الستار"  بآلة ميكانيكية .
و " الحمار " أي " الركيزة " كما ذكرناه سابقا ، فهو رمز و عنصر أساسي يدخل في إطار التأثيث و يوضع جانبا إلى جهة اليمين مقدمة المسرح خلف " الستار " .
أما الدقات المسرحية العتيقة فستعوض " بالنفار " و " المدفع " ــ حيث ــ و قبل بداية أي عرض مسرحي … تسمع خمس نفخات في " النفار " لمرة واحدة ، ثم بعدها يفتح " الستار " .
و من خلال فتحة " الستار " للخيمة أي لواجهة المسرح ، يمكن لنا أن نتفرج على الأعمال المسرحية و كأنها تدور وسط الخيمة .

محمد بن قدور

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *