احداث 2005 ليست سوى مخاض لأهم ما سيحدث عربيا سنة 2006

القيام بأي مسح تاريخي لسنة 2005 خصوصا على مستوى ما ميز الدول العربية من تراكمات هي مجملها سلبية بحيث لايمكن ان يعثر الأنسان الا على بعض الأيجابيات التي لا تكاد تظهر امام جبال الأحداث السلبية التي ميزت كل الدول العربية والاسلامية والتي يمكن ان نوردها بشكل مختصر على النحو التالي تاركين للقراء الأعزاء ان يتدخلوا بنقاشاتهم والتي لا يمكن لها الا ان تثري النقاش حول اوضاعنا العربية المأساوية في اغلبها …
اهم بلد سنبدأ به رحلة 2005 هو العراق ، العراق الذي ما ان يكاد يجذب رجلا من الوحل حتى تغوص الرجل الأخرى اكثر من ذي قبل ، فالعراق البلد العربي ، الذي يتعرض لأبشع انواع الاحتلال ، احتلال امريكي غير شرعي ، احتلال انبنى على المغاللطات والكذب ، فاستطاع ان يقنع العالم بان صدام يمتلك اسلحة دمار شامل ، وان صدام يمتلك هذه المعامل التي تصنع هذا النوع من الاسلحة على شكل شاحنات ضخمة تتنقل من مكان الى آخر حتى لا يتم الكشف عنها من طرف لجن التفتيش الا ان " الذكاء الأمريكي " وبأقماره التجسسية طبعا ليس على العراق وحده وانما على العالم العربي ككل استطاعت التقاط صور هذه " المفاعلات النووية المتنقلة" … والكل يتذكر كيف ان كولن باول وزير الخارجية الأمريكي الأسبق استعرض في اجتماع بمجلس الأمن صور لهذه " التكنولوجيا الصدامية الغريبة " … وتحت هذه الذريعة شنت امريكا وحلافاؤها الحرب الثانية ضد شعب العراق بحجة تخليصه من النظام الديكتاتوري لصدام حسين .وتدمير اسلحة الدمار الشامل التي يملكها.. وكان الغزو قويا ، كما كانت الخيانة أقوى من اقرب المقربين من صدام – وهذا درس حتى لايثق حكامنا في اقرب المقربين منهم – لأن الأمور عندما تشتد فان هؤلاء المقربين يكونون اول من يفر بجلدته ويردد " ومن بعدي فليكن الطوفان "…على اي ليس هذا هو الموضوع الرئيسي …وانما ما يهنا ان امريكا دخلت واحتلت العراق" على عينيك يا بن عدي "…غير انها لم تكن تتوقع انها ستواجه بمقاومة شرسة ، مقاومة كبدت لحد الآن القوات الأمريكية اكثرمن الفي 2000 قتيل وعشرات الآلاف من المعطوبين والمعوقين …
وعندما ادركت امريكا انها في مأزق صارت تنظم مسرحيات اسمها الأنتخابات ، بالأضافة الى تكوين جيش عراقي سيتولى مواجهة المقاومة في حين ستتراجع القوات الأمريكية الى ثكناتها او الى قواعد عسكرية تراقب الوضع من بعيد بكل جبن ، خوفا من ان تكبدها المقاومة العراقية المزيد من الخسائر …فأمريكا تريد ان تحفظ ماء وجهها ولو على حساب تخريب كل شيء في العراق … هذا العراق الذي لا تظهر فيه لحد الآن اية بادرة امل الا في حالة انسحاب الأحتلال الأمريكي ….ولهذا ان سنة 2006 ستكون لا محالة سنة مصيرية للقوات الأمريكية في العراق بل ستكون سنة عسيرة … وان البترول العراقي سيتحول الى مستنقع قد يكون هو السبب في انهيار الأمبراطورية الأمريكية … التي اعترفت ان غزوها للعراق قد بني على باطل ، وعلى اكاذيب واساطير اسمها " اسلحة الدمار الشامل " …2006 ستكون لا محالة سنة سوداء لأمريكا في العراق … الذي تزداد فيه الأمور تعقيدا يوما بعد يوم رغم كل المغالطات التي يروجا الأمريكان والبريطانيون … وان غدا لناظره قريب … وسيأتيك بالأخبار من لم تزود ..
اما عن المنطقة الثانية التي تورطت فيها الولايات المتحدة وهي افغانستان ، فان الآيام الأخيرة عرفت عودة ملموسة لهجمات طالبان ، وهذا يعني ان السنة المقبلة لا تحمل تفاؤلا امريكيا بخصوص افغانستان ، بل على العكس ربما ان استراتيجية طالبان ستلجاء الى الضربات الخاطفة ، واللعب على اعصاب القوات الأمريكية التي لا تراقب في افغانستان الا المدن في حين ان الجبال والكهوف يمكن القول انها ما تزال بيد طالبان التي بدأت بعد اعادة تنظيم نفسها في مناوشات مع القوات الأمريكية على شكل ضربات فجائية ..
اما بخصوص القضية الفلسطينية والتي نفض منها جل العرب ايديهم وتركوا الفلسطينيين وحدهم وجها لوجه مع مصيرهم المحتوم …فان ما يعرف بعملية السلام ليست الا مناورات اسرائيلية ليس الا ، والدليل على ذلك ان القوات الاسرائيلية تنسحب من الاراضي الفلسطينية وتعود اليها متى شاءت وتحت اية ذريعة ، لا سيما ان اسرائيل لا يهمها من عملية الانسحاب سوى نزع اسلحة الجيش الاسلامي ، وحماس ، وكتائب الأقصى … حتى توفر لنفسها الأمن ، لهذا فان الغاء الهدنة من طرف المقاومة الفلسطينية يعني ان السلام الفلسطيني الاسرائيلي سلام هش لا يستطيع الصمود امام ابسط الاحداث ، لأن اسرائيل نفسها لا تريد له ان يستمر طالما انها مستمرة في سياسة الاغتيالات وتصفية مختلف كوادر المقاومة الفلسطينية …وامام الصراع الفلسطيني الفلسطيني الذي ظهر على السطح ،حتى بين منظمة فتح نفسها يجعل المهمة صعبة الانجاز … بل ويجعل عملية السلام في مهب اي ريح …ولا شك ان الرئيس الفلسطيني الحالي عباس ابو مازن قد لا يمتلك طول النفس الذي كان يمتلكه سلفه ياسر عرفات …ولهذا فان استقالة ابو مازن ستكون لامحالة خصوصا اذا ما تعقدت الأمور بين مختلف الفصائل الفلسطينية …وهو ما قد يجعل القضية الفلسطينية تبداء مرة أخرى من نقطة الصفر ، وذلك بالفعل ما تريده اسرائيل …
المنطقة الثالثة التي بدأت الأمور فيها تزداد تعقيدا هي جبهة لبنان وسوريا ، حيث ان تكرار سيناريو لجن التفتيش العراقية يعيد نفسه مع سوريا بخصوص قضية " اغتيال الحريري " وكل الأحتمالات تتجه الى وضع سوريا بين كماشة لا يمكن التنبؤ بعواقبها ، وخصوصا ان اسرائيل غير راضية على نظام الرئيس الاسد ، بل وعلى الأسد شخصيا، لاسيما ان الرئيس الأسد بدأ ولايته بنوع من الصرامة في التعامل مع مختلف القضايا الجهوية خصوصا القضية الفلسطينية ، وقضية الجولان ، ومزارع شبعا … وربما ان ما يحاك الآن حول النظام السوري ليس الا خطة مدروسة بدقة امريكية اما لدفعه للأستكانة ، وألآرتكان او الى عزله دوليا وان لم تصل الأمور الى حد فرض الحصار وتكرار سيناريو العراق … ولهذا فان سنة 2006 ستكون سنة عصيبة بالنسبة لسوريا خصوصا ان سنة 2005 انتهت بتفجير قنبلة خدام باتهامه تورط المخابرات السورية في اغتيال الحريري …وهو ما زاد الوضع السوري تعقيدا ..وفي آخر لحظة.
اما جمهورية مصر فان الانتخابات اوضحت ان الشعب اختار شعار الأخوان " الأسلام هو الحل " ورغم كل المضايقات ، ورغم كل ما تعرض له الأخوان ، فكل ما يمكن قوله ان الشعب المصري اراد بالفعل البحث عن بديل ، ورأى ان هذا البديل هو في الأخوان … واذا كانت حملة التخويف من الأخوان بدأت من طرف الأقباط او من طرف اسرائيل نفسها ، حيث بدأت تروج اشاعات في مصر هي نفسها الاشاعات التي تم ترويجها خلال فوز جبهة الانقاذ في الجزائر بالأنتخابات سنة 1992، حيث اصبح الترويج في مصر ان الأخوان سوف يعارضون الفن ، وسوف يحاربون الغناء ، وسوفيقطعون العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل ، وسوف …وسوف..وكل هذا همز وغمز المراد منه ان تتبنى امريكا موقفا عدائيا من الأخوان …ولكن كيفما كان الأمر فان الانتخابات المصرية تعتبر مؤشرا على ان الانتخابات التي ستجري في كل الدول العربية سيكتسحها الأسلاميون اذا ما كانت بالفعل انتخابات ديمقراطية … وهذا ماسيؤدي الى المزيد من تعقيد العلاقة بين الانظمة العربية وشعوبها ، فلا شك ان الشعوب ستصوت على الأحزاب ذات المرجعيات الاسلامية ، غير ان تلك النتائج قد لا تقبلها امريكا التي تسعى الى الجام المد الاسلامي والحد منه .وهو ما سيحرج الحكام العرب امام امريكا التي ترفض حكومات اسلامية ..
اما السودان ما كاد يخرج من ازمة الجنوب حتى انفجرت ازمة دارفور ، ويظهر ان متاعب هذا البلد مع جهاته ومناطقه سوف لا تنتهي …اما بخصوص الجزائر فان ارتفاع اسعار البترول التي بلغت ارقاما قياسية والتي لحد الآن لم تستغل استغلالا ناجعا لصالح الفئات الشعبية ، بل ورغم ارتفاع اسعار النفط فلقد لاحظ المراقبون ان مختلف المناطق الجزائرية استمرت في الغليان ، مظاهرات يومية واحتجاجات جماهيرية على الاوضاع المعيشية المزرية .وارتفاع نسبة الفقر الى ارقام قياسية في بلد بترولي بامتياز.. ينضاف الى كل هذا مرض الرئيس بوتفليقة والذي قد يتسبب في خلق ازمة سياسية جزائرية اخرى قد تطول ، …ناهيك عن العقدة التي تتشبث بها الجزائر والتي تتمثل في قضية الصحراء المغربية والتي تأخذ حيزا كبيرا في الدبلوماسية الجزائرية حتى انها اتخذتها من الأولويات وهو الأمر الذي سوف لا يقبله الشعب الجزائري الذي تتأزم اوضاعه الأجتماعية والأقتصادية يوما بعد يوم .في حكومته منشغلة بقضية الصحراء وهي قضية يعتبر السعب نفسه في غنى عنها لآنها لاتهمه لا من قريب ولا من بعيد.. ولهذا فان سنة 2006 سنة غامضة لمصير الجزائر التي عرفت في عهد الرئيس بوتفليقة نوعا من المناورات السياسية ادت الى نوع من الاستقرار والذي يبقى مع ذلك استقرارا هشا..
اما بخصوص ايران فان الرئيس الجديد احمدي نجاد يلعب اوراق عديدة يسعى من خلالها الى تشتيت الاستراتيجية الأمريكية والأوروبية بخصوص الملف النووي ، ويظهر من خلال مناورات السياسة الايرانية احتمالين : احدهما ان ايران واثقة من نفسها الىدرجة انها تدرك ان امريكا سوف لا تستطيع اطلاقا ان تتورط في ايران كما تورطت في العراق وافغانستان ، وهذا بالفعل ما يظهر من خلال كون الولايات المتحدة اسندت مهمة الضغط على ايران الى اوروبا ، وذلك حتى تورط هذه الأخيرة في اي تدخل امريكي عسكري في ايران وهو مستبعد حاليا لكن سيناريو العراق قد يتكرر مع ايران خصوصا في ما يتعلق بالعقوبات الدولية وفرض الحصار الأقتصادي على ايران لأنهاكها ، وارغامها على الخضوع للشروط الأروبية – الأمريكية – الأسرائيلية … لا سيما ان اسرائيل هي المعنية بالدرجة الاولى بقضية الملف النووي الايراني …وايران تدرك ذلك تمام الادراك … الأحتمال الثاني : هو ان تكون ايران على وشك انتاج اسلحة نووية ، او انها بالفعل انتجتها وفي هذه الحالة ستكون مفاوضاتها مع اوروبا او امريكا من موقف قوة كما هو الشأن با لنسبة للملف النووي لكوريا … والذي تسعى الولايات المتحدة ايجاد حل ودي له … بعدما تبين لها ان الحل العدواني اصبح مستحيلا ضد دولة تملك اسلحة نووية وخصوصا عندما يتعلق الأمر بدولة مثل كوريا " قادرة على ضرب عمق امريكا " … على اي ستعرف سنة 2006 بالنسبة لايران واوروبا محادثات جد معقدة يطغى عليها الجانب المناوراتي لربح الوقت …
وأخيرا فان المغرب الذي عرف في عهد الملك محمد السادس نقلة نوعية في مجال الحريات العامة ، وحرية الصحافة، واتساع الهامش الديموقراطي – ولو بشكل نسبي – خصوصا مع تعيين هيئة الانصاف والمصالحة … غير ان متاعب المغرب الدبلوماسية بخصوص قضية الوحدة الترابية لاقاليمنا الجنوبية ، لا سيما عودة مسألة الاعترافات " بالجمهورية الوهمية " الى الواجهة يجعل حكومة جطو امام امتحان عسير ، بحيث ان كل الشعب يتسائل لماذا في عهد الوزير الأول السابق عبد الرحمن اليوسفي سحبت العديد من الدول اعترافاتها بهذه الجمهورية الوهمية ، في حين في عهد حكومة جطة اصبح الأمر على العكس دولا تعلن اعترافها " بالجمهورية الوهمية " وهذا يعني ان البوليزاريو ينهج استراتيجية اعطت اكلها باعتراف ثلاث دول به ، في حين لم تستطع حكومة جطو اقناع اي دولة لسحب اعترافها كما كان الأمر بالنسبة لعبد الرحمن اليوسفي … اذن سنة 2005 بالنسبة لقضية وحدتنا الترابية لم تكن على احسن ما يرام لا سيما بعد الأحداث المكتررة في مدينة العيون ، والتي يظهر من خلالها ان البوليزاريو استطاع اختراق الصحراء المغربية في الوقت الذي عجزت الحكومة المغربية عن اختراق مماثل لمخيمات تندوف وهو ما يزيد قضية الصحراء رغم اعلان جلالة الملك عن حكم ذاتي موسع في اطار السيادة المغربية …ويظهر ان الجزائر لا يهمها اي حل يقترحه المغرب وهو ما يجعل قضية الصحراء المغربية امام كل الأحتمالات اذا لم يسرع المغرب بنهج دبلوماسية فعالة للمحافظة على وحدته الترابية والتي لا تريدها الجزائر ان تكون مهما كلفها الأمر … اللهم اذا ما حدثت " معجزة" …
وأخيرا بالنسبة لدول الخليج العربي فان ارتفاع اسعار النفط ، وتراكم عائداته اصبح يسيل لعاب الولايات المتحدة وانجلترا من جديد، والتي اصبحت تستخدم ورقة الملف النووي الايراني ، وانه يهدد بالأساس دول الخليج العربي ، رغم ان العاقل يدرك ان ايران لا يمكنها ان تقوم في يوم من الايام بمثل هذه الحماقة ، ولكن الولايات المتحدة تلعب مع دول الخليج نفس اللعبة في عهد صدام عندا كانت الولايات المتحدة تقنع دول الخليج ان صدام يشكل خطرا يهدد انظمة الخليج بكاملها ، وجعلت منه بعبع في الوقت الذي لم يكن سوى فارا يطلب النجاة لنفسه …نفس السيناريو يتكرر الآن مع دول الخليج والخطر " الفارسي " كما اصبح يسمى في الخليج … وبذلك تورط امريكا مرة أخرى دول الخليج العربي في مشكلة هم في غنى عنها…بل وتريد الولايات المتحدة ان تواجه دول الخليج ايران نيابة عن اسرائيل …
Aucun commentaire
طلب منك عن مشكيل الصحراء الغر بية مع الغربي ونطاب منكم ا نا توسجياوا صور واخبار عن الضحية في الصحراء من ولا ية العيون