Home»International»أغنية الراي نحو العالمية

أغنية الراي نحو العالمية

0
Shares
PinterestGoogle+

هل يمكن الحديث عن ممارسة إبداعية عندما نتحدث عن أغنية الراي؟ إذا كان الجواب بنعم فأين تتجلى إبداعيتها؟هل في اللحن و الإيقاع أم في الكلمات أم في أشياء أخرى؟ ما هو الدور الذي يقوم به رواد هذه الموجة، هل يتمثل في الطرب أم هناك رسالة خفية يحاول هؤلاء تمريرها عبر هذه الأغنية ؟
مقاربتنا لهذه الظاهرة بدأناها بمجموعة من التساؤلات التي ارتأيناها كمدخل لاشكاليتنا التي ليس من السهل تناولها بنوع من القناعة الفكرية التي تخندقنا لصالح هذه الأغنية أو ضدها،ذلك أن أية ظاهرة جديدة تطل على مجتمع أو فضاء معين إلا و تنتظر المواقف المعروفة مسبقا و المتراوحة بين الرفض و القبول و ما بينهما من تحفظ. إذا كنا نغامر لجس هذه الأغنية فليس هذا دليلا على ميل أو إعجاب بها و ليس كذلك تسلحا للانقضاض و التهجم عليها و إنما مغامرتنا نابعة من قناعة تتمثل في الاعتراف بالشيء الذي يفرض نفسه ولو كانت آذاننا تمج السماع إليه. إن ظاهرة الراي بدأت تفرض نفسها بجدية و من ثمة ضرورة وضعها تحت محك النظر لتبيان مالها وما عليها و بالتالي الكشف عن مكامن ضعفها إذا وجدت و نقط قوتها إذا وجدت كذلك. عندما بدأت دور التسجيل في بداية الثمانينات تنتج بعض"الكاسيط" لمجموعة من الشباب الذين انحصروا في بقعة جغرافية محددة من وهران إلى وجدة، توقف الجميع متسائلين عن هوية هذا المنتوج الجديد و عن قيمته و أهدافه لأننا أصبحنا بالفعل أمام موجة اصطلح عليها بموجة الراي التي اختلف الناس في تقييمها فهناك من وصد في وجهها جميع الأبواب و اعتبرها بدعة لا يجوز الإنصات إليها ما دامت تدخل في إطار أغاني ا لخلاعة أو الأغاني الساقطة، و يلوح بهذا الموقف في الغالب فئة معينة داخل مجتمع المستمعين إلى الأغاني ، و هم غالبا من الذين عايشوا أغاني خالدة لمطربين خالدين و الذين يتجاوزون في معظم الأحيان سن الأربعين. أما الصنف الثاني فهم أغلبية من الشباب الذين أبهرتهم هذه "المودة باعتبارها تجاوزا لروتين الأغنية العصرية التي ظلت منحصرة في نمطية مقرفة، فانساقوا معها يرددونها أينما حلوا فشكلوا على منوالها أجواقا لا تخلوا منها أغلب أعراس المنطقة .الشرقية بالمغرب و أغلب التراب الجزائري حيرت هذه الظاهرة البعض الذي رأى فيها تجديدا على مستوى اللحن و الأنغام و الإيقاعات، و دعا إلى ضرورة إعادة النظر في كلماتها. و الجدل يعرف أوجه داخل مجتمع المستمعين استطاعت هذه الأغنية أ ن تكتسح أغلب الشباب و تصنع لها جمهورا من مختلف الأعمار و من مختلف الجنسيات ذلك أن فضاء الاستماع لم يعد مرتبطا و منحصرا بين وهران و وجدة بل امتد ليشمل مناطق كثيرة من العالم حيث تحولت مدن أوروبية كباريس و مارساي إلى عواصم لاشعاع هذا الفن خصوصا بعد الأحداث التي شهدتها ا لجزائر و التي شجعت على الاستوطان بفرنسا.
عن طريق أغنية الراي تمت مثاقفة غريبة لم تستطع أن تحققها التمثيليات الدبلوماسية المستقرة هناك منذ قرون و عن طريق هذه الأغنية تم التمازج و التفاعل بين مجموعة من الثقافات المحيطية المتواجدة بالمركز فالمغربي و الجزائري والسنغالي يتواجدون بنفس المجموعة الغنائية و يرددون نفس الأغاني و يرقصون على إيقاعاتها و يمكن أن نذهب إلى أكثر من هذا المستوى لاثبات حقيقة لا يمكن إغفالها و هي أن الكثير من شباب المركز
انخرط في هذه الأغنية إما كموسيقي ضمن المجموعة أو منسق لإيقاعاتها أو كمستمع… حتى أن جل المهرجانات هناك تقدم عينة من هذه الأغنية لارضاء طالبيها من أبناء البلد الأصليين. كل هذا كما نلاحظ يفرض الانفتاح على هذه الظاهرة التي استطاعت أن تتجاوز فضاء توقيع شهادة ميلادها،لتحلق في عالم كان يبدو غريبا و منا قضا لها، و مع ذلك تحاول و بكل عناد أن تتجذر بداخله، فللظاهرة إذن معنى، و كل ما يحمل معنى يمكن أن يكون موضوع تأمل و تفكير، مما يعني ضرورة الانفتاح على مثل هذا الموضوع و عدم الاقتصار على المواضيع العالمة فقط، فأغنية الراي رافد من روافد الثقافة الشعبية التي تعتبر المفتاح السحري لفهم الشخصية و بالتالي تصرفات و سلوكات و منظومة القيم التي تتحكم فيها و توجهها. إن نظرة عابرة إلى وسائل الإعلام الغربية من سمعية و بصرية و مكتوبة تبين القيمة التي تمنحها هذه الوسائل للثقافات الشعبية من خلال الدراسات الأنثروبولوجية التي يتقدم بها خيرة الباحثين في هذه الدول، حيث حاول بعضهم و من خلال هذه الوسائل الوقوف عند هذه الظاهرة لتفسيرها باعتبارها كما قلنا مدخلا لفهم الشخصية. تعمل هذه الوسائل كذلك على استغلال هده الظاهرة لتهدئة هيجان أبناء المنطقة المغاربية، فلا وجود لنشاط ثقافي في جل المدن الفرنسية و لا يبرمج مطربا من الموجة التي نتحدث عنها، بل أصبح لهذه الأغنية مكانة في المسابقة التي تهتم بترتيب أحسن أغاني الشهر وكم من مرة تصدرت هذه الأغنية قمة الترتيب، نذكر على سبيل المثال أغاني الشاب خالد و على رأسها الأغنية العالمية الصيت " دي دي ". السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو التالي: لماذا وبعد هذا الاختراق والغزو الذي تمارسه هذه الأغنية لاغلب دول العالم خصوصا تلك التي تستقبل المهاجرين من المنطقة المغاربية- لم تلتفت وسائل الإعلام العربية إلى هذه الظاهرة قصد تفكيكها و تحليلها و تسليط الأضواء الكاشفة عليها؟ و لماذا لم تعمل هذه الوسائل على الاعتراف بها و استغلالها لحمل رسالة أو رسائل مادامت لها قدرة على الانتشار لم تملكها أية أغنية أخرى؟
استطاع هؤلاء الشباب أن ينغرسوا داخل تربة مجتمع غريب عنهم كان يرفضهم في البداية، لكنهم استطاعوا و بعناد تثبيت أقدامهم داخل ثقافة مرنة عملوا فيها الشيء الكثير. لقد كانت أعمال هؤلاء الشباب رواد أغنية الراي نقطة تقاطع بين الشرق و الغرب بين العرب و غير العرب بين الشمال و الجنوب بين الكلمة العربية و الإيقاع الغربي، بل يحاولون حاليا
دمج الأداء العربي و الفرنسي ضمن إيقاع متنوع ذو مصادر مختلفة، ذلك أن عينة لا بأس بها من الأغاني التي أنجزت مؤخرا تراعي الملتقى : عربي أو فرنسي (نموذج:خالد، مامي، فوضيل).
أن ممارسة مثل هذه أبدعت في الحقيقة الشيء الكثير في الأغنية العربية و نرى- و إن كنا من غير الميالين لها- إن الإبداع تحقق في مجموعة من الأشياء سنعمل حاليا على تعدادها:
أولا:تجاوز النمطية المقرفة التي استوطنت .الأغنية العربية العصرية.
ثانيا:الحفر في الموروث الشعبي لاعادة اعتبار له و التغني به
ثالثا:اعتماد لغة يفهمها الجميع ألا و هي الدارجة مادامت الأغاني المعتمدة على الفصحى لا يتجاوب معها حاليا إلا قلة من المثقفين "الذواقين" لما تطرح مصطلحاتها من غموض يكون المستمع العادي غير مستعد للمغامرة في البحث عن معانيها. أما المزج بين العربية و الفرنسية فهو انعكاس للمتداول في اليومي، فنحن لا نتكلم الفصحى و لا الفرنسية و إنما دارجة تجمع بين كل هذه اللغات و ننفتح على لغات أخرى كالأمازيغية و الاسبانية و ربما الإنجليزية.
رابعا:يتمثل إبداع هذه الأغنية في تجاوز المستمع العربي إلى المستمع الأجنبي حيث أضحت أغنية ذات سمعة عالمية تجلب إليها آذانا من مختلف آلأ قطار ( كادت الأغنية الغيوانية أن تقوم بهذا الدور في البداية الا أن استقراره على أرض الوطن فلت عليها فرصة الشهرة العالمية).
خامسا:يتجلى إبداع هذه الأغنية أيضا في قدرتها على المنافسة فهي تنافس الأغنية العصرية القديمة أو الجديدة مما جعل هذه الأخيرة تضطر إلى الاعتراف بها( مشروع خالد و عمرو دياب ) وتنافس الأغاني الأجنبية فرنسية أو غيرها حتى أضحت تمثل تابلا مهما من توابل المائدة الترفيهية لا يجوز اغفاله.
سادسا:عملت هذه الأغنية على توحيد مختلف الثقافات النازحة إلى بلد الجن و الملائكة في ظل ثقافة واحدة/ متعددة: "الثقافة الثالثية
أو المحيطية في المركز" ذلك أن ثقافة البور أصبحت تفرض نفسها كمتحدث باسم هؤلاءالذين أرغمتهم الظروف على الاستيطان بفرنسا وغيرها من الدول الغربية.لآندعي بعد هذا التعداد لبعض مظاهر الابداع في أغنية الراي الاحاطة الشاملة نظرا لعدم التخصص الا ان هذه المقاربة وان كانت سطحية فهي دعوة لاعادة النظر في هذه الأغنية و ربما كل أغاني الشباب و إعطاءها حقها مادامت تكتسح كل يوم و مادامت تصنع لنفسها بسهولة جمهورا عريضا ملونا. فهذا التلهف و التمسك بمثل هذه الأغنية هو مقياس على نجاحها عند هؤلاء على الأقل، و لا يجوز أن نفرض ذوقنا الذي ربما لا يرغب في مثل هذه الأغنية على الشباب، لأن الذوق ذو علاقة بالثقافة و الثقافة مرتبطة بالشخصية. و شخصية شبابنا مرتبطة بإرثين عمودي و أفقي فالأول مصدره الأجداد، من تقاليد ودين أما الثاني فيأتي من عصرههم ومن معاصريهم،فالناس هم أبناء زمانهم أكثر من أبناء آباءهم.
ذ:قويدر عكري .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. jan
    16/06/2006 at 18:56

    de rai is een muziek die niet past bij arabische cultuur. om meer daarover te weten moet men zich verdiepen in de echte cultuur.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *