Home»International»حرية الرأي والتعبير في الثقافة العربية لا زالت في بداية الطريق

حرية الرأي والتعبير في الثقافة العربية لا زالت في بداية الطريق

0
Shares
PinterestGoogle+

عبارة( حرية الرأي والتعبير ) تتضمن ثلاثة مفاهيم تستوجب وقفة قصيرة. فكلمة حرية تعني الخلو من كل شائبة تشوب ؛ فالحر من كل شيء ما كان خالصا ؛ والعرب تقول هذا حرية قومه بمعنى من خالصهم ؛ وحرية العرب بمعنى أشرافهم ؛ وتطلق كلمة الحر عندهم على كل فعل حسن كريم ؛ وحر كل أرض أطيبها ؛ ويقال للطير العزيز المنال حر كالصقر مثلا. ومن غريب الصدف أن تحيل المادة اللغوية لكلمة حرية على الحر بفتح الحاء وتضعيف الراء بمعنى الشدة ؛ فإذا تم الربط بين الدلالتين أمكننا القول لا تنال الحرية إلا بالحر . أما كلمة رأي فأصلها الرؤية؛ وهي النظر بالعين حاسة البصر؛ فإذا تم النظر بالبصيرة وهي القلب سمي ذلك أيضا رأيا والقصد هو الاعتقاد. وإذا كان النظر في حال المنام سمي رؤيا. وأما كلمة تعبير فتدل على البيان والإعراب عما في النفس أو الضمير وهو ما خفي من اعتقاد أو رأي أو رؤية؛ والكشف عنه يكون باللسان. ومن غريب الصدف أيضا أن يكون التعبير هو تفسير الرؤيا التي تكون في المنام والإخبار بما يؤول إليه أمرها.
والإنسان مجبول على حرية الرؤية والرأي؛ فكما أن بصره لا تحده إلا الحواجز القاهرة؛ فكذلك بصيرته.
وحرية رؤيته ورأيه تقتضي حرية التعبير عنهما باللسان أ و ما يسد مسده. ولا تصح في دين الإسلام وهو دين الفطرة عبادات ولا معاملات إلا بالتعبير عما في الضمير بعيدا عن الإكراه؛ لهذا فلا بد من خلو الاعتقاد والآراء من كل الشوائب المؤثرة فيها وهو المقصود بحرية الرأي وحرية التعبير.
ولقد بلغت الأمم درجة التمدن والتحضر بسبب مجموع سلوكات أصبحت ضرورية لتبوء هذه الدرجة وعلى رأسها مجموع حريات ؛ منها حرية التعبير عن الرأي. والتعبير عن الرأي سلوك بشري لا يعني بالضرورة إضمار الشر للغير بل هو الكشف عن اعتقاد بخصوص أمر من الأمور التي يختلف فيها الناس حسب طباعهم ومصالحهم. ولعل الذي تقلقه آراء الغير صاحب مصلحة مادية أو معنوية لهذا يفكر في مصادرة حريات غيره؛ وليس من مصلحته شيوع الآراء المعارضة لمصالحه.
والثقافة العربية التي لا زالت متأثرة بثقافة المحتل الغربي الذي قضى زمنا طويلا في أرضنا خلال القرن الماضي ؛ والذي كانت مصالحه تفرض مصادرة حريات التعبير عندنا ؛ ولا زال هذا دأبه حتى في الاحتلال الجديد المباشر وغير المباشر لم تعرف إلا تغييرا طفيفا في مجال حرية التعبير. ولا زال الإنسان العربي لا يثق الثقة الكاملة في حصوله الكامل والدائم والثابت على هذا المكسب؛ بل لا زالت الخطوط الحمراء تحاصر حرية تعبيره.
ومع الطفرة الإعلامية الهائلة التي حطمت الحدود الجغرافية خصوصا الشبكة العنكبوتية ظن الإنسان العربي أنه نال قسطه من حرية التعبير عن طريق توظيف هذه التكنولوجيا المتطورة ؛ ولكنه مع الأسف الشديد يجد نفسه أسيرا كما كان |؛ و أمام المفاجآت الصادمة بسبب تشبث أنظمة الحكم هنا وهناك بإجراء مصادرة الآراء والحريات في مجال الإعلام العنكبوتي.
لقد ذهلنا جميعا لموقف السلطات البحرينية من موقع الصحيفة الذي كان يتحرى كثيرا الابتعاد عن كل ما يمكن تفسيره تفسيرا مغرضا في نظر الرقابة المسلطة عليه ؛ فكم أرسلت شخصيا من مقالات تعبر عن وجهة نظري في قضايا معينة فاعتذر الموقع عن نشرها احترازا من المتابعة والرقابة ؛ وهي وجهات نظر قد لاتعني شيئا في مواقع أخرى وجهات أخرى من العالم. والمؤسف أن نجد موقعا كموقع دنيا الوطن الموجود في حيز خاضع للاحتلال وهو يعرف ما معنى قيمة الحرية التي صودرت منه ؛ ومع ذلك ينهج نهج المصادرة ضد آراء لا ترضيه كالتي تتناول السلطة الفلسطينية بالنقد وهي غير مقدسة ولا بريئة ؛ فكم من مقال في موضوع السلطة أرسلته لم يرى النور لأن السلطة إما هي صاحبة الموقع ؛ أو أن الموقع يخشى من رقابتها ومصادرتها. فما وقع لموقع الصحيفة البحريني قد يقع لكل المواقع العربية لأن ثقافة حرية التعبير لا زالت لم تنضج بعد ؛ فحتى القارئ العادي عندنا إذا لم يعجبه الرأي سارع للمطالبة بمصادرته وطرد صاحبه ؛ وحاول إضفاء المشروعية على وجهة نظره وتعميمها لأنه يتنفس هواء انعدام حرية التعبير بالمعنى الصحيح ؛ وصدق الشاعر الحكيم إذ يقول : ومن يك ذا فم مر مريض يجد مرا به الماء الزلال.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. soufiane
    14/08/2007 at 16:08

    a Mrs kaddouri
    maintenant je suis sure qu il n ya pas de media independante chez nous au Maroc

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *