Home»International»إن المجازر التي تُرتكب اليوم في سورية هي أشبه بالمجازر التي ارتُكبت بحق شعب البوسنة والهرسك.

إن المجازر التي تُرتكب اليوم في سورية هي أشبه بالمجازر التي ارتُكبت بحق شعب البوسنة والهرسك.

0
Shares
PinterestGoogle+

لقد عانى الشعب السوري منذ خمسين عاماً من سيطرة الحزب الواحد على كافة مرافق الدولة, ومنذ مجيئ حافظ الأسد إلى السلطة عام 1970 تحولت هذه السيطرة إلى حكم عائلة الأسد تحت ستار حكم الحزب الواحد, ووضع دستور للدولة يخدم مصالح الحزب والحاكم, حيث أعطى حافظ الأسد لنفسه صلاحيات دستورية واسعة لم يعهدها أي دستور في العالم, وسيطر على كافة مقدرات الدولة ومواردها يتقاسمها هو وعائلته والمتحالفين معهم كيف ما يشاء, وتبعه من بعده ابنه بالتوريث بشار الأسد حيث نهَج نهج أبيه وانقاد إلى الزمرة التي كان أبوه متحالفاً معها فأصبح أسير هوى تلك الفئة التي تتحكم فعلاً بكافة مرافق الدولة واعتمد في تحالفه على بعض القوى التي لها أطماع في السيطرة على سوريا وتبديل عقائد السكان مثل جمهورية إيران حتى وصل الأمر بالشعب السوري إلى حد لا يُطاق, وعندما مرّ الربيع العربي في سوريا منذ منتصف آذار 2011 انتفض الشعب بكامله يُطالب بالحرية والإصلاحات الدستورية والقضاء على الفساد, فكان جواب النظام الحاكم القمع والاعتقال وإراقة الدماء وقتل الأطفال تحت التعذيب لكل من يحتج أو يفكر أنه سوف يحتج.. وحينما وجدت الثورة أنه لا جدوى ولا أمل يُرجى من هذا النظام الذي رفض الحوار والسير في الإصلاحات بشكل جدي, تحولت الثورة إلى طلب إسقاط النظام والعمل على تأسيس الدولة وفق نظام ديمقراطي ليبرالي مدني يجمع كافة شرائح المجتمع السوري في إطار نسيج اجتماعي متآلف يُراعي العادات والتقاليد والعقائد الدينية للمواطنين بحيث يكون لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين, وأن يشترك جميع أبناء الشعب في إدارة شؤون بلدهم والمحافظة على ثرواتها والمحافظة على حقوقهم الوطنية, وأن تُثبت سورية للعالم أنها بلد ديمقراطي تود أن تقيم علاقات طيبة مع كافة دول العالم على أساس مبدأ الاحترام المتبادل والمحافظة على حقوق السيادة لكل دولة.
وباعتبار أن النظام السوري بقيادة بشار الأسد يُدرك المكانة الجغرافية لسورية والصراعات التي تدور في الشرق الأوسط وما يُحيط بالمنطقة من حساسيات قد استغل النظام تلك الظروف وأمعن في ارتكاب المجازر بحق شعبه بشكل غير مسبوق فاقت ما كان قد ارتكبه والده حافظ الأسد في الثمانينات بحق شعبه من عنف ووحشية.
إن المجازر التي تُرتكب اليوم في سورية هي أشبه بالمجازر التي ارتُكبت بحق شعب البوسنة والهرسك. وقد عمل النظام جاهداً على إذكاء النعرات الطائفية بين مختلف فئات الشعب وجره إلى حرب أهليه مطمئناَ أن المجتمع الدولي سوف يبقى بعيداً عن التدخل نظراً لحساسية الوضع السوري.
إن الثورة السورية تُدرك أن العلاقات بين الدول تقوم على مبدأ المصلحة لكل دولة, ولكن علينا أن لا ننسى أن القواعد الأخلاقية التي تعاهدت دول العالم في الحفاظ عليها تستند إلى مبادئ إحلال السلام بين جميع دول العالم التي شرعتها الأمم المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية لمنع الحروب والاضطرابات والنزاعات المسلحة لإنقاذ الجنس البشري من تلك الويلات, والعمل على تطوير المجتمع الإنساني نحو الأفضل, ولا يمكن أن تتحقق تلك المبادئ إلا إذا كان السلام والأمان يسودان شعوب العالم.
وعلينا أن لا ننسى أن سوريا هي من الدول الموقعة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وموقعةُ أيضاً على جميع الاتفاقيات الدولية التي تُحافظ على حياة المدنيين وممتلكاتهم وتُراثهم وتُدين كافة الجرائم التي تُرتكب بحق الإنسانية.
لقد فوجئت الثورة السورية ببرودة الموقف الدولي تجاه المجازر التي ارتكبها ويرتكبها النظام السوري الفاقد للشرعية والمعادي للإنسانية الذي يتبنى سياسة القوة والقمع وقهر شعبه بكافة الوسائل بقصد إخضاعه واستمرار سيطرته على السلطة مُستعيناً في ذلك بإقامة تحالفات مع بعض الدول المتطرفة مثل جمهورية إيران التي تدعم نظامه..
لذلك فإن مناشدتنا للمجتمع الدولي لاتخاذ موقف صارم يحد من قدرات هذا النظام في استمرار سياسة العنف والقمع ضد شعبه إنما يستند إلى العهد الدولي القائم بيننا نحن الشعب السوري بكافة أطيافه وبين دول العالم المتحضرة وذلك للحفاظ على المبادئ التي تبنتها الأمم المتحدة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي تطبيق الاتفاقيات الدولية التي التزمت بها سوريا مع دول العالم والتي تقضي بحماية الجنس البشري وحماية المدنيين وممتلكاتهم وتراثهم الثقافي من عبث العابثين حتى ولو كان هؤلاء العابثون حُكاماً للدولة التي يضطهدون شعبها, والتي يفترض فيهم رعاية هذا الشعب والحفاظ عليه وتطويره والحفاظ على أرضه وترثه وتاريخه.
إن الثورة السورية تأمل من المجتمع الدولي اتخاذ موقف حازم وفق ما يُمليه القانون الأخلاقي الذي تعاهدوا عليه من أجل حماية شعب أعزل يتعرض لأبشع أنواع الإبادة الجماعية،
كما تأمل من الدول التي يهمهما التعاون البناء والمستمر مع سوريا اتخاذ موقف واضح وصريح, لاسيما أن الشعب السوري اتخذ قراره بالإجماع بالتخلي عن النظام الحالي وجميع من سانده، معتبرين أن الدول التي لم تتبنى موقفا إنسانيا واضحا شريكا رسميا للنظام الذي استباح أبسط حقوق الانسانية ولذا حرصا من الثورة السورية على استمرار العلاقات بين سورية وبين جميع الدول في الشرق والغرب لما في ذلك من مصلحة لسورية أولا ولدول الأخرى ثانيا نأمل من جميع الدول حسم موقفها وأن تدع ضمير الإنسانية ينطق.
إن أبسط ما نأمله منكم هو الإصرار على إرسال بعثة دولية دائمة لها حرية الحركة داخل الأراضي السورية تتطلع على الواقع، مما يؤدي للحد من سفك الدماء لأن النظام لن يجرؤ على القتل بحضور دولي مستمر مؤكدين على أهمية استمرارية هذا البعثة.. وأن ترسل هذه البعثة تقارير دورية تعتمدها الدول لاستصدار العقوبات المناسبة واللازمة لإيقاف النظام عن استباحة الإنسانية.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *