Home»International»دلالة مولد رسول الإنسانية عليه السلام ( الحلقة الثالثة)

دلالة مولد رسول الإنسانية عليه السلام ( الحلقة الثالثة)

0
Shares
PinterestGoogle+

مر بنا أن الاحتفال بسيد المرسلين عليه السلام معناه الاحتفال بعالمية الرسالة الخاتمة الكاملة التامة ؛ وبالرحمة العاجلة والآجلة. وفي هذه الحلقة إن شاء الله تعالى نذكر دلالة أخرى للذكرى وهي الاحتفال بالأخلاق القيمة المفقودة في زمن العولمة.
الخلق ( بضم الخاء واللام ) مشتق من الخلق ( بفتح الخاء وتسكين اللام )وهذا الأخير يدل على الإبداع على غير مثال مسبوق ؛ وهو فعل الله عز وجل لهذا تسمى به واتصف بصفته فكان سبحانه خالقا ولا يتسمى بهذا الاسم ولا يتصف به غيره ؛ وفي قوله تعالى : ( هو الله الخالق البارئ المصور ) الإشارة إلى هذا الفعل الذي يدل على التقدير قبل الإبداع والترتيب. ويشمل الخلق ماكان ماديا وماكان معنويا.
والخلق ( بتسكين اللام) يطلق على الصورة المادية الظاهرة ؛ بينما الخلق ( بضم اللام) يطلق على السجية والطبع وهما بمثابة الصورة الباطنة. وإذا ما كان الحسن هو الصفة الغالبة على الخلق ( بتسكين اللام) لقوله تعالى : (وصوركم فأحسن صوركم) لأنه جلت قدرته متقن الصنعة والخلق لقوله تعالى : ( صنع الله الذي أتقن كل شيء) علما بأن السفهاء من الناس يبتدعون معايير للحسن فيحسنون الخلق ويقبحونه وكأنهم يعيبون صنع الخالق ؛ فان الخلق (بضم اللام) يجوز فيه الحسن والقبح لقوله تعالى :( إنا هديناه النجدين إما شاكرا وإما كفورا) بمعنى جبل على إمكانيتين إمكانية الحسن ويدل عليه الشكر وإمكانية القبح ويدل عليه الكفر.
وحقيقة الخلق ( بضم اللام) في الإسلام هو السجية وفق ما يمليه الخالق وهو ما يفهم من قوله تعالى في امتداح نبيه : ( وانك لعلى خلق عظيم ) وقد أجمع المفسرون على أن المقصود هو الدين بمعنى وانك لعلى دين عظيم ؛ وهو ما أكده قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كان خلقه القرآن) . وكل الرسالات السماوية كانت تدعو إلى الخلق بالمعنى الإسلامي أي إلى دين يقوم على توحيد الله عز وجل وطاعته فيما أمر ونهى؛ وكان كمال هذه الرسالات بالرسالة الخاتمة التي أكملت وأتمت وهو ما عبر عنه الوحي بقوله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) بمعنى رضيت لكم الإسلام خلقا ؛ وهو ما يؤكد قول النبي عليه السلام :(بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وهذا يعني أن الرسالات السابقة جاءت بأخلاق كريمة وكان عليه السلام هو متمها.
ولقد كانت مكارم الأخلاق التي شهد بها رسول الله لمن كان قبله من الرسل هي المؤشر على ما حصل من تحريف في بعض هذه الرسالات خصوصا التوراة والإنجيل وهما المقصودان بقوله تعالى : (يحرفون الكلم عن مواضعه ). فإذا ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفه ربه : ( وانك لعلى خلق عظيم) ؛ وفي نفس الوقت وصفه بأنه كباقي الرسل : ( قل ما كنت بدعا من الرسل ) فان ما يوصف به الرسل في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد يدل على تحريف الكلم عن مواضعه بكل جلاء. فعندما يوصف آدم بالتجاسر على ربه في محاولة مغالبته في العلم والمعرفة فهذا يعني نسبة سوء الخلق لنبي الله آدم ؛ كما أن وصف نوح بالسكر والتعري ؛ ووصف إبراهيم بالدياثة وادعاء أنه تنازل عن زوجه لحاكم مصر وفلسطين؛ ونسبة زنا المحارم للوط الذي ينسب له مضاجعة ابنتيه ؛ ونسبة الكذب والخداع ليعقوب ؛ ونسبة العدوان لإسماعيل إلى غير ذلك من الأباطيل والأوهام التي تروم الترويج لسوء الخلق عن طريق ركوب الدين . إن أصحاب التحريف كانت أخلاقهم سيئة وكانوا يجيزون التجاسر على علم الله وكانوا أهل سكر وعري وكانوا أهل دياثة ؛ وكانوا أهل زنا مع المحارم ؛ وكانوا أهل خداع ومكر فحاولوا إيجاد الغطاء الديني لسلوكاتهم الفاسدة ونسبوها للرسل الكرام أصحاب مكارم الأخلاق بشهادة الوحي قرآنا وسنة. فنحن لا نصادف في القرآن الكريم وصفا يشين خلق نبي من أنبياء الله كما هو حال وصفهم في المحرف من الكتب السماوية وتحديدا في التوراة والإنجيل .
ولقد ابتليت الأمة الإسلامية ومنذ زمن بعيد بحساد من عقيدة أهل التحريف حاولوا إدخال هذا الداء إلى دين تعهد الله تعالى بحفظه من التحريف بقوله : ( إنا نحن نزالنا الذكر وإنا له لحافظون) وكان من أوائل هؤلاء الحساد المتربصين اليهودي المعروف بابن السوداء وبابن سبأ الذي ابتع بدعة الإمامة والولاية بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وظل ينفخ فيها حتى أضفى على الإمام الولي من الصفات الرسولية والملائكية وحتى الإلهية ما ينزل به الله سلطانا ؛ فصار تمام الدين على يد الإمام حسب زعمه لا على يد الرسول لأن الرسالة حسب زعمه محدودة الزمان بينما الإمامة متواصلة إلى قيام الساعة ؛ وألبس الإمام لبوس العصمة التي لا تكون إلا لنبي لأن النبي خلق ليكون أسوة وقدوة لا يجوز في حقه خطأ وهو ما نسبه ابن السوداء لعلي الذي تبرأ منه. ومع مرور الزمن كبرت فكرة الإمامة كما تكبر كرة الثلج المتدحرجة فنسب للإمام ما لا يجوز إلا في حقه تعالى ؛ وهذا ما حمل الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى التنكيل بهؤلاء المبتعة شر تنكيل . ولقد وجدت هذه العقيدة الفاسدة طريقها إلى نفوس مريضة بوصف القرآن : ( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ) وظهرت البدع والضلالات وأقيمت الأضرحة على طريقة المعابد الوثنية ؛ وأخذ هؤلاء يتمسحون بها ويلطمون عندها الخدود ويشقون الجيوب ويدمون الوجوه والأجساد بدعوى البكاء والنوح على آل البيت الشهداء الذي قتلوا في سبيل الله علما بأن في عقيدة الإسلام لا بكاء على شهيد لسبب بسيط وهو أن الشهيد لا يموت لقوله تعالى : (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله )والغريب أن يكون علي بن أبي طالب وابنه الحسين حيين عند ربهما يرزقان وهما فرحان بما آتاهما من فضله والرافضة الكاذبة الخاطئة تنوح وتلطم وتندب ؛ وكأن الدنيا التي خلفها علي وابنه الحسين رضي الله عنهما أفضل من فضل الله في دار الخلد.
إن الرافضة وأصل عقيدتها التحريف الذي لحق اليهودية من قبل وحاول ابن سبأ إدخاله للإسلام تلتقي مع المحرفين من قبل في فكرة ركوب الدين من أجل الترويج للمفسدة الخلقية. إن رغبة هؤلاء في مظاهر الوثنية والشرك هو دافعهم لاتخاذ المقابر والمراقد مزارات يخاطب فيها الأموات خطاب الله عز وجل ويسألون ما يسأل الخالق جلت قدرته من رزق وصحة وهلم جرا. فإذا ما عيب عليهم ذلك وهو شرك صراح قالوا إننا نتشفع بهم فقط ؛ وكأن التشفع لا يكون إلا في المراقد ؛ وكأن الله غير موجود في غير المراقد ولا يستجيب بدون واسطة . كما أن رغبة هؤلاء في الفساد حملهم على إباحة ما حرم الله كزواج المتعة الذي نسبوه للدين والدين قد فصل فيه بصريح نص الحديث؛ علما بأن أصحاب هذه العقيدة الفاسدة لهم أحاديث مخالفة لما صح عند جمهور المسلمين وهي أحاديث صنعت صناعة لتوافق المعتقد الفاسد القائل بالإمامة والولاية وما يترتب عنهما لرغبة الطامعين في السيطرة على زمام أمور المسلمين في كل زمان تحت يافطة الإمامة والولاية.
ولعل التعصب الأعمى لهذه الضلالات هو السر وراء العدوانية المتأصلة في الرافضة الذين دأبوا على اللعن والشتم والكذب والافتراء على كل من سفه عقيدتهم الفاسدة ؛ مخالفين بذلك خلق القرآن و هوخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ علما بأنه عليه السلام حث على حسن الخلق فقال من بين ما قال : ( من أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق ) ؛ ( ليس شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق ) ؛ (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ) ؛ ( إن العبد ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم والقائم ).
كل هذا والرافضة تذكر صحابة رسول الله بالشتم واللعن وأي صحابة ؟؟؟ المبشرين بالجنة وأصهار الرسول عليه السلام بل وأزواجه ؛ وقرابته كل ذلك من أجل عقيدة الإمامة والولاية الفاسدة التي حاولوا إقحامها في دين الله لتكون مطية يصل بها الانتهازيون إلى سدة الحكم وليصيبوا الدنيا الزائلة كما هو حال من يسد اليوم مسد الإمام الغائب حسب خرافاتهم ؛ وهؤلاء السماسرة قد كشف الله طويتهم فعرف الناس تواطؤهم مع المحتل الكافر ونصرتهم له ضد المسلمين في العراق تحديدا ؛ وهو ما أكده الحديث الشريف : ( من تخلق للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه شانه الله ) . لقد شانهم الله في عيون المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
إن دلالة الاحتفال بمولد رسول الإنسانية عليه السلام معناها الاحتفال بخلقه وخلقه هو القرآن والسنة بلا تحريفات ولا ضلالات معروفة الغايات والأهداف. إن إحياء الذكرى معناه إحياء السنة وقتل البدعة واستئصالها. وعلى رأس البدع بدع الرافضة والطرقية التي تصبغ على المشايخ ما يصبغه الرافضة على الفقهاء الأولياء من قدسية وعصمة وتنزيه تجاسرا على النبي الكريم صاحب العصمة والقدسية والتنزيه الوحيد وصاحب الخلق العظيم بشهادة الوحي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *