Home»International»ليس بعد تكريم الإسلام للمرأة تكريم

ليس بعد تكريم الإسلام للمرأة تكريم

0
Shares
PinterestGoogle+

دين الإسلام الذي ختم به رب العزة جل جلاله الديانات السماوية ، وأكملها به رفع من شأن الإنسان بغض الطرف عن جنسه . ومن المغالطات المتهافتة التي لا تثبت أمام نقل أوعقل محاولة اتهام الإسلام بالتعصب للذكورة أو الرجولة على حساب الأنوثة ، وهي محاولة يائسة من طرف العقائد الشاذة التي تحاول إقامة صرح مجدها الوهمي على أساس خلق الصراع بين الجنسين . والله عز وجل إنما خلق الإنسان من ذكر وأنثى يتكاملان ولا يتناقضان ولا يلغي أحدهما الآخر كما تريد العقائد والفلسفات الشاذة عن الفطرة . ومعلوم أن القرآن الكريم هو مصدر استقاء وجهات نظر الإسلام فيما يتعلق بحياة الإنسان . وكثيرا ما يعتمد المغرضون الذين يريدون النيل من الإسلام على وجهات نظر مردها بعض الثقافات أو العادات في المجتمعات المحسوبة على الإسلام دون أن يكلفوا أنفسهم العودة إلى مصدر الإسلام الذي هو القرآن الكريم . وبعضهم لا يسعه إلا أن يقر بصدقية القرآن الكريم كمصدر يعكس وجهة نظر الإسلام الحقيقية إلا أنه يتعلل بسوء تأويل نصوص القرآن لرفض القرآن . والقرآن الكريم لا يتحمل مسؤولية من تذهب تأويلاته إلى ما يستجيب لأهوائه أو ما ورثه من ثقافات أو عادات. ولا يمكن الغلو في القول بتأثير التأويلات على نصوص القرآن من أجل إيجاد ذريعة التشكيك فيه ، ذلك أن التذرع بتأثير التأويلات على حقيقة القرآن الكريم هو ضرب من التشكيك فيه لأنه في نهاية المطاف رفض لهذا القرآن. والحقيقة أن التأويلات البعيدة عن منطق ودلالة القرآن باتت معروفة عند أهل العلم ، وهي مردودة على أصحابها عبر العصور. وإذا ما أردنا أن نعالج قضية المرأة في الإسلام فلا يمكن ذلك إلا انطلاقا من مصدرين موثوقين لا يحوم حولهما أدنى شك هما القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة .

يقطع الله عز وجل الطريق عن كل من يعتمد على الجنس للتمييز بين الذكور والإناث ،

فصورة المرأة التي يتحمل مسؤوليتها الإسلام هي تلك الصورة التي يقدمها القرآن الكريم ، والسنة النبوية الشريفة بعيدا عن تأثيرات الملل والنحل .فالقرآن الكريم تحدث عن أنثى تقابل الرجل وتعدله كأصلين عنهما تفرعت البشرية لقول الله تعالى  » (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )) فلو أن الإسلام كما يزعم البعض كان دينا متعصبا للذكورة على حساب الأنوثة لما أقر بالأنوثة أصلا للبشرية إلى جانب أصل الذكورة. ولو صحت نسبة احتقار الأنثى لدين الإسلام كما يزعم البعض لكان ذلك الاحتقار لاحقا بالبشرية قاطبة لأن من كان أحد أصوله حقيرا ورث الحقارة منه ، ولم تفارقه أبدا . والله تعالى جعل التكريم سواء بين الذكر والأنثى إذ قال سبحانه : ((ولقد كرمنا بني آدم )) فآدم عليه السلام خلف الذكور والإناث ولا يمكن أن يكون التكريم المنصوص عليه في الآية الكريمة حكرا على الذكور دون الإناث. ودرءا لكل تمييز على أساس الجنس قال الله تعالى : (( إن أكرمكم عند الله أتقاكم)) فبهذه الآية البعيدة عن مجالات التأويل يقطع الله عز وجل الطريق عن كل من يعتمد على الجنس للتمييز بين الذكور والإناث ،ويجعل التمايز بين الجنسين من جهة ، والجنس الواحد من جهة أخرى شيئا بعيدا عما هو فسيولوجي ، وهو التقوى ، وهي عبارة عن خاصية معنوية لا علاقة لها بما هو مادي. فالتقوى هي التي تكسب الذكر والأنثى على حد سواء التكريم الإلهي. والله تعالى عندما تحدث عن أول إنسان ذكر لم يخاطبه في غياب أول إنسان أنثى إذ قال سبحانه : (( وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين )) فالنداء الإلهي كان موجها على حد سواء إلى آدم وحواء ، والدليل على ذلك الصيغة التي جاء بها النداء ذلك أن قوله تعالى : (( وزوجك )) وهي صيغة دالة على معية تعني أن الزوجة يشملها النداء ، كما أن الأمر والنهي تأكد من خلال صيغتيهما الصرفية أنهما موجهان لآدم وحواء معا .

 

فالله عز وجل ميز بين الجنسين فسيولوجيا لغرض انتشار البشر عن طريق التوالد، ولم يميز بينهما  في طاقات عقلية أوعاطفية

ولما وقعت المعصية لم تقع من آدم وحده ولا من حواء وحدها بل منها معا على حد سواء لقوله تعالى : (( فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كان فيه )) فالشيطان لم يغرر بأحدهما دون الآخر بل غرر بهما معا ، وقد جعله الله تعالى عدوا لهما معا لقوله سبحانه : (( فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك )). فهذه الآيات المتعلقة بأول ذكر وأنثى تدل على مساواة بينهما في الخلق والتكريم والتكليف ، وحتى الخطيئة ، لهذا لا يجوز أن يعتمد بعض الناس أفكارا مردها ثقافات أو عادات شاذة عن الفطرة لمحاولة خلق تمييز بين الذكورة والأنوثة . وكثيرا ما ينطلق البعض من الاختلاف الفسيولوجي بين الرجل والمرأة للتعسف في خلق خلافات لا تستقيم بين الجنسين ولا مبرر لها . فالله عز وجل ميز بين الجنسين فسيولوجيا لغرض انتشار البشر عن طريق التوالد، ولم يميز بينهما في طاقات عقلية أوعاطفية ، ولم يقم تكريمهما على أساس اختلاف جنسهما بل على أساس التقوى. وفي كل سور القرآن الكريم ينسب الله تعالى نفس الصفات للذكور وللإناث سواء كانت صفات مدح أو صفات قدح ، ولم تنسب صفة قدح أو مدح لأحد الطرفين على أساس الفارق الجنسي بينهما، أو بسببه ، بل أكثر من ذلك ذم الله عز وجل الذين حاولوا نسبة الدونية للمرأة على أساس جنسها في قوله عز من قائل : (( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون )) لقد جعل الله تعالى مولد الأنثى بشارة ، ولم يجعلها سبة ولعنة وشؤما كما كانت عادة من وصفهم الله تعالى بأنهم ساء ما يحكمون سواء حين يشعرون بالهوان عندما تولد لهم الأنثى أو عندما يدسونها في التراب . وهذه الآية الكريمة دليل يقطع قطعا مبرما دعوة من يريد تلفيق إهانة المرأة للإسلام . وكما رفع القرآن الكريم من شأن نماذج ذكورية رفع أيضا من شأن نماذج أنثوية كما هو الحال مع الأنبياء والرسل والصديقات من أمثال مريم بنت عمران ، وآسية زوج الفرعون .

فالذين يحاولون كشف الحجاب عنها من خلال تشجيعها على العري والسفور لا يكرمونها بل بالعكس يجعلونها مجرد سلعة تخضع لقانون العرض والطلب

 

ونفس الشيء يقال عن الذم فكما ذم نماذج ذكورية كالفرعون وأبي لهب ، ذم زوجتي نوح ولوط وزوجة أبي لهب. والملاحظ أن المدح والذم لم يكونا على أساس جنسي بل على أساس حضور وغياب التقوى. ويصر أصحاب التصورات والعقائد الشاذة عن الفطرة على اعتماد الأمور المادية كأسس للتمييز بين الجنسين ، وهي أسس لا يعتد بها الإسلام ، فكما يرون التفاضل بين الجنسين على أساس الفرق الفسيولوجي يتمسكون بكل فرق مادي لتبرير التفاضل ، ومن هنا وجدوا في أنصبة الميراث ذريعة لاتهام الإسلام بالتحيز للذكورة على حساب الأنوثة ، كما وجدوا نفس الذريعة في خاصية تعدد الزواج المناسبة للطبيعة الذكورية وغير المناسبة للطبيعة الأنثوية إذ تتحطم قاعدة الأنساب في تعدد الذكور مع الأنثى ، ولا تتحطم في تعدد الإناث مع الذكر وفق قانون التوالد المنتظم الذي لا يمكن أن يشكك فيه أحد له أدنى قسط من علم التوالد .ونفس الحكم المنسحب على التعدد ينسحب على الميراث إذ لا يمكن أن يميز الله عز وجل بين جنس وآخر بحكم دون أن يكون وراء ذلك ما يدعو لتمييز تدعو إليه الضرورة والفطرة التي فطر الله الناس عليها . وأما ادعاء تكريم المرأة من طرف بعض الثقافات والمعتقدات خارج الغطاء الإسلامي فمحض خبط لا يستقيم مع الفطرة ،ذلك أن الذين يبتذلون الأنثى بشتى الطرق والوسائل بدعوى الحرص على كرامتها تكذبهم نتائج ابتذالها في الواقع المعيش . فالذين يحاولون كشف الحجاب عنها من خلال تشجيعها على العري والسفور لا يكرمونها بل بالعكس يجعلونها مجرد سلعة تخضع لقانون العرض والطلب . والذين يزينون لها الانحلال الخلقي بدعوى صيانة حريتها إنما يصادرون منها حريتها حينما يجعلونها مجرد مخلوق تتحكم فيه الغريزة. فحرية المرأة في جسدها لا يعني بالضرورة إباحة هذا الجسد لكل من هب ودب بل هو جسد صانه خالقه بتكريم الزواج لا بإهانة السفاح. إن المرأة وهي تقف في محطة الثامن من مارس التي أفرزتها ثقافات غريبة عن الثقافة الإسلامية يجب أن تتأكد من خلال احتكاكها بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أنه لا تكريم لها خارج إطارتكريم الإسلام ، ومن التمست تكريما خارجه وقعت في أوحال الذل والهوان .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *