كشفت البرقيات السرية لوزارة الخارجية الامريكية التي ينشرها موقع ويكيليكس الالكتروني عن اقتراح امريكي بتوطين آلاف الصحراويين في جزر الكناري الإسبانية، في أفق منحهم الجنسية الإسبانية لإنهاء النزاع حول الصحراء، وهو ما اثار زوبعة في الأوساط السياسية الإسبانية التي عبرت عن دهشتها وتوجسها من حلول مثل هذه.
وحسب مصادر صحافية مغربية فإن صاحب الاقتراح هو روبرت جاكسون السفير الحالي للولايات المتحدة الأمريكية بالكاميرون والقائم بالأعمال السابق في سفارة واشنطن بالرباط والذي يقول في اقتراحه انه ‘نظرا للعدد القليل للصحراويين، فإن بإمكان إسبانيا منحهم الجنسية الإسبانية مع إمكانية الهجرة إلى إسبانيا أو جزر الكناري أو أي مكان آخر في الاتحاد الأوروبي، مما سيشكل أمرا مهما. فإعادة توطينهم ربما تكون حلا سهلا لمشكلة اللاجئين’.
واستعملت في إسبانيا عبارات مثل ‘الحماقة’ و’الهذيان’ و’الهراء’ و’الجنون’ لوصف مقترح الدبلوماسي الأمريكي، الا ان صحفا مغربية قالت ان هذا الاقتراح ‘يتماشى في حقيقة الأمر مع سياسة إسبانيا التي تحاول منذ عدة سنوات اعتبار الصحراويين ‘شبه’ مواطنين إسبان يجب عليها توفير الحماية لهم، بما أن الآلاف منهم كانوا يحملون الجنسية الإسبانية إلى 1975 عندما كانت الصحراء مستعمرة إسبانية’.
ورفضت وزارة الخارجية الاسبانية التعليق على الاقتراح فيما وصف عضو في قيادة الحزب الاشتراكي الحاكم مقترح الدبلوماسي الأمريكي بـ’الهذيان’، مشددا على ‘جهل’ هذا الدبلوماسي بحقيقة الوضع في المنطقة.
واعتبر غوستافو دي أريستيغي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية عن الحزب الشعبي بالكونغرسو (الغرفة السفلى للبرلمان)، المقترح ‘حماقة لا تستحق أي تعليق’ وأن ‘الشخص الذي طرح هذه الفكرة ليس عليه فقط أن يرجع إلى المدرسة الدبلوماسية وإنما عليه الرجوع إلى المدرسة وكفى’، وهو الرد الذي يظهر جليا اندهاش وتوجس الطبقة السياسية الإسبانية من حلول مثل هذه ربما تأتي من قوة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية.
وهاجم زعيم الحزب الشيوعي، غاسبار يماثاريث، مباشرة الدبلوماسية الأمريكية واتهم واشنطن بالسعي لـ’خلق معسكرات لاعتقال الصحراويين بجزر الكناري’ وقال السياسي الإسباني، والذي يعتبر من أهم داعمي جبهة البوليزاريو بإسبانيا، إن ‘هذه الفكرة جنونية وتؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية تراهن على الدبلوماسية الغيابية’.
وعلى علاقة بالوثائق الامريكية حول نزاع الصحراء نسبت وثيقة نشرها ويكيليكس إلى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي قوله خلال لقاء مع ديفيد وولش، مبعوث الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يوم 28 شباط/فبراير 2008 بالعاصمة تونس ‘إن الجزائر تعرقل جميع المشاريع الممكنة في المنطقة المغاربية بسبب موقفها من قضية الصحراء’.
وقال بن علي خلال هذا اللقاء ‘على الجزائر أن تتفهم أنه ليس هناك إمكانية لدولة سادسة بالمنطقة’.
ووفقا للوثيقة الدبلوماسية المسربة، والتي صنفت على أنها ‘برقية سرية’ وتم بعثها يوم الثالث من آذار/مارس 2008، فإن الرئيس بن علي شدد على أن هذه المشكلة لا يمكن حلها عبر مجلس الأمن الدولي، وأشار إلى أن بلاده دعت قادة المغرب العربي إلى اجتماع لمناقشة قضية الصحراء في تونس، ‘وفي الوقت الذي عبر المغرب وليبيا عن استعدادهما للمشاركة في هذا اللقاء، للأسف رفضت الجزائر بدون إبداء أسباب مقنعة’.