Home»International»الله تعالى خلق الناس شعوبا وقبائل للتعارف ولم يخلقهم طوائف للتناحر

الله تعالى خلق الناس شعوبا وقبائل للتعارف ولم يخلقهم طوائف للتناحر

6
Shares
PinterestGoogle+

من رحمة الله عز وجل بالخلق أنه تداركهم برسالاته وكلامه ، ووجههم إلى ما يصلح أحوالهم في دنياهم قبل أن يحشروا إليه فيحاسبهم على ما كان منهم من خير وشر. والله تعالى الخالق أعلم بالخلق وبما ينفعهم ويضرهم . ولما كان قدر الناس في هذه الحياة أن يعيشوا مجتمعين في مجتمعات فقد جعلهم الله تعالى جماعات تصغر وتكبر حتى تنتهي إلى أكبر التجمعات الممكنة وهي الشعوب. ومعلوم أن الشعوب عبارة عن جماعات كبرى من البشر تتكون من أصغر الجماعات ذلك أن العشيرة وهم القرابة الذين تجمعهم الرحم الواحدة يصيرون فصيلة ثم فخذا ثم بطنا ثم عمارة ثم قبيلة ثم شعبا،لهذا خاطب الله تعالى الناس بقوله : (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم )) فذكر الله تعالى أصغر جماعة وهي الجماعة المكونة من ذكر وأنثى لهذا جاء في الأثر الاثنان فما فوق جماعة ثم ذكر القبائل التي تتشعب فتصير شعوبا. وكمثال على هذه الجماعات يقال إن خزيمة شعب ، وكنانة قبيلة ، وقريش عمارة ، وقصي بطن ، وهاشم فخذ ، والعباس فصيلة ، وما دون ذلك عشيرة . ولقد ذكر الله تعالى أهم مكونات الناس من حيث أنسابهم فهم من ذكر وأنثى بداية ، وهم بعد ذلك شعوب وقبائل ، والشعوب هي مجموع القبائل والغاية من هذه التجمعات البشرية التعارف ، ووسيلة التعارف تقوى الله عز وجل لهذا أشاد الله بالتقوى ولم يشد بالشعوب ولا بالقبائل. والتقوى لا تكون إلا بالتزام دين الله عز وجل.

فقد تتقاتل الشعوب والقبائل عصبية أو تعصبا للعرق والجنس ، والمانع من تقاتلها هو تقوى الله عز وجل . والتقاتل إنما سببه الطائفية ، وهي نوع من التجمع البشري أساسه الاجتماع حول رأي أو فكرة أو مذهب يقابل التجمعات السالفة الذكر التي أساسها الأعراق والأرحام . وكما منع الله تعالى الصراع بين الشعوب والقبائل وهو صراع قد يذكيه التعصب للأعراق والأجناس عن طريق التقوى منع كذلك التعصب للطائفية عن طريق منع البغي فقال جل من قائل : (( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيىء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون )) فبموجب هذه الآية الكريمة يكون وجود الطوائف بين المؤمنين أمرا مفروغا منه لأن جماعة المؤمنين المكونة من شعوب وقبائل يربطها الدين أو تقوى الله عز وجل لا بد أن تختلف آراؤها فتتكتل في شكل طوائف حول هذه الآراء وهذه الآراء حتما تكون متعارضة وعنها تنشأ المذاهب ذلك أن السير إلى رأي من الآراء هو ذهاب إليه لهذا يسمى ذلك مذهبا أو تمذهبا . واختلاف الآراء معناه احتمال الصواب في بعضها والخطأ في البعض الآخر ، وهذا يجعل المذاهب عرضة للصواب والخطأ ، واحتمال الصواب والخطأ في الآراء يترتب عنه بالضرورة البغي وهو الاعتداء حيث تعتدي الآراء الخاطئة على الآراء الصائبة فيجر ذلك إلى الاقتتال ويتطلب ذلك في دين الله عز وجل الإصلاح بين المتقاتلين ، ومن طرق الإصلاح مقاتلة الطائفة الباغية حتى ترجع عن بغيها فإذا رجعت حصل الإصلاح بينها وبين غيرها بالعدل والإقساط لتحصل الأخوة التي هي قدر المؤمنين والأصل فيها الصلح ، وهي أخوة أساسها تقوى الله عز وجل .و إذا كان هذا شرع الله عز وجل فإن الأمة الإسلامية قد ولت ظهرها له وتنكرت للأخوة ،وفضلت البغي على العدل والقسطاس ، وفضلت الاقتتال على الصلح انتصارا للمذاهب وهو تعصب الآراء ، ولا توجد في الأمة الجهة التي أمرت بقتال الطوائف الباغية حتى ترجع عن بغيها مما يكرس الطائفية المسببة للعداوة والاقتتال في الأمة عوض الأخوة التي أساسها الصلح. والجهة التي أمرت بقتال الطوائف الباغية عوض أن تقوم بواجبها الشرعي فهي إما معطلة أو منحازة للطائفية وبهذا يجثم البغي على صدر الأمة . لقد شاهدت بالأمس حلقة من حلقات ما تسميه قناة الجزيرة الاتجاه المعاكس ، وهو لعمري برنامج تحريش يصب الزيت على نار الخلافات فشاهدت عراقيين أحدهما يبكي على الأمة والدولة المفقودة في العراق والآخر ينفخ في الطائفية نفخا مخجلا إلى حد أنه انزلق إلى سب معاوية وابنه يزيد والحجاج مع أن تلك أمة قد خلت بطوائفها الباغية والمظلومة وصار أمرها عند الله عز وجل وقد انتقلت من دار الابتلاء والاختبار إلى دار الجزاء والحكم لله الواحد القهار ولا معقب لحكمه .

فماذا يعني النفخ في الطائفية الآن وماذا يعني إقحام التاريخ في الحاضر؟ وماذا يفيد سب معاوية ويزيد والحجاج الآن ؟ فسب ولعنهم هؤلاء الآن مجرد رأي يحتمل الصواب والخطأ ، فإن كان خطأ ترتب عنه بغي ، وترتب عن البغي رجوع إلى أمر الله عز وجل ، وأمر الله تعالى هو قوله :(( تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون)) وقوله تعالى : (( ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون )). هذا أمر الله عز وجل الذي يجب أن يرجع إليه الجميع عوض التعصب للبغي المفضي للاقتتال .فمعاوية وابنه يزيد والحجاح وغيرهم عليهم ما اكتسبوا ولا يزر أحد أوزارهم والمرجع في تحديد الأوزار هو رب العزة سبحانه بلا شريك وهو الذي يتولى إنباء المختلفين فيما اختلفوا فيه ، فما دخل بعض الطوائف في اختصاص رب العزة سبحانه ؟ إن سب ولعن معاوية وابنه يزيد والحجاج وغيرهم من طرف طائفة الرافضة هو مجرد ارتزاق بالأحداث التاريخية في تاريخ الإسلام بحثا عن المشروعية في الحاضر الذي لا علاقة له بالماضي . فمعاوية ويزيد والحجاج وغيرهم سيسألون عما كسبوا ولن يسأل عما كسبوا غيرهم ، والذين يسبونهم اليوم سيسألون عما كسبوا بما في ذلك سبهم ولعنهم لغيرهم من أهل الماضي . ولا مبرر لركوب الأحداث التاريخية لتبرير بغي اليوم ذلك أن العراق لا يوجد به اليوم معاوية ولا يزيد ولا الحجاج ولا الحسين تلك أمة قد خلت ، ولا مبرر لإعادة الأمة الخالية في الحاضر . فالذي يسب ويلعن معاوية ويزيد والحجاج وغيرهم ويتباكى على موت الحسين لن ينصف الحسين ولن يقتص من الذين ظلموه وإنما يستغل الحسين أبشع استغلال ويرتزق بقضيته من أجل مصالحه الخاصة السياسوية كما يقال .فعمائم السوء السود الرافضة في العراق استغلوا العاطفة الدينية لسواد الناس ، وزعموا لهم أن خلاف علي ومعاوية ويزيد والحسين من صميم الدين ، وتحايلوا على سذاجتهم فصوروا أنفسهم في مقام علي والحسين وصوروا من يعارضهم في مقام معاوية ويزيد ، وأوهموا الرعاع والسوقة أن الانتصار لعلي وللحسين أمرا ممكنا على مر العصور ، وزعموا عكس ما جاء في كتاب الله عز وجل أن تلك أمة قد خلت لها ما كسبت و لا يسأل سؤالها غيرها .

فإذا كان معاوية قد أخذ حق علي ، ويزيد أخذ حق الحسين فهل يستطيع أحد اليوم أن يرد الحقوق لأصحابها ؟ ومن ذا الذي يستطيع أن يتجرأ فيزعم أنه يمثل عليا والحسين وغيره يمثل معاوية ويزيد ؟ إن عمائم السوء الرافضة يزعمون ذلك بلا حياء ولا خجل . وعوض أن يدخلوا اللعبة السياسية بعيدا عن استغلال العواطف الدينية و ركوب الطائفية والتغرير بالسذج والعوام والرعاع فإنهم ينفخون في الطائفية نفخ الحداد في الكير لإشعال نار الفتن ، وقد وجد المحتل الأمريكي والطامع الإيراني والعدو الصهيوني ضالته فيهم فركبهم ركوب المطايا الذلل ، وها هو العراق يتحول من شعب إلى مجرد طوائف ، ويمضي أكثر من 200 يوم ولا تستطيع الطوائف أن تجتمع حول من يقود البلاد لأن عمائم السوء الرافضة تريد الاستبداد بالقيادة والحكم على خلفية صراع تاريخي بين علي ومعاوية ويزيد والحسين ، وتريد أن تحل محل أمة قد خلت ولها ما كسبت . وأخيرا أكرر إن الله تعالى خلق الناس شعوبا وقبائل للتعارف وجعل الأكرم أهل التقوى ، ولم يخلقهم طوائف للتناحر .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. اسماعيل ارناووط
    05/10/2015 at 21:06

    هل الله سبحانه هو من قسم البشر لشعوب ام هم قسموا انفسهم لشعوب

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *