ادعاء الحق في السلطة باسم الدين افتراء على رب العالمين
اطلعت على كتاب » نظرية السلطة في الفقه الشيعي » لصاحبه توفيق السيف فوجدت بائقة ادعاء الرافضة للحق في السلطة باسم الدين افتراء على رب العالمين. ولعمري إن أبشع استغلال للدين هو تأويله التأويل المغرض من أجل تسخيره للوصول إلى السلطة . أثار صاحب الكتاب الضرورة البشرية لوجود السلطة وهو أمر مفروغ منه نظرا لحاجة الناس في كل زمان وفي كل مكان إلى اجتماع يفرض وجود المصالح المشتركة بينهم ، وهي مصالح تفرض سلطة تصونها . والخلاف الجوهري بين الناس هو في طبيعة هذه السلطة . فمنذ العهود البعيدة في التاريخ كان الناس صنفين : صنف يجعل السلطة بيد بشر يريد التفضل على غيره من البشر أمثاله بشيء لا يستقيم عقلا كادعاء الألوهية أو ما يعرف بالبشر الآلهة أو أشباه الآلهة ، وهم بشر يستعبدون الناس مع أنهم من الناس . وبسبب هؤلاء بعث الله عز وجل الرسل والأنبياء لتخليص الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد . وصنف يجعل السلطة بيد بشر يتم التوافق عليهم والرضا بهم دون أي اعتبار يجعلهم آلهة أو أشباه الآلهة . وهذا التقسيم في فهم السلطة لا يخلو منه مجتمع قديم أو حديث متدين أو غير متدين . والمجتمعات المتدينة في الغالب قديما وحديثا تميل إلى ربط السلطة السياسية بالدين من أجل إكسابها المشروعية لأن السلطة السياسية واقعة لا محالة في الأخطاء وهو أمر يفقدها مصداقيتها عند الناس لهذا يبحث البعض عن مشروعية السلطة في الدين ، وهو ما صرح به السيد توفيق سيف الذي حاول اختبار إمكانية عرض نظرية جديدة لشرعية السلطة في الإسلام على حد قوله ، وهو يبحث موضوع السلطة في الفقه الجعفري .
لن يختلف أحد من السيد السيف في أن الإسلام عبادة وسياسة ولكن لا أحد يقره بأن العبادة هي مطية تركب من أجل الوصول إلى السياسة . يكشف السيد توفيق السيف في كتابه هذا عن ركوب الشيعة للدين من أجل شرعنة السلطة ، ذلك أنه يتجاوز النص القرآني الصريح في السلطة التي قوامها في الإسلام مبدأ الشورى كما ورد في قوله تعالى في سورة الشورى ، وما سمى الله تعالى سورة من سور كتابه الكريم باسم الشورى إلا ليلفت أنظار الخلق إلى أهمية هذا المبدأ في حياتهم . يقول جل من قائل : (( وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون وجزاء سيئة مثلها )). هذا نص صريح بشورى السلطة في الإسلام وهولا يقبل التأويل ، ومع ذلك يزعم السيد توفيق السيف أن السلطة في الإسلام قوامها الإمامة ، وهي إمامة متعلقة بالله تعالى وطبقا لأمره ، مع أنه سبحانه أمر بسلطة الشورى ولم يأمر بسلطة الإمامة . فالإمامة عند الرافضة هي امتداد لولاية الخالق تعالى الله عما يصفون ، وأن نصب الإمام واجب على الله تعالى عما يدعون وهو الله الذي لا يوجب عليه خلقه شيئا . والإمامة عندهم هي خلافة الله تعالى وخلافة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهي المكملة لمهمة الرسالة والنبوة غير المكتملة على حد زعمهم والمتمثلة في إيصال الرسالة إلى أرجاء المعمور. ولهذا جعل الرافضة أركان الإسلام الخمسة هي : الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية ، فأسقطوا من أركان الإسلام الخمسة عند جماعة المسلمين الركن الأول وهو شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ليقيموا مقامه ركن الولاية حسب زعمهم ، وهو أصل الأركان كلها عندهم إذ لا تقوم الأركان الأربعة إلا بركن الولاية . وهذه لعمري حيلة بليدة لشرعنة السلطة .
ولهذا تبدأ مشكلة السلطة عند الرافضة بساعة وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يعتقدون وفق أركان إسلامهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نص بالإمامة لعلي رضي الله عنه تصريحا وتلميحا ضاربين عرض الحائط سورة الشورى وآية الشورى ، وغير مبالين بالتناقض الصارخ بين مضمون الآية الكريمة المحكمة القطعية ،و بين حديث غدير خم الواضح الوضع الذي لا يعتد به علماء الحديث الثقات لما فيه من تدليس ، مع وضوح تناقضه مع كتاب الله عز وجل . والإمامة عند الرافضة لطف إلهي حسب البعض أو تمكين حسب بعضهم الآخر. ومفهوم اللطف حيلة رافضية من أجل التسويق لمفهوم العصمة الذي يلصق بالإمامة لإكسابها الشرعية . فخلافة الله عز وجل في نظرهم تقتضي العصمة لهذا لا يكون خليفة الله تعالى إلا إماما معصوما ، وبهذا تنزل الإمامة عندهم منزلة النبوة التي من شروطها العصمة . فالعصمة الإمامية عند الرافضة عبارة عن لطف رباني للخلق من قبل الخالق . فالإمام المعصوم عندهم لا يفعل إلا الحسن ولا يأمر بغير الصحيح . ولأن الإمام معين من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم فمخالفته أو الخروج عن التزام طاعته تماثل الخروج عن طاعة الرسول ، وهي في مرتبة عصيان الخالق جل وعلا. ومن حارب الإمام جرى مجرى من حارب الرسول في الحكم عليه بالكفر. ومن هنا يأتي تكفير الرافضة لكل من لا يقر بإمامتهم المزعومة . وهم يعتبرون كل حاكم غير الإمام المعصوم غاصبا لمقام الإمامة ، وهو مرتكب لظلم مركب. لهذا فخلافة الخلفاء الراشدين الثلاثة في نظرهم اغتصاب وظلم ، وهو ما يجعلهم يلعنون خيرة الصحابة بسبب ذلك . وكل حكم بعد الخليفة الرابع أو الإمام المعصوم على حد زعم الرافضة هو ملك عضوض .
ويصطدم الرافضة بمشكلة غياب الإمام الثاني عشر الذي غاب منذ سنة 329 للهجرة والذي يقع وزر اختفائه على من خوفه فخاف واختفى ، مع أنه حضوره كغيابه لأنه موجود يدير أمور الكون مع الله عز وجل تعالى الله عما يصفون من وراء حجاب إلى أن تحين ساعة نزوله ليدير أمور الكون مباشرة لهذا يسألون في دعائهم تعجيل فرجه على حد قولهم . وقضية غيبته تطرح حرجا كبيرا للرافضة باعتراف السيد توفيق السيف في كتابه لهذا لم يجدوا بدا من البحث عمن يسد مسد الإمام الغائب بالفعل الحاضر بالقوة وهو الولي الفقيه الجامع للشرائط ، والمشارك للإمام في العصمة التي مصدرها اللطف الرباني . لقد انتظروا سبعة قرون على مرور الغيبة الكبرى للسماح بقيام ولاية الفقيه التي تنوب عن ولاية الإمام . وينسب للولي الفقيه المعصوم ما ينسب للإمام المعصوم ، وينطبق حكم الكفر على من يرفض ولاية الفقيه . فلا يقيم في نظر الرافضة العدل والإحسان في الأرض إلا إمام معصوم أو فقيه معصوم يسد مسده . وقد جوزوا لمن يقوم بالعدل والإحسان في ظل الحكم العضوض أو الجائر السعي بوظيفة العدل والإحسان والعمل لأجلها ، وهو لا يعتبر موزورا لكونه عاملا للجائر لأنه يعمل للعدل والإحسان لا للجور. وبالمناسبة أرى بعض أهل السنة من أصحاب الطرق يأخذون بمفهوم العدل والإحسان عند الرافضة فينسبون لأنفسهم القيام بوظيفة العدل والإحسان في ظل حكم يعتبرونه جائرا وعضوضا وفي نظرهم لا شرعية لهذا الحكم أمام شرعيتهم تماما كما يقول الرافضة لا شرعية لسلطة مع وجود سلطة الإمام أو سلطة الولي الفقيه . وهكذا تلفق الشرعية الزائفة للسلطة عند الرافضة ، ومن يحذو حذوهم باسم الدين افتراء على رب العالمين .
ومن أجل التأثير في الأغرار والعوام والسذج يتم التهويل من شأن الإمامة وولاية الفقهاء، ويلحق الأئمة والفقهاء الأولياء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويتخذون أندادا لله تعالى علما بأن رسول الله صلى الله عليه أنكر على أحد الصحابة محاولة اتخاذه ندا لله تعالى من خلال مجرد عبارة كان القصد منها التوقير والتعظيم لشخصه الكريم . وهكذا يسوق الرافضة لألقاب تشي بادعاء القداسة من قبيل آية الله العظمى ، والسماحة … وغير ذلك مما يوجد عند اليهود والنصارى الذين يتخذون أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله عز وجل . وهكذا ينجح الرافضة في إخضاع أتباعهم لسلطة الخلق عوض خضوعهم للخالق جل وعلا لأنهم ينزلون الأنداد الذين يتخذونهم له منزلة الخالق جلا في علاه ، ويقنعون الأتباع بأن طاعة الأنداد من طاعة الله عز وجل . وهكذا يمكن لمن يسيطر على السلطة المشرعنة باسم الدين عند الرافضة أو غيرهم ممن يحذو حذوهم أن يعلن الحروب والسلام متى شاء وأنى شاء ، ويفرض ما شاء ومتى شاء على أتباعه الذين يعتقدون أنه يتلقى الأوامر من الله تعالى الله عما يصفون .
والويل لكل من شكك في صاحب السلطة المشرعنة باستغلال الدين وقال له : اتق الله يا هذا فأنت مجرد عبد من عباد الله لا عصمة لك ولا عاصم من الله ، فإنه يصنف أسوأ تصنيف فهو : الكافر الزنديق الناصب الملعون فوق المنابر المهدر الدم ، المباح العرض . وهذا ثمن من طالب بسلطة الشورى ضد سلطة آلهة البشر أو أشباه الآلهة في هذا الزمن ، وهو نفس الثمن الذي دفعه من كان يعارض سلطة البشر الآلهة وأشباه الآلهة في الماضي البغيض لا يقل حاضرنا بغضا عنه.
1 Comment
ارجوك اخي الكريم ان تعمد الى اصول الروافض
ثم تتعقبها بالنقض والهدم لانها لا تستند على اساس نقلي او عقلي