الصهاينة يحكمون على القدس بالسجن المؤبد مع أن الأمر لله من قبل ومن بعد
كثر في الآونة الأخيرة الترويج لعبارة » القدس عاصمة إسرائيل الأبدية » خصوصا بعد وصول المتطرفين من الصهاينة إلى سدة الحكم. ولم تهدأ حركة تجوال المسؤولين الصهاينة عبر عواصم العالم من أجل فرض منطقهم الاستعماري على العالم بأسره . وحيثما حل أحد المتطرفين الصهاينة إلا وكرر العبارة الدالة على الحكم على القدس الشريف بالسجن المؤبد. والحكم الصهيوني على القدس لا يعدو أضغاث أحلام لأن الصهاينة يراهنون على قوة السلاح للحكم على مصير القدس . والاعتماد على منطق قوة السلاح رهان فاشل لأن قوة السلاح تنتقل من جهة إلى أخرى ، ومن يد إلى أخرى ،ولا تنحصر أبد الآبدين في جهة بعينها أو في يد يعبنها .
فيمكن لصاحب قوة السلاح اليوم أن يدعي ما شاء ، ولكنه غدا إذا فقد قوة السلاح انهارت أحلامه وتبخرت تبخر السراب. فالذي بيده مداولة الأيام بين الناس هو رب العزة جل جلاله ، والأمر له من بعد ومن قبل لهذا عندما قص علينا القرآن الكريم قصة القوة العسكرية بين أمتي الفرس والروم قال الله تعالى : (( ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد )) فهذه الآية تؤكد أن الرهان على القوة رهان فاشل لأن أمر القوة بيد الله عز وجل فهو صاحب القبل والبعد. وليس بوسع المراهن على قوة السلاح إلا أن يقول أنا موجود طالما ظلت قوة السلاح بيدي ، فإذا زالت حان زوالي بزوالها. ولقد ثبت عبر التاريخ أن قوة السلاح لم تجد نفعا من عول عليها من الأمم الغابرة ، وأنها لا تصح دائما لفرض منطقها بل حصل تاريخيا أن فرض عليها منطق الهزيمة وهو ما عبر عنه القرآن الكريم : (( قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين )) إلى أن يقول : (( فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت )) فالقلة داود ههنا تفيد ما تفيد من قلة عدد وعدة وعتاد ، كما أن كثرة جالوت تفيد ما تفيد من كثرة عدد وعدة وعتاد. فالغلبة قدر الله تعالى الذي لا تنفع معه كثرة ولا تضر معه قلة لأن الأمر لله تعالى من قبل ومن بعد. فالصهاينة عندما يصدرون حكمهم على القدس الشريف بالسجن المؤبد يضعون نصب أعينهم ما بحوزتهم اليوم من كثرة عدد وعدة وعتاد ، ولكنهم لا يضعون في حسابهم الغد الذي يأتي بالمفاجآت ، وهو غد تنتقل فيه القوة من يد إلى أخرى ومن جهة إلى أخرى .
ولقد أرانا الله تعالى آياته في الآفاق وفي أنفسنا ليتبين لنا الحق ، فهذا حكم الميز العنصري في جنوب إفريقيا حكم بالسجن المؤبد على الزعيم الزنجي منديلا مراهنا على قوة سلاحه فكانت المفاجأة أن خرج السجين المحكوم عليه بالمؤبد وحكم البلاد بينما تبخر الحكم العنصري تبخر السراب في بضع سنين لأن الأمر لله من قبل ومن بعد. فقدر القدس ما دام الأمر لله من قبل ومن بعد أن ينكسر قيده وتتبخر أضغاث أحلام الصهاينة ، وتصير عبارة : » القدس العاصمة الأبدية لإسرائيل » التي يفوه بها أمثال نتنياهو وليبرمان ملأ أشداقهم هنا وهناك في عواصم العالم مجرد سقط كلام لا يبارح حنجرتيهما. وعلى المقدسيين وسائر أهل الأرض المحتلة وسائر أمة يعرب ، وسائر أمة الإسلام أن تراهن على قدر الله تعالى أكثر من التأثر بسقط كلام الصهاينة الذين يرومون استدراج أصحاب الحق المشروع إلى التفاوض من أجل تكريس الاحتلال وشرعنته ليس غير وهم متأكدون من أنهم راحلون لا محالة . لقد كان حال القدس فيما قبل بيد الله تعالى ، وسيصير حاله فيما بعد بيده ، وما ثبت عبر التاريخ إلا صدق وعد الله تعالى القائل : (( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا )) فهذا أصدق وعد من أضغاث أحلام الصهاينة .
لقد وعد الله تعالى بدخول المسجد وسماه مسجدا ، وسمى ما دونه من أضغاث أحلام الصهاينة كالهيكل علوا مصيره التتبير ، وهو التدمير والهلاك . فهذا وعد الله تعالى فأين المعولون على الذي لا يخلف الميعاد ؟؟؟؟؟
Aucun commentaire