نداء الى جالياتنا الفلسطينية في بلدان الهجرة والاغتراب لاحياء ذكرى النكبة

نداء الى جالياتنا الفلسطينية في بلدان الهجرة والاغتراب لاحياء ذكرى النكبة
دائرة شؤون المغتربين – منظمة التحرير الفلسطينية
يا ابناء وبنات جالياتنا الفلسطينية
نحن على اعتاب الذكرى الواحدة والستين للنكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948 وما رافقها من جرائم وسياسة تهجير جماعي على ايدي دولة اسرائيل وعصاباتها العسكرية المسلحة .
ما الذي تعنيه ذكرى النكبة للشعب الفلسطيني، وما الذي تختزنه الذاكرة الوطنية الفلسطينية عن هذه الذكرى على امتداد واحد وستين عاما. انها تعني التهجير والتشريد والمعاناة وفي الوقت نفسه الحنين الدائم الى الوطن والديار، كما تعني واحدا وستين عاما من النضال المتواصل قدم فيها الشعب الفلسطيني خيرة ابنائه من الشهداء وفي المقدمة منهم القائد التاريخي الكبير، الرئيس الراحل ياسر عرفات.
فعاليات الذكرى هي بالتأكيد امتداد لفعاليات سنوات سبقت، ولكنها هذا العام ينبغي كما في الذكرى الستين مميزة ، ولذلك اسباب كثيرة نذكر منها :
اولا * تمسك الشعب الفلسطيني بحقه في العودة الى دياره، التي شرد منها، وهو حق تكفله قرارات الشرعية الدولية وفي المقدمة منها القرار 194 . بهذه الفعاليت يؤكد الشعب الفلسطيني أن الشرعية الدولية والحقوق الوطنية التي تكفلها هذه الشرعية لا يمكن ان تموت بالتقادم، كما قال ذات مرة الرئيس الفرنسي الاسبق فرانسوا ميتران
ث
انيا * الدفاع عن الهوية الوطنية وعن المشروع الوطني الفلسطيني، الذي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية قي مواجهة تداعيات الانقسام الداخلي الفلسطيني ، والذي الحق اضرارا فادحة بوحدة الشعب وقضيته الوطنية
ثالثا * انسداد افاق التسوية السياسية، بفعل السياسة العدوانية الاستيطانية التوسعية لدولة اسرائيل، ورفض هذه الدولة الوفاء بالالتزامات التي يطالبها بها المجتمع الدولي، بما في ذلك وقف جميع النشاطات الاستيطانية ووقف أعمال بناء جدار الفصل العنصري، الذي تقيمه على الاراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967، وهو جدار ادانت بناءه محكمة العدل الدولية في تموز من العام 2004 وطالبت اسرائيل بوقف العمل به وهدم ما بنته منه وجبر الضرر الذي وقع على الشعب الفلسطيني افرادا وجماعات وهيئات نتيجة اعمال بناء هذا الجدار،
رابعا * المأزق الذي وصلت اليه المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي بعد أن اعلنت اسرائيل في عهد حكومة اولمرت أن الهدف من المفاوضات هو ضم مناطق القدس العربية ومحيطها والكتل الاستيطانية والسيطرة على الجزء الفلسطيني من شاطيء البحر الميت وعلى مناطق الاغوار الفلسطينية، سلة غذاء الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يحول اراضي الدولة الفلسطينية، التي تتحدث عنها الادارة الاميركية والرباعية الدولية الى مجموعة من المعازل، تشبه تلك التي كانت قائمة في جنوب افريقيا في عهد التمييز العنصري البائد. وبعد ان اعلنت حكومة نتنياهو رفضها لحل الدولتين والعودة الى مفاوضات على اساس قرارات الشرعية الدولية لتسوية القضايا المطروحة على جدول اعمال الوضع النهائي ، بما فيها قضية اللاجئين الفلسطينيين .
خامسا * التصعيد غير المسبوق في الممارسات العدائية والارهابية لدولة اسرائيل ضد قطاع غزة وحرمان مواطنية من الكهرباء والوقود والمواد الغذائية والصحية وفرض العقوبات الجماعية المحرمة دوليا عليهم، هذا الى جانب عمليات القتل والاغتيالات التي طالت المواطنين من الاطفال والنساء والشيوخ في العدوان الاخير على قطاع غزة وما رافقه من جرائم حرب .
سادسا * شعور المواطن الفلسطيني أن دولة اسرائيل تعمل على اقامة نظام فصل عنصري في الضفة الغربية بين المواطنين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود من خلال مواصلة النشاطات الاستيطانية وأعمال بناء الجدار وعزل وتمزيق المناطق بمئات الحواجز العسكرية وبالطرق والانفاق والجسور المخصصة لتسهيل حركة المستوطنين، وغيرها من التدابير الميدانية، التي تحول حياة المواطن الفلسطيني الى جحيم لا يطاق وتبني عمليا دولة خاصة بالمستوطنين على اراضي الضفة الغربية من خلال توفير الحماية لهم بقوانين وانظمة ادارية وقضائية تعكس سياسة تمييز عنصري باتت واضحة للجميع يتحدث عنها بوضوح عدد من السياسيين والكتاب والمؤرخين الاسرائيليين وتحدث عنها كذلك الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر.
يا ابناء وبنات جالياتنا الفلسطينية
ندرك أن افكار خاطئة شاعت في اوساط الرأي العام العالمي، روجتها الدعاية الاسرائيلية حول اسباب النكبة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني .
يهمنا هنا ان نتعرض لها في هذا النداء من اجل جلاء الحقيقة وتسليط الضوء على مسؤولية اسرائيل السياسية والقانونية والاخلاقية عنها.
اذا عدنا قليلا الى الفصل الحاسم من فصول المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، الى قرار التقسيم رقم 181 لعام 1948 ، الذي الحق بالشعب الفلسطيني ظلما تاريخيا ، متجاوزين الفصل الاول، الذي بدأ بوعد بلفور وبالانتداب البريطاني على فلسطين ، تصبح الصورة عندنا اكثر وضوحا . فقد انطلق ذلك القرار من استثناء القدس بسكانها العرب، الذين كانوا آنذاك 105 آلاف نسمة وسكانها اليهود، الذين كانوا آنذاك أيضاً 100 ألف نسمة، ليقرر تقسيم فلسطين الانتدابية الى دولتين، الاولى عربية على نحو 43 بالمئة من مساحة فلسطين يعيش فيها اكثر من 800 ألف فلسطيني ونحو عشرة آلاف يهودي والثانية يهودية على نحو 57 بالمئة من مساحة فلسطين يعيش فيها 499 ألفا من اليهود و 438 ألفا من العرب، في حين لم تكن مساحة الاراضي التي استحوذت عليها الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي تتجاوز 6 بالمئة من مساحة فلسطين.
وبصرف النظر عن المساحة، التي حددها القرار لكل دولة من الدولتين، فان التكوين الديمغرافي وتحديدا للدولة اليهودية، دولة اسرائيل، اطلق العنان لسياسة ترتب عليها في الممارسة العملية مأساة حقيقية للشعب الفلسطيني، هذه السياسة يمكن تخليصها وتكثيفها بكلمة واحدة، هي الترانسفير، او التهجير القسري، او التطهير العرقي.
ليس في ذلك مبالغة على الاطلاق أو تجاوز على الحقيقة. بل هذه هي الحقيقة في مواجهة محاولات اسرائيل التهرب من مسؤولياتها السياسية والقانونية والاخلاقية عن النكبة – المأساة، التي تزامنت مع تأسيس دولة اسرائيل أو قيامها.
هذه السياسة كان لها اساس في مصدرين: الاول هو الانتداب البريطاني والثاني هو الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي. ففي مجرى احداث ثورة العام 1936 شكلت سلطات الانتداب البريطاني لجنة تحقيق عرفت باسم » لجنة بيل « . هذه اللجنة قدمت في العام 1937 توصية بتقسيم فلسطين الى دولتين، واحدة عربية واخرى يهودية وطلبت في الوقت نفسه اجراء تبادل سكاني بين الدولتين بحيث يجري تهجير 225 الف فلسطيني من اراضي الدولة اليهودية الى اراضي الدولة الفلسطينية ونحو 1250 يهويدي من اراضي الدولة الفلسطينية الى اراضي الدولة اليهودية. وقد رحبت الترويكا القيادية للحركة الصهيونية والوكالة اليهودية المشكلة آنذاك من حاييم وايزمان، وموشي شاريت ودافيد بن غوريون بالفكرة وكتب في حينه دافيد بن غوريون في يومياته الخاصة بتاريخ 12 تموز 1937 يقول: » ان الطرد الاجباري للعرب من الاودية التي اقترحت للدولة اليهودية يعطينا ما لم نكن نملكه حتى في ايام الهيكلين الاول والثاني، انه يعطينا الجليل خاليا من السكان العرب « .
يوسف فايتس، احد قادة الوكالة اليهودية ومدير قسم الاستيطان في الصندوق القومي اليهودي كان هو الاخر على قناعة بسياسة الترانسفير هذه، فقد كتب في يومياته، التي دونها في 20 كانون الاول من العام 1940،
ان شراء الاراضي ليس وسيلة لبناء الدولة، ليؤكد ان الوسيلة الانجع والافضل لذلك هي » طرد العرب الى سوريه والعراق » مستثنيا من عملية الطرد او الترانسفير بيت لحم والناصرة والقدس القديمة، حتى لا يكون ذلك سببا في اثارة الرأي العام المسيحي في العالم ضد هذه الافكار السوداء.
على خلفية هذه الافكار والممارسات كانت سياسة الترانسفير، التهجير القسري والتطهير العرقي، التي وجدت ترجمتها الفعلية في ماسمي في الايام الاخيرة من عهد الانتداب على فلسطين بالخطة » دالت « ، التي اعتمدتها قيادة الوكالة اليهودية في العاشر من آذار 1948 سياسة رسمية اوكلت تنفيذها للوحدات العسكرية للهاجاناه ، بتوجيهات تفصيلية لترجمتها، كاثارة الرعب بين السكان ومحاصرة القرى والبلدات والاحياء الفلسطينية وقصفها وحرق المنازل والاملاك والبضائع وهدم البيوت والمنشآت وزرع الالغام وسط الانقاض لمنع السكان من العودة الى قراهم وبلداتهم واحيائهم، وهو الامر الذي كشفه عدد من المؤرخين الجدد اليهود من أمثال بيني موريس، وشيما فلابان، وآفي شلايم وايلان بابيه، بالاعتماد على » قانون السرية » الاسرائيلي، الذي يسمح بالاطلاع على معلومات ووثائق مضى عليها 40 عاماً.
خطة » دالت » تلك تواصلت على امتداد ستة أشهر ارتكبت فيها 28 مجزرة اشدها هولاً وقسوة مجزرة دير ياسين وترتب عليها تدمير 531 بلدة وقرية فلسطينية واخلاء نحو احد عشر حيا سكنيا في عدد من المدن الفلسطينية، مثلما ترتب عليها تهجير 800 ألف فلسطيني، تحولوا الى لاجئين في وطنهم ولاجئين في البلدان العربية المجاورة.
اخوتنا واخواتنا في بلاد الهجرة والاغتراب
في الوطن وفي مخيمات اللجوء والبطولة والفداء انطلقت الفعاليات لاحياء هذه الذكرى ، التي تشدتا دائما وأبدا الى ارض الاباء والاجداد وتدعونا كذلك دائما وأبدا الى رفع راية النضال من أجل عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم ، التي شردوا منها . هنا في الوطن وفي مخيمات اللجوء والبطولة والفداء وهناك في بلدان الهجرة نمضي معا ندافع عن حقوقنا الوطنية وفي المقدمة منها حق العودة في انسجام وطني كامل ، نتوحد في الذكرى ونمضي الى الأمام من أجل حقوق شعبنا الوطنية غير القابلة للتصرف تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية ، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا .
عاشت فلسطين – عاشت منظمة التحرير الفلسطينية
10/5/2009
دائرة شؤون المغتربين




Aucun commentaire