طعنة سيف في الماء

إن المتتبع للمسلسل التفاوضي الاسرائلي الفلسطيني خلال 17 سنة وفي مختلف محطاته المتعددة بدءا من مدريد ومرورا بأسلو وانتهاء بانا بوليس يدرك أنه مجرد طعنة سيف في ماء راكد لم يحرك جوهر القضية في اتجاه حل الاستقلال وتكوين الدولتين لأن استراتيجية الجناح المعتدل بزعامة ألمرت وليفني تتكامل مع خطط اليمين المتطرف بقيادة ناتنياهو وليبرمان فالجناحان المتشربان بمبادئ النظريات السياسية الحديثة كنظرية الدولة والسيادة والمؤامرة… يتناوبان في لعبة المماطلة وعرقلة سير المفاوضات وتصفية القضية الفلسطينية وإن ظهرا على ركح الأحداث أنهما يتعارضان ويتخاصمان وقد يتحالفان لأن الصهيوني لا مبدأ له ولاعهد ولادين…ف
الجناح الأول يرفع رهان أمن إسرائيل الحيوي ودورها الإقليمي كقوة اقتصادية وعسكرية وككيان لاينشد مكانا ما بين الأمم بل يتوخى قيادة المنطقة وحماية مصالح الحلفاء لهذا قد يملي عليه تكتيكه مغازلة الأوصياء على القضية الفلسطينية وتمنيتهم بحلول لن تأتي لربح الوقت والوقت مهم في الاستراتيجية الصهيونية لفرض أمر الاستسلام لواقع الاحتلال وتثبيت الاستيطان وسلخ جلد الأرض وتغيير هويتها من خلال إطلاق مبادرات الأرض مقابل السلام وخارطة الطريق والرصاص المسبوق والتسويف في حسم الموقف من المبادرات العربية والدولية… وقد يلجا الجناح المعتدل على الأقل لكسب ثقة الفلسطينيين إلى القيام بكل شيء دون إعطاء أي شيء كفتح جبهات الجوار اللبناني والسوري واستدراجهما إلى خوض معارك حقيقية أوترهيبية أومناوشة قوة وازنة في المنطقة وتهديدها وضربها كالعراق وإيران…بينما الجناح المتطرف يتصالح مع الجوار أو على الأقل يقبل بهدنة بل قد يتنازل عن أرض محتلة/ قرية الهجر/ أو عن شروط معرقلة للمفاوضات/ المسار السوري والتفاوض حول الجولان/ لإطالة السلم والانقياد لأطروحة الاندماج مع الأردن أو حل الاستقلال الذي لن يأتي وقد يرفع شعار إسرائيل للاسرائيليين ومصلحة الدولة العبرية فوق كل الاعتبارات مما قد يسوغ ممارسة أفعال الإبادة والتطهير العرقي كالتهجير والاغتصاب والتقتيل والتشريد وطمس المعالم..
.وهكذا يتعاقب الزعماء من هذا الطيف أوذاك ويتبادلون المواقع وتتوالى السياسات متذرعة بهذه التسوية أوتلك ويقع التناوب على تنفيذ الخطط تلو الخطط بموجب اتفاقات كيدية وتوزع الأدوار ويدبر الزمان ويسيرالمكان لصالح الكيان الصهيوني وتنطلي الحيل على الفلسطينيين أصحاب الحق وينخدع المفاوض بالمكائد ويتاثر بالاشراط وبالمثير والاستجابة فيكيد لأخيه فتتراجع القضية ويتآمر على التاريخ و تمحى القضية من ذاكرة الأجيال ويتنصل العدو عن المكتسبات التي وافق عليها في محافل ومؤتمرات دولية وبضمانات من رعاة السلام ويدب الإحباط ويتسلل الوهن إلى المبادرات العربية ويرضى فلسطينيو الداخل والشتات بالقليل و ويتصارعون على سلطة موهومة ويصبح مصير شعب بأكمله ووجود أمة برمتها في كف عفريت…فهذه القدس الآيلة إلى السقوط تستصرخ ولامجيب وتلك غزة تنتظر إعمارا ينتظر بدوره خرابا فتواجه مشاريع البناء وإعادة البناء بنفس المصير والعودة تتحول إلى توطين بعد زحف تنين الاستطيان وتدفق ملاييرتشييد المستوطنات وتهويد معالم الإسلام والعروبة وتدنيس المقدس لتبزغ شمس شرق أوسط جديد لامكان فيه للعرب والمسلمين ويذوب فيه شعب فلسطين كما تذوب قطع الجليد لتصرف في إمبراطورية حدودها من الماء إلى الماء.




Aucun commentaire