الأسماء العربية والإسلامية جناية بموجب قانون الإرهاب – الغاب-…

عندما يقرأ المرء الصفحات السود من التاريخ البغيض في هذا العالم يصاب بالغثيان ؛ وأحيانا بالهيستيريا فيضحك ضحكها عندما يمر بأحداث تجعل أمور الحياة العادية جناية وجنحة في نظر المستبدين .
ومعلوم ما تفتقت عنه عبقرية طغاة محاكم التفتيش مثلا من التفنن في تعذيب الأبرياء لمجرد سلوكات عادية تحولت بفعل الظلم والطغيان إلى جرائر لا تغتفر ولحق أصحابها من العذاب ما لا يقاس إلا بعذاب الآخرة الذي وجب للأشقياء من الخلق مقابل خطاياهم الجسام.
وإذا ما قيست عقوبات القرون السالفة بالعصور التي وقعت فيها مقابل ما جنى أصحابها من أفعال لا تعد شيئا في ميزان العدالة بل هي سلوكات مما يعتاده البشر ولن أكون مبالغا إذا سردت منها النوم والسعال وهلم جرا أمكننا التماس الأعذار لأصحابها لطغيان الجهل والتخلف ؛ بل ربما قبلنا قوانين الغاب والبشرية يومئذ قريبة من الأصول الحيوانية بالتقويم الدارويني الذي لا أجيزه تكريما للبشر ؛ وإنما استعملته لبيان تردي سلوكات البشر الذي يعاقب بأقسى العقوبات على ما لا يقتضي عقابا أصلا. فإذا جاز عذر نبوخنذ نصر والنمرود والفرعون والكسرى والقيصر ونيرون …. ولائحة القذارة طويلة في تاريخ البشرية لظلمات عصورهم ؛ فما هي أعذار طغاة القرن الواحد والعشرين ؟ لقد بلغ العلم ذروته ودخل كل بيت عبر الصناديق الموصولة بالفئران المشغلة بالبرق الخلب ولم يبق لجاهل عذر ؛ وأينعت الديمقراطيات حتى فاضت فشملت الحيوانات ؛ و حتى صارت الزرافة مثلا تصاب بالوجع في أدغال إفريقيا فتتلقى العلاج في مصحات أرقى المدن الغربية . وكثر لغط الديمقراطيين حتى صم الآذان . وفي هذا الزمان تنهال علينا المفاجآت التي تذهب بالعقول عندما تنقل لنا وسائل الإعلام جرائم تحار لها عقول طغاة الماضي المقيت كتلك التي حصلت في أبي غريب وكوانتنامو وقندهار … وهلم جرا. يصاب المرء بالغثيان وهو يشاهد ما لا تقوى النفس البشرية على مشاهدته من انتهاك لكرامة البشر وامتهانها في القرن الواحد والعشرين الذي جعل العالم قرية صغيرة ولم يعد الفضاء فيه حيزا عزيزا بسبب ثورة تكنولوجية يستحيل أن تكون في أيدي بشر أقسى من الوحوش الكاسرة .
وفي هذا الزمان العاج بتبجحات التطور والتقدم والرقي نسمع خبرا يفرض علينا الضحك الهيستيري لغرابته حيث صار اسم المرء جريمة يعاقب بموجبها ؛ ذلك أن قانون الإرهاب المقدس قدسية فوق الكتب المنزلة قضى بأنه من يحمل اسما عربيا مسلما يدور في فلك ( محمد وعلي وفاطمة ….) يعاقب بالحجز أو النفي أو الطرد أو بجحيم كوانتنامو أو بالابادة ؛ وأقل عقوبة قد يجرها الاسم على صاحبه هو أن تنتهك حرمته وهو على هاتفه الخلوي ؛ أو تبتز أمواله بواسطة أبناك التحويل حيث تراقب مداخيله ومصاريفه بالمليم . ولقد شاهدنا عبر قناة الجزيرة المواطن الأمريكي صاحب الاسم العربي الذي صودرت أمواله بسبب اسمه في مؤسسة بنكية ذات سمعة تطبق الآفاق. فهل بلغ الأمر هذا الحد من الاستهتار والاستخفاف بالعرب والمسلمين ؟ وأين هذا من فضائح محاكم التفتيش ؟ وهل المقصود هو مسخ الشخصية الإسلامية والتضييق عليها لتتخلص من أسمائها العربية الإسلامية الجميلة كجمال لغة القرآن وتستبدلها بأسماء غربية لا يبالي أصحابها أن يشترك فيها الحيوان مع الإنسان ؛ بل إن الحيوان أصبح يتبرأ منها لأفعال أصحابها الهمجية ؟
وأخيرا كيف يصير قانون الغاب وهذا الاسم أولى به من قانون الإرهاب إذا ما صدر إلى دول متخلفة فلعل التنصت سيكون في الخلاء أيضا ؛ ولعل المرتبات لن تدفع ؛ أو لعلها تدفع بموجب الأسماء لا بموجب المهام والكفاءات؛ وويل لمن كان اسمه مثيرا لحفيظة عقيدة الإرهاب ؟
فمتى يستفيق ضمير عالم القرن الواحد والعشرين ليقول لحيوانات هذا الزمان ارحلوا فقد ولدتم بعد أزمنتكم خطأ بمدد طويلة ؛ وعودوا إلى مزابل التاريخ حيث اللعنة الأبدية .
Aucun commentaire