Home»International»انتهي الدرس أيها الحكام العرب!

انتهي الدرس أيها الحكام العرب!

0
Shares
PinterestGoogle+

2006/08/19

سليم عزوز
كنت أتأهب لاغلاق جهاز التلفزيون يوم الاثنين الماضي، عندما أعلنت مذيعة الجزيرة الجميلة، نقل خطاب الهزيمة لرئيس وزراء اسرائيل أولمرت في الكنيست علي الهواء مباشرة. وبالمناسبة فان كل مذيعات الجزيرة جميلات، وخذوا عيني شوفوا بيها ، علي قول الأغنية التونسية الشهيرة، التي تنتمي الي التراث، لكنها ارتبطت في أذهاننا بمن سمعناها منه لأول مرة خارج تونس، المطرب لطفي بوشناق!
تراجعت عن فكرة اغلاق التلفزيون، واستمعت الي خطاب المذكور مترجما من قبل مدير مكتب الجزيرة في فلسطين المحتلة وليد العمري، والذي كان قد ظهر في صباح هذا اليوم واستبعد ان يلقي اولمرت بيانا، علي الأقل هذه الأيام، فماذا يمكن ان يقول وهو المهزوم، والمضروب علي قفاه، وهو من أتي لاسرائيل ـ بحماقته ـ بالعار الي باب الدار، وجعلها تبدو أمام ناظرينا كبيت العنكبوت، حسب قول زعيم هذه الأمة بلا منازع حسن نصر الله (ربما ينازعه زعامة الأمة العربية هوغو شافيز).
وليد العمري كان منطقيا عندما استبعد ان يلقي رئيس وزراء اسرائيل بيانا في الأيام الأولي لوقف اطلاق النار، فالشارع الاسرائيلي يغلي من جراء الهزيمة النكراء، التي مني بها الجيش الذي لا يقهر، لكنه نسي ان هناك لغة أخري لا علاقة لها بحديث المنطق الذي اعمله، وهي لغة البجاحة ، وقد بدا لي اولمرت انه يتمتع ببجاحة منقطعة النظير، لكن هذه البجاحة لم تدفعه الي التعامل علي انه حقق نصرا عسكريا فتاكا، فالنصر الوحيد الذي ادعاه هو نصر دبلوماسي، وهو الخاص بقرار وقف الحرب.
لقد كان اولمرت يسعي ليكسب تعاطف الشارع الاسرائيلي، وهدد هذا الخائب وتوعد حزب الله، وقال انه سيطارده في كل مكان، مع انه عجز عن مواجهته عندما التقي الجمعان، ومني جيشه، ومعه السلاح الأمريكي، بهزيمة يتغني بها الركبان، جعلتنا نستيقظ علي أعظم مقلب تعرضت له الشعوب العربية، وهو الخاص بأن اسرائيل زُرعت في المنطقة لتبقي وتنتصر، وكان من روج لذلك هم حكام العرب، الذين هم اسود علينا، وفي الحروب نعامات، او حمامات لزوم القافية ، وكأنهم أعجاز نخل خاوية.
اولمرت في سياق سعيه لاكتساب أي تعاطف، علي طريقة: لله يا محسنين، ذكر أهالي الجنديين المخطوفين، وكيف انه التقي بهم، وتعاطف معهم، وشاهد الحزن في عيونهم. وكانوا حضورا وهو يلقي خطابه، ووعد انه، وبنفسه، سيبذل قصاري جهده، حتي يعيدهما الي ذويهم! والمعني انه سيسعي بالحلول التفاوضية، بعد ان فشلت الحرب في أهدافها، والتي كانت بهدف استرجاعهما بقوة السلاح، وبدون تبادل للأسري.
عندما انهزم جمال عبد الناصر تحمل المسؤولية، وأعلن تنحيه عن الحكم، وظننت ان المذكور بعد ان تحمل مسؤولية ما جري، سيفعلها لكنه لم يفعلها، ربما لان عبد الناصر كان يعلم ان الجماهير ستخرج لتحمله علي الرجوع، والمذكور يعلم انه لو فعل فسوف يكسر أعضاء الكنيست خلفه دستة من القلل القناوي المعتبر، تعبيرا عن الابتهاج.
ولانني شرير بالفطرة، فقد كنت اضحك عندما يهدد اولمرت، وعندما يتوعد، وعندما قال انه انتصر دبلوماسيا، وعندما يتسول التعاطف، وعندما يستعيض بقوة الاحبال الصوتية عن القوة في ساحات الوغي، فقد بدا كالديك الرومي المنفوش، وفكرت ان اجعل عنوان هذا المقال: انتهي الدرس يا اولمرت ، وبعد تفكير اكتشفت ان الأحق به هو بوش، الذي لا يكاد يخرج من حفرة حتي يهوي في دحديرة ، فقد غرق في أفغانستان فجري الي العراق، ليغرق هناك، ليدفع اسرائيل لان تقود له حربا بالوكالة في لبنان، والتي كانت القاضية، لكن وجدت ان الأحق بالعنوان هم جماعتنا الحكام العرب، الذين ظنوا ان حزب الله لن يأخذ في يد القوة الاسرائيلية الجبارة سوي غلوة ، ويصبح أثرا بعد عين، فحرضوها وطلبوا منها ان تخلصهم منه، وأطلقوا شيوخهم يتحدثون عن السنة والشيعة، وحسنا أننا اكتشفنا ان لهم في اللون ، وكنا نظن انهم لا سنة، ولا شيعة، ولا حتي كفارا.
حتي لا نتهم بازدراء القوم، وهي تهمة شنيعة حسب قانون النشر في مصر، فانني أبادر الي القول انني عندما فكرت في العنوان، وأنا أشاهد اولمرت عبر شاشة الجزيرة ، لم يكن قد تبادر الي ذهني اطلاقا اسم المسرحية الشهيرة: انتهي الدرس يا غبي !
وصدقوني اذا قلت انني لست شامتا فيهم، فأنا متعاطف معهم لأسباب انسانية، فمكانتهم لدي أهالي البيت الأبيض مستمدة من انحيازهم لاسرائيل، وعندما كانت كوندوليزا رايس تريهم العين الحمراء، في الليلة الظلماء، بسبب فيلم الاصلاحات الهابط كانوا يتقربون الي اسرائيل بالنوافل، حتي لحست كل كلامها ومطالبها، وارتضت منهم باصلاحات شكلية، لا تتعدي سوي الكلام مثل موشح الفكر الجديد في مصر، ثم كان ان تم توصيل رسالة بأن الديمقراطية من شأنها ان تأتي بالاسلاميين الي سدة الحكم في البلدان العربية، مما يمثل خطرا داهما علي اسرائيل، وكان ان ناداهم البيت الأبيض: للخلف در.
اسرائيل الآن ضُربت ضرب غرائب الابل، ولم يملك لها القوم نفعا ولا ضرا، وكانوا وهم يحرضونها علي ان تخلصهم من حزب الله، كأنهما منهوك علي منهوك، واذا جاءت ادارة أمريكية رشيدة فسوف تعيد النظر في وجود اسرائيل كحامية للمصالح الأمريكية في المنطقة، وقد استقر في الأذهان ان مواجهة المخاطر التي تخيم علي اسرائيل كما يقول كتاب صهاينة من عينة جدعون ليفي، ويوسي بيلين، وايتان هابر، لا تكمن في المزيد من ممارسة القوة، وان تحقيق الأمن لها لا يكمن في عشر عمليات سور واق، وانما في احترام حقوقهم، بعد ان ثبت ان القوة لم تعد تجدي، علي حد تعبير جدعون ليفي في هآرتس !
حزب الله لم يحقق هزيمة علي اسرائيل وأمريكا وحدهما، وانما هزم معهما من ظنوا انه بين غمضة عين وانتباهتها سيتحول هذا الحزب علي يد القوات الاسرائيلية الباسلة الي عهن منفوش، ومن يتابع الاعلام العربي الرسمي طوال الأيام الماضية يلاحظ ان هناك تركيزا متعمدا علي القصف الاسرائيلي، للتأكيد علي ان اسرائيل لا تزال جبارة وفتاكة، وكانت أخبار الانتصارات اللبنانية تنشر منزوية حتي عندما تم ارتكاب مجزرة الدبابات التاريخية، وثبت ان هذا الاعلام أكثر حرصا علي صدقية الجيش الاسرائيلي، من الصحف العبرية التي تصدر في اسرائيل، ومن هنا فأنا اختلف مع ما ذكره رئيس اليمن علي عبد الله صالح من ان انتصار حزب الله رفع معنويات القادة العرب.
فالقادة سالفو الذكر استخدموا حروبهم الكلامية مع اسرائيل في قمع الشعوب تحت لافتة: لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، كما تم تغييب الديمقراطية وتبرير الحكم بالحديد والنار، تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية، لان الديمقراطية من شأنها ان تمكن من الحكم من يعتبرون خطرا علي وجود اسرائيل.
لقد شعرت وانا أشاهد أولمرت يلقي بيانه عبر قناة الجزيرة انه ينعي دولة اسرائيل، ولأسباب انسانية بحتة، وباعتبار ان الناس لبعضها، فانني أتقدم بخالص العزاء لمن كان السهر علي حماية مصالح اسرائيل في المنطقة مبررا لاستمرارهم في مواقعهم، ولغض سكان البيت الأبيض الطرف عن استبدادهم.

شهيد لا وريث!

هل شاهدت حسن نصر الله؟.. لا لم أشاهده. فاتك نصف عمرك!
هذا ما قاله لي احد الزملاء، عندما اخبرني بخطاب الانتصار للسيد حسن نصر الله في يوم الاثنين الماضي، والذي ألقاه عبر قناة المنار وتناقلته قنوات فضائية أخري لا اظن ان بينها قناة فضائية رسمية تنتمي الي القصور الحاكمة.
لقد استمعت الي مقتطفات من خطاب الرجل، ولم أتمكن من مشاهدته كاملا، وفي اليوم التالي كان حديثه هو كلام الناس في المقاهي، والمنتديات، وفي المواصلات العامة، وعلي الأخص تواضعه. انه رجل انتصر في معركة علي عدو غاشم، تقف أمامه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، القوة الوحيدة في العالم، وبشكل لم تفعله الجيوش العربية فرادي ومجتمعة، ومع هذا يبدو متواضعا، تواضع عمر بن الخطاب عندما جاء لاستلام مفاتيح بيت المقدس.
لقد كان مهتما بمن تأذوا بسبب الحرب، وبالثكالي، والمشردين، ومن هدمت بيوتهم، لم ينسهم في لحظة النصر، كأننا امام بطل اسطوري، مثل أولئك الذين قرأنا عنهم في كتب التاريخ، كأننا في زمن السلف الصالح، كأننا في العصر الأول للاسلام، عندما كان القرآن حيا في النفوس والعقول.
ان هذا التواضع شيء طبيعي من رجل يعتبر النضال رسالة وليس حرفة، وقد قدم ابنه شهيدا، لا وريثا!

منافع الحلويات اللبنانية!

رئيس تحرير صحيفة حكومية، من اختيار لجنة السياسات (حوالينا لا علينا)، ومن الذين ذهبوا لمناصرة لبنان فيما عرف بالوفد الرسمي والشعبي (ولأول مرة اعرف ان وفدا شعبيا يتشكل بقرار من السلطة ، لا بأس فقد كانوا يريدون ان يفعلوا أي شيء ليداروا به سوءاتهم التي تبدت للناظرين.
هذا المذكور عاد من بيروت ليكتب مقالا تمدد علي صفحة كاملة، بعبارات ركيكة وجمل غير مستقيمة، وكان ان تحدث عن الحلويات اللبنانية التي قدمت لهم في (عزومة السنيورة، ولا بأس فهذه هي احد تجليات الفكر الجديد، وواضح ان رئيس التحرير همه علي معدته، ومن قبل كتب مقالا طويلا عريضا عن مائدة طعام أعدها لهم الملــك عبد الله، فأحاطنا علما انه من (اللحميين وانه (يشعر بالاعياء وعدم التوازن، والزغللة اذا لم يتناول اللحم يوميا ، ثم استفاض في وصف المائدة المباركة والتي كانت تحتوي علي الخرفان والمحمر والمشمر.
البأس الشديد ان المذكور ذكر حوارا جري بينه وبين رئيس قناة المنار علي المائدة اللبنانية، ثم ذهب يسخر من الرجل ويصفه بأنه مثل احمد سعيد رئيس اذاعة صوت العرب، والذي تنســـب له البيانات المضللة في حرب حزيران (يونيو 1967، قبل ان تتكشف الهزيمة، مع ان احمد سعيد كان ينقل ما يصله من قيادة الجيش، ولم يؤلف او يفبرك أخبارا او انتصارات، ومع ان هناك فارقا بالطبع وهو ان حزب الله حقق انتصارات مذهلة بشهادة العدو ذاته، ومع ان قناة المنار كانت مثالا للموضوعية بشهادة اعتي أعدائها!
لا أستطيع ان اسلم بما قاله المذكور علي لسان رئيس فضائية المنار ، والذي استخدمه للسخرية والتشهير، فربما لم يكن في وعيه ساعاتها، بعد ان تذوق الحلوي اللبنانية (الأصلية وليست التقليد التي كان يتعاطاها قبل ذلك. وربما تكون اللحوم قد كبست علي مراوحه فلم يتبن ما يقوله، وقديما قيل: ساعة البطون تغيب العقول.
كاتب وصحافي من مص
عن جريدة القدس العربي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *