Home»International»إسرائيل تستفيد من تضارب الموقف بين حكام العرب والمسلمين وشعوبهم

إسرائيل تستفيد من تضارب الموقف بين حكام العرب والمسلمين وشعوبهم

0
Shares
PinterestGoogle+

بقدر ما يزداد غضب الشارع العربي الإسلامي وتتنامى مشاعر الاستياء المطرد من جرائم إسرائيل في لبنان وفلسطين بقدر ما يزداد صمت أصحاب القرار في البلاد العربية الإسلامية حتى أن هذا الصمت أغرى رئيس وزراء إسرائيل باعتماده كورقة رابحة لصالح حملته العدوانية ؛ ولم يتردد وهو يخاطب شعبه في القول : ( العديد من الدول العربية والإسلامية تؤيد إسرائيل ) وهو لا يقصد طبعا الشعوب وإنما يقصد الحكومات. وإذا ما كان هدفه هو تعميق هوة الخلاف بين الشعوب وحكامها في البلاد العربية الإسلامية وهي هوة لا تزيد إلا اتساعا مع مرور الزمن بسبب كثرة الانتكاسات المتتالية فانه لا يمكن إنكار أو دحض ما ادعاه بالنظر إلى صمت حكامنا المطبق. لقد جربت إسرائيل كل أنواع الاعتداءات المهينة للكرامة العربية الإسلامية في شكل ضربات موجعة مسلطة على ضحايا أبرياء لقياس عمق الصمت فينا ؛ وبالفعل تأكدت من تغلغله في حكامنا لهذا لم يتردد رئيس وزرائها في تفسير ذلك تأييدا لجرائمه ودعما ومساندة مباهيا به بني جلدته المذهولين أمام شراسة المقاومة وقد ملوا حياة الجحور والملاجىء الأرضية وكأنه يخفف عنهم وقع الهزيمة ومهانة الاندحاربالاشارة إلى صمت العواصم العربية الذي لا يمكن إلا أن يكون تأييدا لإسرائيل وبامتياز.

لقد كانت انتصارات إسرائيل علينا دائما تبدأ من عمقنا ومن قياداتنا حيث يتبلور موقف الهزيمة عندهم فينمو ويقوى ثم يسيطر فينقل الحاكم العربي المسلم الهزيمة لشعبه. ولعل إسرائيل وجدت ضالتها في استراتيجية تشغيل حكامنا كطابور خامس هو مفتاح النصر بالنسبة لها وهذا الطابور هو الذي خلق أسطورة (إسرائيل التي لا تقهر ).

لم يصدق حكامنا عند بداية الحرب السادسة في لبنان وفلسطين أنهم قد دخلوا فعلا في حرب ؛ ولم يستسيغوا أن تلحق المقاومة الباسلة هزيمة بإسرائيل فسارعوا منذ الوهلة الأولى إلى نعت المقاومة بالتهور والاندفاع والعاطفة والتزموا التعقل والحكمة وهو موقف الانهزامية الرابضة على القلوب منذ عقود؛ ولم يقفوا عند هذا الحد بل راحوا يتمسحون بأعتاب قوى الشر المؤيد لإسرائيل طالبين الصفح والعفو لتقف الحرب التي لا تعنيهم ميدانيا وإنما تعنيهم أخلاقيا ؛ بل منهم من حرك أصحاب الفتاوى من علماء السوء لتحريم نصرة المقاومة لصرف الأنظار عن واجب دخول الحرب السادسة ؛ وراح صاحب الفتوى ينفخ في خلافات عقائدية بالية في زمن التحالفات الغربية من أجل المصائر المشتركة. والأجدر بهذه النماذج المنهزمة أصلا الاستمرار في صمت فسرته إسرائيل التفسير الصحيح وهي أعلم بالحال إذا كانوا لا يستطيعون تأجيل الخوض في الخلافات المذهبية إلى غاية نهاية الحرب السادسة وعندئذ يمكن الخوض في التشيع والسلفية وما شابه .

إن ما نقلته وسائل الإعلام العالمية من احتجاجات للشعوب العربية والإسلامية من جهة ؛ وما جندته حكوماتهم مما يسمى بقوات مكافحة الشغب من جهة أخرى يؤكد عمق الهوة بين الحكام والمحكومين إلى حد التضارب ذلك أن الشعوب تستنكر والحكام يؤيدون صمتا أو تلميحا أو تصريحا العدوان على لبنان ؛ الشيء الذي لم يلحظ في إسرائيل بين الحاكم والمحكوم منهم ؛ فكلما اجتمع مجلس حكومتهم المصغر لإصدار قرارات العدوان كلما وجد ذلك الدعم داخل الشارع الإسرائيلي . إن ما يحدث في شوارعنا ليس شغبا يقتضي استدعاء قوات مكافحة الشغب وإنما هو تنامي الوعي بضرورة انتهاء زمن الذل والهوان والخنوع المفروض على الأمة من قبل حكامها خصوصا وأمتنا ذات عز وسؤدد لم يسجل عليها التاريخ مثل هذا الهوان غير المقبول إذا ما قورن بتاريخ اليهود الحافل بالذلة والمسكنة. انه لايمكن للشعوب العربية والإسلامية أن تجاري حكامها أكثر مما مضى في سياسة السلم المشوب بالذل والهوان ؛ ولا يمكنها قبول مسلسلات السلام التي لم تأت بطائل إذ صارت مجرد ذر للرماد في العيون حتى يرحل جيل الرافضين لإسرائيل ويحل محله جيل مدجن يقبل بها ؛ فالقضية قضية ربح للوقت من أجل تكريس ثقافة الهزيمة في النفوس وقبول أسطورة إسرائيل التي لا تهزم.

لقد جند الغرب الموحد ضدنا كل طاقاته وامكاناته لدعم إسرائيل المدللة الحامية لمصالحه بكل أطيافه في منطقتنا ؛ فعلى مستوى الإعلام استغل صمت حكامنا فغابت صور المجزرة البشعة في قانا من فضائياتهم بدعوى تقليعة احترام مشاعر المشاهدين وعدم امتهان كرامة الضحايا والحقيقة أنه سكوت على الجريمة خدمة لإسرائيل التي باتت تتحدث عن تجاوز مضاعفات الجريمة ؛ وهو سكوت بدأه حكامنا أولا ثم اقتبسه إعلام الغرب ثانيا ولسان حاله إذا سكت من يهمهم الأمر فما دخلنا نحن والقضية لصالحنا .

انه ليحق لسفاح إسرائيل الجديد القديم أولميرت أن يفخر بصمت حكامنا ويعتبره مساندة ودعما ما دامت شعوبنا لم تتنبه بعد إلى رأس الخيط لخوض حرب ناجحة ضد إسرائيل تبدأ بتصفية الحساب مع الطابور الخامس أولا إذ لا تهزم إسرائيل إلا بهزيمته في داخل العالم العربي الإسلامي ؛ فمتى يستفيق الشارع العربي من غفلته بعد قوة الصدمة ليعرف مكامن الداء وليجد لها الدواء خصوصا وبوادر التغيير أصبحت قاب قوسين أو أدنى ؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *