Home»International»نظرات في المناهج النقدية الحديثة:من المنهج الاجتماعي إلى المنهج البنيوي الجزء(9)

نظرات في المناهج النقدية الحديثة:من المنهج الاجتماعي إلى المنهج البنيوي الجزء(9)

0
Shares
PinterestGoogle+

نظرات في المناهج النقدية الحديثة:من المنهج الاجتماعي إلى المنهج البنيوي الجزء(9)

بقلم: د –  خالد عيادي

البنيوية التكوينية: الأصول النظرية والمفاهيم الإجرائية

تعتبر البنيوية التكوينية استمرارا للبنيوية([1])، التي قامت أساسا على الدراسات اللغوية البحتة. والتي كان للعالم السويسري(Ferdinand de Saussure)  « فرديناند دوسوسير » (ت 1913م) اليد العليا في ظهورها وتكونها. ذلك أن هذا الناقد السويسري أجرى بحوثا معمقة فرق فيها بين « اللغة » باعتبارها نسقا من العلامات، وبين « الكلام » الذي يعني الاستخدام الفردي للغة. وطبيعة هذا الاستخدام هو ما يميز أديبا عن آخر. كما توصل إلى أن اللغة محكومة بجملة من الثنائيات مثل: (أبيض/ أسود)-(سماء/أرض)-(موت/حياة)-(حب/كراهية).وهذه الثنائيات هي التي تمثل في نظر « دوسوسير »جوهر التفكير الإنساني.

أيضا قامت البنيوية على المباحث التاريخية والأنتروبولوجية التي أنجزها « كلود ليفي شتراوس » (ت2009م). إذ أحدث هذا المفكر البلجيكي ثورة فكرية مع كتابه « المدارات الحزينة ». وهو عبارة عن سيرة ذاتية أنتروبولوجية. ليمهد لكتابه الشهير « الأنتروبولوجية البنيوية « عام 1958م.وبهذا الإنجاز يكون  » كلود ليفي شتراوس » قد مهد الطريق لتقبل البنيوية بوصفها محاولة منهجية للكشف عن الأبنية العقلية الكلية العميقة.([2]) لهذا يعتبره الكثير عميدا وشيخا للبنيوية. فالبنيوية قائمة على إضفاء الطابع العلمي الصارم بقوانينه وقواعده على العملية النقدية. ومن هذا المنطلق تعتبر البنيوية أن الدراسات الأدبية والنقدية الحقة، هي التي تقتصر فقط على مقاربة النص، ولا شيء غير النص معلنة بذلك « موت المؤلف ».

لقد جاءت « البنيوية » في سياقها التاريخي من أجل تجاوز أخطاء وتناقضات الأدبيات الماركسية والوجودية، اللتين اتخذتا في سنوات « الخمسين » و »الستين » عقيدة نهائية. وحينما انساقت البنيوية وراء اندفاعها في التخلي عن النزعة الإنسانية، وألغت التاريخ واعتقلت الإنسان في أقبية « النسق » و »البنية » و »الوحدة » و »النظام »، تمرد عليها البنيويون أنفسهم مثل « لويس بييرألتوسير »(ت1990م) و »ميشيل فوكو »(ت1984م) الذين نفيا،فيما بعد، صلتهما ببنيوية « ليفي شتراوس ».

وبعد انطفاء شعلة البنيوية ظهرت البنيوية التكوينية، لتنقذ ما يمكن إنقاذه من صرح الفكر الماركسي في جانبه الإبداعي والأدبي. ولهذا الهدف استثمرت كل ما بإمكانها من العلوم، والنظريات الحديثة لتواجه خصومها، وتعزز مواقفها. فلقد قام هذا المنهج النقدي على مفاهيم يسندها تراث معرفي زاخر تمثل في الواقعية الاشتراكية. وبخاصة الفكر الماركسي، وعلم الاجتماع، والنقد السوسيولوجي؛ كما استمد الكثير من أسس وتصورات « ماركس » و »ويبر »([3]) و »كارل منهايم » التي تلح على ضرورة الربط بين الإبداع والمجتمع والإيديولوجيا. وكذلك استفاد من علم النفس وبخاصة أعمال « جان بياجي »، والمقولات المتعلقة باللاوعي، وما يتعلق بعلاقة الإبداع بالمبدع.

من خلال ما سلف يتبين لنا أن البنيوية التكوينية، حاولت أن تنفتح على جملة من العلوم الإنسانية، ذات الطابع العلمي والاجتماعي، متميزة عن البنيوية الأم التي انغلقت على نفسها، غير أن هذا الانفتاح بقي وفيا للفكر الماركسي الجدلي القائم على مفهوم الكلية، والرابط للبنى والمعاني الأدبية بالبنى الأيديولوجية والاجتماعية.. وهذا الذي عبر عنه « لوسيان كولدمان » بقوله: « المنهجية الماركسية هي بنيوية تكوينية معممة ومحكومة بفكرة الكلية »([4]).

 والبنيوية التكوينية بهذا التصور الكلي والجدلي، تعتبر كل حركة فردية أو جماعية لها « بنية دالة »، يقول « لوسيان كولدمان »: « تصرفات كل فئة اجتماعية تؤسس بنية دينامية دالة »([5]).ثم إن البنيوية التكوينية تقوم على أسس أربعة، على الأقل نذكر منها([6]):

………………..

([1]) البنيوية التكوينية: النظرية والتطبيق في النقد الأدبي المغربي. إدريس الناقوري. فكر ونقد ع 6. سنة 1- 1998. ص 69.

([2]) عصر البنيوية من ليفي شراوس إلى فوكو- إديث كيروزيل، ت جابر عصفور – ط Ι- بغداد سنة- 1985. ص 12.

([3]) النقد الأدبي المعاصر د: حيدة جميلة. مرجع مذكور. ص 242.

([4]) Marxisme et science Humines. Lucien Goldman. IDEES. N.R.F. Gallimard. 1970 P 220

([5]) Marxisme et science Humines. Lucien Goldman. P 220

([6]) الرواية المغربية ورؤية الواقع الاجتماعي- حميد لحمداني- دراسة بنيوية تكوينية، مطبعة النجاح- البيضاء- ط 1- 1985 ص- 12- 13.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *