Home»International»حديث الجمعة : – يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون –

حديث الجمعة : – يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون –

3
Shares
PinterestGoogle+

حديث الجمعة : (( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ))

محمد شركي

مما تعبد الله عز وجل به عباده المؤمنين حسن الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم  لما جعل له من قدسية تقتضي تعاملا خاصا  معه قولا أو فعلا بما يجب له من  تقديس وتوقير . وسنقف إن شاء الله تعالى عند نوع من حسن الأدب أو التأدب معه صلى الله عليه وسلم كما جاء في قول الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون )) ، إن هذا النص القرآني يتضمن أمرا إلهيا واجب التنفيذ ، وهو ملزم لزوم كل ما تعبد به الله عز وجل عباده المؤمنين ، وقد تضمن نهيين :الأول عدم رفع الأصوات فوق صوت النبي ، والثاني عدم الجهر له بالقول ، وبعدهما تحذير مما يستوجب عدم الانتهاء عن النهيين معا من عقاب إلهي  وخيم .

ومعلوم  أن رفع الإنسان صوته فوق صوت غيره ممن يخاطبه يدل على سوء تأدب معه إذ لا يعقل أن تكون وتيرة صوته دون وتيرة صوت هذا الغير  إن كان يحترمه بالفعل . ويحدث  رفع الصوت في الغالب إما  للدلالة على غضب أو توبيخ أو استعلاء أو احتقار وحط من القدر أو جهل بالمقام والقدر أو سوء أدب . ولقد نهى الله عز وجل المؤمنين سواء الذين تعلق الأمر بهم ساعة نزول قوله تعالى ، وكانوا سببا في نزوله أو عموم المؤمنين إلى قيام الساعة ،لأن العبرة  في كلام الله عز وجل بعموم لفظه لا بخصوص سببه .

 وإذا ما جاز أن تترافع أصوات الناس فيما بينهم لتساوي أقدارهم ، فإن الله عز وجل خصّ رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام بقدر خاص  به دون سواه من الخلق ،لأنه سيد ولد آدم عليه السلام، ولأنه خاتم الأنبياء والمرسلين وإمامهم ، ولأنه أرسل للعالمين  كافة ، ولأنه أرسل رحمة لهم أجمعين ،ولأنه  صاحب الشفاعة الكبرى والمقام والمحمود ، ولأنه على خلق عظيم لا يدركه أحد من العالمين … إلى غير ذلك مما خصّه به رب العالمين مما جعل قدره عظيما عنده وعند خلقه ، وهو يستوجب بذلك  التأدب معه توقيره وتقديسه .

 ولقد ورد في الأخبار أن الصديق والفاروق رضي الله عنهما بعد هذا النهي الإلهي عن رفع الصوت فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسمع لهما صوت في حضرته لهمسهما تعبيرا عما يجب له من حسن أدب وتوقير، وكذلك  كان شأن كل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين . واستمر له هذا التقدير حتى بعد التحاقه عليه الصلاة والسلام بالرفيق الأعلى إذ لا يرفع زوار قبره الشريف أصواتهم حتى بالصلاة عليه التزاما بما نهى عنه الله عز وجل من رفع الأصوات في حضرته حيا وميتا، لأن قدسيته ملازمة له لا تنفك عنه ، ولا تبلى ولا تزول .

وإذا ما جاز أيضا أن يجهر الناس لبعضهم بالقول لتساوي أقدراهم ، فإنه لا يجوز لهم أن يفعلوا ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لقدسيته وقدره العظيم الذي خصّ به الله عز وجل دون غيره ممن خلق . والجهر بالصوت  رفعه أيضا ويكون إما لإسماع البعيد أو للمجادلة والصخب أو لسوء الأدب أو للجهل . والمعهود في الناس أنهم في حضرة العظماء من ملوك ورؤساء وقادة وكبار المسؤولين لا يرفعون أصواتهم ، ولا يجهرون لهم بالقول كجهرهم لبعضهم ،الشيء الذي يدل على المهابة والاحترام والتقدير ، وهي عادة عند جميع الناس في كل العصور و في كل البيئات ، حتى أن  قدر الإنسان  يعرف أو يوزن بقدر ما تخفض الأصوات في حضرته أو في مقامه . وجهر الناس بالقول لبعضهم  يدل إما على رفع الكلفة بينهم أو على سوء أدب بينهم أو احتقار بعضهم بعضا ، لهذا نهى الله عز وجل عن الجهر بالقول للنبي صلى الله عليه وسلم . ولقد جاء في تفسير العلامة الطاهر بن عاشور:  » أن عدم الانتهاء عن سوء الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم يعوّد النفس بالاسترسال فيه ، فلا تزال تزداد منه ، وينقص توقير الرسول صلى الله عليه وسلم من النفس وتتولّى من سيء إلى أشد منه حتى تؤول إلى عدم الاكتراث بالتأدب معه/ وذلك كفر  »  وقد ذكر قبل ذلك قول الله تعالى : (( ومن يكفر بالإيمان فقط حبط عمله )) حيث التقى الكفر بالإيمان ، وعدم التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في  جزاء حبط الأعمال .

وما يترتب عن رفع الصوت فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم أو الجهر له بالقول عقوبة حالقة تحلق الأعمال الصالحة  مهما كانت بالحبط، وهو إبطالها أو إبطال قيمتها ونسفها من أساسها. وهذه العقوبة الوخيمة تدل على عظم جرم ما نهى الله عز وجل عنه من سوء الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال طريقة الحديث  أو التحدث معه أو مخاطبته  .

 وإذا كان الأمر كذلك في الحديث أو التحدث معه أو مخاطبته، فهو أعظم فيما سوى ذلك من أنواع  سوء التعامل معه صلى الله عليه وسلم  قولا أو فعلا  .

حديث هذه الجمعة الداعي إليه هو عدم تفهم فرنسا رئيسها وشعبها سبب غضب المؤمنين من الإساءة إلى رسولهم صلى الله عليه وسلم ورفضهم ذلك بشدة ،لأن الأمر إذا ما أقروا بالإساءة إليه عليه الصلاة والسلام وسكتوا عليها يتعلق بشأن ديني تعبدهم به رب العزة جل جلاله وهو توقير رسوله صلى الله عليه وسلم الواجب التوقير شرعا . وإذا كان رفع الصوت على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم  والجهر له بالقول أمر شنيع يستوجب حبط الأعمال  فأشنع منه الاستهزاء به والسخرية منه حاشاه  صلى الله عليه وسلم عن طريق رسوم كاريكاتورية هازلة ؟

إنه إذا جاز للناس أن يضعوا لبعضهم البعض رسوما كاريكاتورية لتساوي أقدارهم ، فإن قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق أقدار كل الخلق ، ولا يجوز أن يعامل معاملة الخلق .

وإذا كانت المجتمعات العلمانية لا يراعي فيها الناس كبراءهم ، فيجعلونهم عرضة للسخرية والاستهزاء والعبث عن طريق الرسوم الكاريكاتورية ، بذريعة حرية التعبير أو حرية الرأي ، فإن ذلك غير مسموح به بالنسبة لشخص الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم عند المسلمين ، وهذا ما يجب أن يفهمه ويستوعبه العلمانيون جيدا في فرنسا أو في غيرها من البلاد العلمانية، لأنه إن حصل شيء من ذلك كان مساسا بأقدس ما يقدسونه بعد تقديس الله عز وجل .

ومما ينصح به بعض المحسوبين على الإسلام أو المنتسبين إليه انتساب قول دون فعل  من الذين يحاكون العلمانيين  في مقولاتهم عدم الجرأة على شخص الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم من خلال تبرير إساءة العلمانية الفرنسية أو غيرها من العلمانيات إليه أو الدفاع عنها  تحت أية ذريعة مهما كانت، علما بأن  مجرد عدم الصلاة عليه في حديثهم  عند ذكر اسمه الشريف أو فيما يكتبون يشي بسوء الأدب معه، لأن المسلمين مطالبون شرعا بالصلاة والسلام عليه إذا ما ذكر عندهم ، وكفى بذلك  وحده سوء أدب معه صلى الله عليه وسلم ، أما غير ذلك مما ينزّله دون ما نزّله الله تعالى من مقام وقدر ، فهو أعظم عند الله عز وجل ، وهو موجب لحبط الأعمال ، وما يترتب عن ذلك من سوء المصير، لأن من لقي الله عز وجل قد حبط عمله ، كان كمن لقيه بلا عمل ، وكان حاله كحال الكافر بالإيمان كما جاء في قول الله تعالى .

اللهم إنا نعوذ بلطفك أن تزّل ألستنا بما فيه عدم توقير أو تقدير لرسولك صلى الله عليه وسلم . اللهم إنا نعوذ بك مما نهيت عنه من سوء أدب معه عليه الصلاة والسلام ، ونعوذ بك من أن تحبط أعمالنا بسبب ذلك . اللهم إنا نجعل أنفسنا  وآباءنا وأمهاتنا وذرياتنا فداء رسولك عليه الصلاة والسلام إذا ما أساء إليه المسيئون بقول أو فعل . اللهم زدنا حبا فيك وحبا فيه، وتعلقا بك وتعلقا به ، واجعله اللهم لنا شفيعا يوم العرض عليك . واجعل حبنا لك وله وسيلة إلي عفوك ومغفرته  ورحمتك، وطريقا إلى جنتك يا أرحم الراحمين ، ويا رب العالمين .

والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *