Home»International»مركز جورج بومبدو..

مركز جورج بومبدو..

0
Shares
PinterestGoogle+

المختار عويدي
معلمة ثقافية هائلة تتوسط العاصمة الفرنسية، في المنطقة الإدارية الرابعة. غريبة وفريدة من نوعها، لا في شكلها وبنائها وهندستها، ولا في محتواها ووظائفها وادوارها الثقافية العديدة والمختلفة.
شيد هذا المركز في سنة 1971 بقرار من الرئيس الفرنسي جورج بومبدو، وحمل منذ افتتاحه في يناير 1977 اسمه. ومن يومها وهو يضطلع بأدوار ثقافية وعلمية كبيرة، ويستقبل أعدادا هائلة من الزائرين والسياح، بلغ عددهم سنة 2012 حوالي ثمانية ملايين ونصف المليون زائر.
شيد المركز استناداً إلى نمط هندسة معمارية غريب ومثير وفائق التكنلوجيا، اعتمد فيه المهندسون كليا على صفائح وأنابيب من الصلب، متعددة السمك والاحجام والألوان. لا مكان للخرسانة سوى في الهيكل الأساس للبناء. ولذلك يعتبر ثورة في مفهوم العمارة المدنية الحديثة. فهو عبارة عن تركيبة معدنية هائلة، أشبه بنمط بناء برج إيفل.
يتشكل هذا البناء الغريب لهذا المركز الثقافي، من سبع طوابق فوق أرضية، وثلاثة تحت أرضية. ويحتوي على ثلاث مؤسسات ثقافية كبرى هي :
1 – المكتبة العمومية للمعلومات (Bibliothèque Publique D Information)
2 – المتحف الوطني للفنون الجميلة (Musée National d Arts Modernes) وهو الأكبر من نوعه في مجموع أوروبا.
3 – معهد الأبحاث والتنسيق للصوتيات والموسيقى ( Institut de Recherche et Coordination Acoustique et Musique)
وقد مكن هذا المركز بجمعه لهذه المؤسسات الثلاث في مكان واحد، من خلق جوار رائع بين مجالات معرفية وفنية وثقافية متباينة لكن متكاملة.
سأحدثكم اليوم عن المكتبة العمومية للمعلومات، فقد تيسرت لي فرصة زيارتها رفقة بنيتي هبة، وربما سأعود لأعرفكم لاحقاً عن باقي المؤسسات المكونة لهذا المركز. فقد وجدت هذه المكتبة عبارة عن صرح ثقافي كبير، مساحته 10400 متر مربع، يضم أكثر من مليون كتاب ووثيقة ميكروفيلم. الإستفادة من خدمات هذه المكتبة بجميع مرافقها، متاحة للعموم بشكل مجاني. وقاعات المطالعة الواسعة الموزعة على ثلاث طوابق، توفر حوالي 2200 مقعدا للمرتادين من الباحثين عن المعرفة بكل تشعباتها.
لقد انبهرت حقاً لما ولجت قاعات المطالعة الفسيحة هذه رفقة ابنتي، فوجدناها ممتلئة عن آخرها بالطلبة والأساتذة والباحثين وعموم القراء والمهتمين، لا مكان فيها شاغرا. الجميع منهمك في القراءة والمطالعة والبحث والتنقيب. خصوصاً أن محتوى المكتبة من الكتب والوثائق، هو رهن إشارة المرتفقين، في رفوف طويلة ممتدة دون حواجز أو تعقيدات أو إجراءات تذكر. ما على مرتادي المكتبة سوى التجول بين الرفوف الغاصة بالكتب، والبحث في الأجنحة التي تستجيب لاهتماماتهم، وتناول كل ما يرغبون فيه من كتب، دونما تدخل من أي مسؤول. بينما تكتفي القيمات على مختلف أجنحة المكتبة، بالتوجيه وتسهيل مأمورية مرتادي المكتبة، في الوصول إلى ضالتهم المعرفية والعلمية من الكتب.
لم أعثر وبنيتي على مكان شاغر للجلوس في هذه القاعات رغم شساعتها، لكننا جلسنا إلى إحدى الطاولات الإضافية الملحقة، بعد قيامنا بجولة استطلاعية بين الرفوف العديدة جدا والطويلة، التي أوصلتنا إلى جناح الأدب العربي، حيث تتوزع الكتب على أقسام، حسب جنسية المؤلف، وقد سررنا غاية السرور بوجود قسم خاص بالمغرب، إلى جانب أقسام عديدة تهم الدول العربية. يضم مؤلفات لكل من محمد برادة (موت مختلف – رسائل من امرأة مختفية – ودادية الهمس واللمس- Comme un été qui ne reviendra pas..)، ومحمد بنيس (نبيذ – Le Don du vin – Fleuve entre funéraille – Vers le bleu – Le livre de l amour..)، ومحمد شكري (الخبز الحافي – زمن الأخطاء – الأعمال الكاملة..) والبشير الدامون(حكاية مغربية – سرير الأسرار..) ويوسف فاضل (فرح – حشيش – مثل ملاك في الظلام..) وآخرون..
لا تقتصر مهمة المكتبة على توفير الكتب وأجواء المطالعة لمرتاديها فحسب، ولكنها توفر كذلك مرافق ثقافية عديدة ومتنوعة، منها:
– مكتبة وسائط للغات المختلفة. ومعامل Atelier لتعلم معظم اللغات للعموم مجاناً.
– مكتبة وثائق سمعية بصرية.
– مكتبة كادنسكي 39، وهي متخصصة في فنون القرن 20 (390 مقعداً)
– قسم للصحافة يضم العديد من الجرائد والصحف.
– قاعتان للسينما تضمان على التوالي، (316 مقعدا + 150 مقعدا)
– قاعة عروض (396 مقعداً)
– قاعة مناظرات (160 مقعداً)
أما عن محتويات المكتبة من الكتب والوثائق المختلفة، فهي تتوزع إلى الأصناف التالية:
– لغات وآداب
– تاريخ وجغرافيا
– فلسفة، أديان وعلوم اجتماعية
– علوم
– قانون، اقتصاد وتدبير
– سينما
– معلوميات
– فنون، رياضة وترفيه
– تقنيات
– تكوين ذاتي
– صحة
– موسيقى
– تلفزات العالم
– صحافة
– ألعاب الفيديو وأشرطة الرسوم
تمثل هذه المكتبة حقا، العصب الثقافي والعلمي لمركز جورج بومبدو، ولذلك تعتبر محجا للباحثين عن المعرفة العلمية والثقافية بكل أصنافها وشعبها القادمين إليها من كل فج عميق. وهي تشكل إلى جانب باقي مكتبات باريس الكبرى كالمكتبة الوطنية لفرنسا فرانسوا ميتيران، شبكة رائدة في نشر المعرفة، وجعلها متاحة لأوسع مدى ولأكثر قدر ممكن من المهتمين والشغوفين بالقراءة.
وإذا كان لمركز جورج بومبدو من أهمية وفرادة، فهي تكمن في جمعه لهذه المؤسسات الثقافية الثلاث في مكان واحد، مما مكن من خلق جوار معرفي جميل، بين الكتب والوثائق من جهة، والإبداعات واللوحات الفنية من جهة أخرى، والموسيقى والإبداعات الصوتية من جهة ثالثة. في تناغم وتواصل وتبادل رائع.
ولأجل الاضطلاع برسالته الثقافية والعلمية على أحسن وجه، يسهر على خدمة مؤسسات المركز الثلاث، جيش من المستخدمين، يبلغ عددهم حوالي ألف مستخدم، وتبلغ ميزانيته السنوية أكثر من مليون أورو.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *