هل قتل السفير الروسي كان فعلا مشروعا؟
أحمد الجبلي
بعد عملية اغتيال السفير الروسي في أنقرة، كثرت التغريدات التي تشيد بالشرطي القاتل، فوصفه البعض بالرجل البطل، وآخر بالشهيد المجاهد، وثالث بالعربي الأصيل الذي انتقم لنساء حلب.
إن مثل هكذا فهم يعد سقيما من أوجه كثيرة، منها أن مشروعية قتل سفير في دولتك لا مبرر له شرعا، وحتى إن كان، إفتراضا، يدخل في باب تغيير المنكر أو اقتصاصا مما وقع لإخواننا في حلب، فالسفير ليس لا في معركة ولا في وضع يجعل الاقتصاص جائزا، كما أن تغيير منكر يؤدي إلى منكر أكبر منه السكوت عنه أولى، لأن ما سيترتب عن عملية القتل هذه لا يمكن التكهن بعواقبه، خصوصا إذا كان من باب من سن سنة، وهذا من شأنه أن يجعل تركيا تعرف مزيدا من الاغتيالات على أرضها مما سيمنح الفرصة للانقلابيين لاستغلال الوضع لما يضر بتركيا وشعبها المسلم، ويقلب الحسابات كلها مما يجري في سوريا لما هو أشد وأنكى لأن من الممكن أن يؤدي إلى عزل تركيا فتصير لا هي في التحالف الأمريكي ولا في التحالف الروسي في ظرفية تعتبر التحالفات حلا أستراتيجيا ينجي أي دولة من بطش المتربصين بها، وتركيا كما لا يخفى أشبه بالفريسة التي يطمح كل الذئاب للانقضاض عليها لمجموعة اعتبارات على رأسها الانتماء الإسلامي ومواقفها الجريئة مما يقع من ظلم في العديد من بلدان العالم.
أما إذا جاز لنا أن نعتبر سفراء الدول الأجنبية في الدول العربية الإسلامية هم عبارة عن معاهدين أي يجمعنا معهم عهد وهذا العهد وفق المواثيق الدولية التي وقعت عليها الدول العربية وتعاهدت بالالتزام بها، فيتحول الأمر من مجرد موضوع قابل للنقاش إلى موضوع أخطر بكثير مما يتصور لأن ما ورد في قتل المعاهد تشيب له الولدان، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو: » من قتل نفسا معاهَدا لم يرح رائحة الجنة وإن رائحتها ليوجد من مسيرة أربعين عاما » وفي حديث آخر رواه أبو داود عن صفوان بن سليم قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: » ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة » والمعاهد هو من أخذ الأمان في بلاد المسلمين حتى ولو كان كافرا، قال الإمام الشوكاني: » هو الرجل من أهل الحرب يدخل دار السلام بأمان فيحرم على المسلمين. انتهى الكلام.
Aucun commentaire