Home»Correspondants»المبادئ الثابتة لنظام الحكم وتنظيم الجماعة (39 بقلم عمر حيمري

المبادئ الثابتة لنظام الحكم وتنظيم الجماعة (39 بقلم عمر حيمري

0
Shares
PinterestGoogle+

 

المبادئ الثابتة لنظام الحكم وتنظيم المجتمع : (3 ) بقلم عمر حيمري

(5 ) الشورى : مبدأ وأصل للنظام السياسي في الإسلام ، وهي من الأمور الضرورية المفروضة والوجبة على الحاكم وعلى أولي الأمر من المسلمين بصفة عامة ، تقوم على أساس ، أن  الحكم أولا وأخير لله وبما نزل من الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن لا اجتهاد مع النص القطعي . لأن    الاجتهاد مع النص تجاوز للنص ذاته ، وهو تصريح باتباع الهوى ، واتباع الهوى فتنة وفساد بدون شك ، حذر منها الله سبحانه وتعالى في قوله : [ وأن أحكم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ] ( سورة المائدة آية 49 ـ 50 ) . إن التمسك بحكم وشريعة الله ، هو الأصل الطبيعي الموافق للفطرة الإنسانية ، أما حكم البشر للبشر طبقا لقوانين  اصطلحوا عليها ، وتشريعات وأوامر ونواهي اتفقوا عليها لتحليل الحرام وتحريم الحلال وتسييس المجتمع ، حسب الهوى والميل النفسي ، فما هي إلا  قوانين وتشريعات وضعية ، قد تطاع ظاهريا وتأباها القلوب ، وتخفي الصدور مقتها وكراهيتها ، وما هي إلا جاهلية رافضة للمنهج الرباني ولعبودية الله ، ومتمسكة بالعبودية لغير الله ، أي  للمشرعين من البشر المستعبدين لأكثر الضالين من الناس . يقول سيد قطب رحمه الله في تفسيره للآيتين المذكورتين { … والناس ـ في أي زمان وفي أي مكان ـ إما أنهم يحكمون بشريعة الله ـ دون فتنة عن بعض منها ـ ويقبلونها ويسلمون بها تسليما ، فهم إذن في دين الله . وإما أنهم يحكمون بشريعة من صنع البشر ـ في أي صورة من الصور ـ ويقبلونها إذن في جاهلية ، وهم في دين من يحكمون بشريعته ، وليسوا بحال في دين الله . والذي لا يبتغي حكم الله يبتغي حكم الجاهلية ، والذي يرفض شريعة الله يقبل شريعة الجاهلية ، ويعيش في الجاهلية . } ( في ظلال القرآن سيد قطب ) . انطلاقا من هذا التصور للحكم ، يكون الحاكم المسلم يستمد شرعيته وقوته وسلطته من المجتمع الإسلامي ، كما يستمد هذه السلطة من تطبيق وتنفيذ الشريعة ، التي آمن بها مجتمعه والمتضمنة  لمبادئ الشورى الذي يلزم الحاكم بالرجوع إليه ليعلم مدى مطابقة نظامه السياسي ، وإشرافه على تنظيم المجتمع مع الشريعة أو الانحراف عنها . وإلا فهو الحكم المطلق الديكتاتوري المتسلط على إرادة الجماعة  .

 إن الشورى ، تحول بين أولي الأمر ، وبين السقوط في إدارة شؤون الأمة وسياستها خارج شريعة الله ، وضد منهج الله . فهي تساعد الحاكم على عرض المشاكل أو القضايا ، التي تشغل اهتمامه ، على من يثق فيهم من الحاشية المحيطة به ، وعلى من يشهد لهم بالعلم والفقه والعدالة ورجاحة العقل ، بهدف الاستعانة بهم ، في مجال الرأي والحكمة والاجتهاد  ـ  فيما لم ينزل فيه قرآن ، ولم تتعرض له سنة  ـ  ليستخرج منهم الآراء ويقارنها ويوازي بينها ، حتى يتبين له الصائب والصالح من الأفكار والأكثر نفعا للأمة من غيرها ، وحتى تنكشف أمامه الحلول الناجعة ، فيهتدي للحق ولأرشد الأمور ، ويختار أفضلها . والشورى على العموم، لا يستغني عنها الحاكم، أو القائد، ولا الناس العاديين. لأن لها بعدا يتعلق بالأمور الخاصة بالحاكم ، وبالنظام السياسي وتنظيم المجتمع ، وقيادة الأمة ، وبعدا آخر اجتماعيا ، يخص الشؤون الخاصة بالناس ، وقضاياهم الاجتماعية ، والفردية ، ومشاكلهم اليومية . كما هي طاعة لله سبحانه وتعالى ، واقتداء واتباع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ومن ثمة فهي واجبة على الحاكم ، وملزمة للمحكومين في الأمور العظيمة ، وحق للرعية وللأمة الإسلامية ، ونفقة من العلم و الحكمة وسداد الرأي والعقل ، لصالح المسلمين وما يعود عليهم بالنفع ، كنفقة المال في سبيل الله . ولهذا نص عليها القرآن ، وحثت عليها السنة النبوية الشريفة . ففي القرآن الكريم ، ورد قوله سبحانه وتعالى : [ والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون ] ( سورة الشورى آية 38)  وقوله : [ فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فضا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ] ( سورة آل عمران آية 159 ) . وقوله [ … فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما ] ( سورة البقرة آية 3 ) . وفي السنة ورد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أما أن الله ورسوله لغنيان عنها ، ولكن جعلها الله تعالى رحمة لأمتي ، فمن استشار منهم لم يعدم رشدا ، ومن تركها لم يعدم غيا } ( رواه ابن عباس ) . فالشورى بهذا المعنى هي رحمة للناس ، حتى لا يصيبهم الغرور والاعتزاز بآرائهم والشعور بأنهم معصومين من الوقوع في الأخطاء ، فيسقطهم الشيطان في حبائل الكبر والغطرسة وعند ذاك حتما يسوء تدبيرهم للشؤون الخاصة والعامة ، وتفسد أمورهم ، وتضيع مصالحهم ، فيهلكوا ويضيعون ويضيعون غيرهم . لهذا رغبت السنة الشريفة في المشاركة في الشورى : قال صلى الله عليه وسلم : { إذا استشار أحدكم أخاه فليشر عليه } (سنن ابن ماجه ) . على شرط أن تكون المشورة بما فيه الخير والمصلحة والنصح لله ولرسوله وللمؤمنين ، وإلا فهي الغش والخيانة والتآمر على الفرد والمجتمع ، لقوله صلى الله عليه وسلم { من استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه } . ( رواه أحمد ) ولقوله : { المستشار مؤتمن } ( رواه أبو هريرة سنن أبو داود ) . وكل تأخير للشورى غير جائز ، ويسبب الإثم والفساد ، إلا أنه يجب ، تكون المشاورة قبل العزم ووضوح الأمور وتبينها للحاكم . لقوله سبحانه وتعالى : [ … فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين ] ( سورة آل عمران  أية 152 ) . يتبع بقلم عمر حيمري

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *