الوزير اخشيشن ومستقبل قطاع التربية

قادني فضولي للنبش قليلا في سيرة الوزير أحمد اخشيشن للتعرف أكثر على شخصية الرجل الذي تربع على عرش وزارة التربية الوطنية منذ ما يزيد على أٍربع سنوات ،وإن كان من العيب أن نشتغل في قطاع ونجهل كل شيء عن الرجل الأول الساهر على تنفيذ فلسفة وسياسة الوزارة .من حسن حظي أن السيد الحكيم « غوغل « رهن الإشارة دائما مما وفر علي الكثير من الجهد والوقت بالإضافة إلى تحليه بمزية تتمثل في كونه يتيح تعددا في مصادر المعلومات . لم يكن توقعي مخطئا في الرجل وكما يوحي بذلك سلوكه وخطاباته ،فهو بعيد كل البعد عن المجال الذي يشرف عليه .لم يسبق لأحمد اخشيشن وأن كان مدرسا ولا مفتشا ولا مديرا… ولم يكلف نفسه عناء ترقي السلم الوظيفي…لم تعور عيناه بفعل غبار الطباشير وسهر الليالي تحضيرا للدروس ولا احمرت أوداجه أواحترقت أعصابه محاربا مغوارا لظلمات الجهل وغضبا على مظالم المسؤولين .لا يعرف السي أحمد الفرعية و لا القسم المشترك إلا على الورق ،وباختصار فهو « لم يحرق سباطو » في مهنة التعليم.مثال وزيرنا خير دليل على نسبية المثل القائل »لتذوق العسل لا بد من تحمل لسعات النحل ».ففي الوقت الذي يتحمل فيه الاف المربين والموظفين الام لسعات النحل والعقارب والثعابين الحيوانية والادمية ،لم يجدوا إنصافاولا جزاء ولم يذوقوا ولو قليلا من طعم هذا العسل يوما بينما يأتيه اخرون من طريق أخرى مفروشة بالورود :من عالم السياسة.
قد يقول قائل إنه منطق السياسة ، لكون الحقائب الوزارية توزع حسب نتائج صناديق الإقتراع.وهذا هو منطق الديموقراطية .لكن أليس قطاع التعليم في أمس الحاجة لأبنائه لكونهم الأدرى بمشاكله وحاجاته ،خصوصا إذا علمنا كون بلادنا تعتبره قطاعا حيويا يتصدر الأولويات منذ أكثر من عقدين،كما أن الحكومة الحالية تضم وزارات عدة منحت حقائبها لتيكنوقراط كوزارة التجهيزمثلا،أم أن التعليم ليس في حاجة إلى خبرة ودراية ،وتكفي فيه » الحنكة السياسية »؟أم أن وزيعة الإنتخابات جعلت حقيبة التعليم صدفة من نصيب الأصالة والمعاصرة؟
ألم يحن الوقت ليطالب رجال التعليم بوزير يمثلهم ،عارفا وملما بخبايا هذا القطاع ،حاملا ومتفهما
لمشاكلهم وهواجسهم خصوصا أن الإخوة الأطباء رفعوا هذا الشعار إبان حراكهم الأخير ودافعوا من أجله بقوة .
السياسي في خدمة التربوي:
بين السياسة والتربية علاقة ارتباط جدلية،وأي محاولة للإحاطة بأزمة التعليم بمعزل عن ربطها بمحيطها السياسي سيكلل صاحبها بالفشل الذريع . إذا فسدت السياسة فسدت االتربية ،وإذا فسدت التربية فلا ننتظر منها أن تنجب لنا أكثر من هذه الوجوه التي تتمسرح على الساحة الحزبية المغربية .لم أجد توصيفا أفضل من الذي قدمه الصحافي عمر أوشن بشكل ساخر »السياسة مثل حديقة حيوانات ،لذلك تجد فيها من يشبه الكلاب والثعالب والذئاب بينما صنف اخرتجده أقرب إلى العقرب والحنش والثعبان بوسكة .هناك السياسي القريب في أفعاله وسلوكاته وحركاته إلى النمس واخر يشبه القرد …ويضيف :نجد داخل حديقة السياسة الخنزير والدب المغرور بنفسه والحمار والبغل مول الراس القاسح والثور والبقرة والفيل والسبع والضبع سارق جيفة الاخرين… »
وأضيف إلى ما قاله الأستاذ عمر كون السياسيين عندنا يشتركون جميعا في خصلة يستلهمونها من الحرباء: لونها.
السياسة التربوية يصنعها السياسي بالأساس ، وإذا كان المشهد السياسي قاتما وغابويا كما ذكر فلا ننتظر منه أن يقدم حلولا سحرية لمشاكل المدرسة.المستغرب له حين تشاهد نفس هؤلاء السياسيين في برامج حوارية تلفزية مبدين ظاهريا إرادة وعزم على إيجاد حلول لمشاكل التعليم ناسين أو متناسين كونهم صلب المشكل والعقبة الحقيقية التي تقف في وجه الإصلاح.
الديموقراطية هي الحل : اللفظة الجميلة التي أصبحت عملة معولمة التداول والهدف المنشود والصعب المنال لحد الان لكثير من دول الجنوب يظل غيابها مؤثرا ودراميا على الإصلاحات التربوية في بلادنا .لن ندخل في المتاهات النظرية للمفهوم وسنكتفي ببعض تجلياتها والخدمات التي يمكن أن تسديها إلى المدرسة:
_الرجل المناسب في المكان المناسب:
الإنتخابات عملية حساسة في اللعبة الديموقراطية ،وإنه لمن العبث الحديث عن هذه الأخيرة إذا كانت هذه الإنتخابات يشوبها تزوير أو تدليس أو شراء ذمم…صناديق الإقتراع الشفافة والنزيهة من شأنها إفراز منتخبين يحظون بالمصداقية والثقة الشعبية والكفاءة.طبعا فأنا أتحدث هنا عن انتخابات في ظل قوانين تحترم شروط الديموقراطية من مستوى ثقافي جيد للسياسي المنتخب ، وقانون أحزاب ديموقراطي …الخ.أعرف مستشارا برلمانيا عضوا بلجنة التعليم(الغرفة الثانية)يشكل أبرز مثال يوضح كيف يساهم ما هو سياسي في التأثير فيما هو تربوي. فالرجل أمي ولم يلج المدرسة قط ،فكيف سيسهم أمثال هؤلاء في إصلاح أوضاع المدرسة وهم لا يعرفون عنها شيئا؟
_الديموقراطية تعني المحاسبة ،فلا يعقل أن تظل المسؤولية مفصولة عن المحاسبة .محاسبة الجميع دون استثناء،فالقانون يعلو ولا يعلى عليه .ثقافة المحاسبة يجب أن تتكرس لتقضي على افة الفساد والسرقة وتبذير المال العام .
_كمدرس ألمس في النقاشات مع الإخوة المدرسين عمقا في فقدان الثقة في المسؤولين وهذا ناتج عن الإحساس بغياب الديموقراطية وتكافؤ الفرص وسيادة دولة القانون …
اخيششن وخطبة الوداع:استرعى انتباهي بعد الإنتهاء من كتابة هذه السطور خبر تنظيم أحمد اخشيشن لحفل وداع حضرته أطر وفعاليات تربوية بمدينة المحمدية.اخشيشن كعادته أسهب في الحديث إلى أن سقط في المحضور و »عورها ».فبدل الإعتراف بالإخفاقات والنكسات التي شهدها قطاع التربية والتكوين تحت إشرافه ،لجأ إلى عقد مقارنة بينه وبين من سبقوه إلى كرسي المسؤولية .صحيح أنه من الشجاعة أن يعترف الإنسان بتقصيره وعجزه وبأفضلية الاخرين ،وهو موقف أخلاقي نادر،لكن في ماذا ينفع هذا الإعتراف الان بالضبط،ولم لم يمتلك الشجاعة ويستقيل منذ مدة ؟لوفعل ذلك في نظري لصنع اخشيشن مجدا لنفسه ولأعطى درسا بليغا في الديموقراطية لكل السياسيين.
ختاما:هل ستكون السياسة كريمة مع التربية في فترة مال بعد اخشيشن وتقدم لها « هدية العمر » :الديموقراطية؟لننتظر ونرى…
رشيد أوخطو 01_08_2011
2 Comments
وبادو ياسميتة محامية
……………وووو
Louange à DIEU,
Ce dont vous avez parlé, Monsieur, doit être pris en considération et diffuser via plusieurs journaux.D’uatant plus que cette espèce de « corruption » dont vous faîtes illusion, est omniprésente dans notre système éducatif marocain, chose qui met en marge, le plus souvent, les vraies compétences, en mettant en relief ceux qui ont prétendument, réussi le concours(passant par l’examen écrit et bien entendu, oral)