Home»Débats»نحو تعددية حزبية حقيقية

نحو تعددية حزبية حقيقية

0
Shares
PinterestGoogle+

توطئة:
تعتبر الأحزاب السياسية من الدعامات الأساسية لبناء الديمقراطية في أي بلد ،حيث أنها تشكل بامتياز تنظيمات رسمية من المواطنين الذين تجمعهم مبادئ مشتركة ولهم رؤية واضحة حول تدبير الشأن العام في انسجام مع دستور البلد، مدونة في برنامج شامل يتطرق لكيفية الارتقاء بكل مجال من مجالات الحياة المجتمعية ؛وتسعى الأحزاب إلى الوصول إلى السلطة –تعبيرا على المسؤولية الوطنية في المحافظة على الوطن وفي المشاركة في ازدهاره في ظل النظام السياسي الذي يحكم البلاد – قصد تطبيق برنامجها في تسيير الشأن العام في البلاد والدفاع عن مصالحه داخليا وخارجيا عبر من ترشحهم، ممن تتوفر فيهم شروط رعاية الحقوق المدونة في دستور الوطن  حق رعايتهما  ،ذلك لأنه بواسطة الأحزاب يتم اختيار الوزراء وأعضاء البرلمان والمستشارين في مختلف المجالس وطنيا وجهويا ومحليا  . وتهدف الأحزاب إلى صناعة (أو التأثير على) القرارات السياسية الوطنية في كل مجالات حياة المجتمع خدمة لتحقيق العيش الكريم لكل المواطنين، ويتأتى للحزب (أو لكل ائتلاف مكون من عدة أحزاب ) ذلك حسب الوزن الذي يحصل عليه في الانتخابات مقارنة مع الأحزاب الأخرى  ،ومن الطبيعي جدا أن كل حزب يسعى  من خلال تواجده في أرجاء كل الوطن إلى استيعاب أكبر عدد من المواطنين وإلى إقناعهم بجدوى برنامجه الانتخابي وبالانتخاب على المرشحين الذين يختارهم وفق معايير موضوعية قصد تحقيق أغلبية داخل البرلمان تسمح له  بالعمل في السلطة على صعيد الحكومة ، وإن لم يتسنى له ذلك يعمل على مراقبة من توصل إليها من خلال موقع المعارضة.

مما سبق يتضح الدور الأساسي الذي ينبغي أن تضطلع به الأحزاب في تأطير المواطنين وتنشيط الحياة السياسية وتعبئتهم لتحقيق تضامن قوي يقوي مكانة الوطن داخليا وخارجيا،الأمر الذي يعكس ضرورة وجود    ديمقراطية حقيقية داخل الحز

 

مما سبق يتضح الدور الأساسي الذي ينبغي أن تضطلع به الأحزاب في تأطير المواطنين وتنشيط الحياة السياسية وتعبئتهم لتحقيق تضامن قوي يقوي مكانة الوطن داخليا وخارجيا،الأمر الذي يعكس ضرورة وجود    ديمقراطية حقيقية داخل الحزب وتواجد كفاءات تتصف بشروط المواطنة. ومن المعروف أيضا أن النظام السياسي السائد في كل بلاد هو الذي يحدد إلى حد كبير حدود الممارسة السياسية للأحزاب،وكلما ارتقى الوعي السياسي داخل البلاد ،ساعد ذلك على توسيع الحريات السياسية وألزم الأحزاب السياسية بالاجتهاد أكثر في إثبات أحقيتها في تسيير الشأن العام وفي تمثيل المواطنين.وتعتبر المرحلة الراهنة التي تمر بها بلادنا مرحلة أساسية وفي نفس الوقت حساسة قصد الانطلاق الصحيح والقوي استجابة للإرادة القوية لملك البلاد في مواصلة الإصلاحات السياسية بما يستجيب لتطلعات المواطنين ويكسب المملكة المغربية تعزيزا للمكانة الرفيعة التي تحتلها ضمن المنتظم الدولي.
بعد هذا التعريف المقتضب عن ماهية الأحزاب السياسية وأدوارها ،وبعد تثمين إنجازات الجادين،نشير منذ البداية أننا لا نتوخى التنقيص من الجهود التي قدمتها وتقدمها أحزاب وجمعيات مواطنة في سبيل تنمية وطننا،وإنما    نبتغي لها الرفع من مكانتها قصد الاستجابة المسؤولة لتطلعات الملك    والشعب،داعين القارئ إلى قراءة في هذا المعنى.
العرض:

 

ويعتبر الحوار الاجتماعي الذي بدأ بعد الخطاب الملكي ل09 مارس2011 بين مكونات الأمة المغربية حوارا صحيا يصحح الأفكار ويقرب وجهات النظر ويرسم معالما واضحة لمستقبل أكثر إشراقا للمغرب

كثر الحديث في أيامنا هذه عن انشغال كثير من المواطنين برصد الأحوال الإنسانية وقياس درجات حرارتها،وبرصد المد والجزر بين هموم البعض وانشغالات البعض حول مقومات العيش الكريم كما يتصوره لنفسه كل مواطن في أفق تعديل الدستور المغربي وترجمة بنوده إلى قوانين تنظيمية تسير حياة المجتمع المغربي.
ويعتبر الحوار الاجتماعي الذي بدأ بعد الخطاب الملكي ل09 مارس2011 بين مكونات الأمة المغربية حوارا صحيا يصحح الأفكار ويقرب وجهات النظر ويرسم معالما واضحة لمستقبل أكثر إشراقا للمغرب، لأنه ببساطة بتركيزه على أن يتضمن الدستور المرتقب كل منتظرات المواطنين التي تروم تحقيق ديمقراطية متكاملة وحية،يتوخى تحقيق تضامن قوي بين المغاربة ينتج عدالة اجتماعية وتصالحا وطنيا حقيقيين، تتآزر لبنائهما السليم جهود كل من الدولة ومختلف المكونات التمثيلية للمواطنين تحقيقا للمصلحة العليا للبلاد وللمواطنين المغاربة بنزاهة وشفافية مطلقتين.
ومن بين الأهداف السامية لذلك كله، تحقيق وعي جماعي حول ضرورة اختيار ممثلي الأمة بأمانة وإخلاص بعيدا عن المصلحية الزائلة ،وقريبا من القبول الشعبي الواسع والكفاءة والنزاهة كشروط مبدئية لإرجاع الثقة في الأحزاب ،ولتمكين ممثليها المختارين من القيام بأدوارهم بقوة في تدبير شؤون المواطنين في مختلف المواقع التي سيرشحون لها،وبالتالي تغيير الصورة السلبية التي يرسمها أغلب المواطنين –عن أحزاب-    الحاجبة للإنجازات والواضعة على الواجهة  الإخفاقات.
ذلك ،لأنه في مغربنا الحاضر والماضي القريب ردد و يردد كثير من الناس بأنهم الأصلح لتلبية مطالب الشعب، والأنسب لتمثيله ،ووصلوا فعلا إلى تمثيله إما مباشرة عن طريق الاقتراع أو بطريقة غير مباشرة عن طريق ما يسمى بالتزكية لكن دون تحقيق الرضا الشعبي وربما الرضا الفردي للكثيرين،لأسباب عديدة سينطفئ تأثير الكثير منها في الانتخابات الوطنية(وليس الاستحقاقات) المقبلة. وفي ظل غياب مشاركة مكثفة في الانخراط الفاعل قصد المساعدة على بناء تنمية البلاد بدءا بتدبير شؤون الحي والشأن المحلي وصولا إلى المشاركة السياسية لمن له القدرة والكفاية لذلك ،يبقى قصور يطبع مستقبل التنمية المستدامة ببلادنا ،لأنها تؤسس وفق مقاربة تشاركية تعبأ كل الطاقات من أجل بلوغ هدف واحد بعيدا عن كل أشكال الأنانية والحسد التي يكننا البعض للناجحين    الحقيقيين في تدبير الحياة الوطنية.

وفي حين أن كثيرين ركنوا لساحة التفرج والانتظار بالجديد المسعد لهم، قلة اختارت أن تسير شؤون بلدها ،لكن المفارقة القائمة هي أن أغلب هؤلاء-القلة- ممن يمثلون المواطنين ينعتهم الشارع  بغير المؤهلين رغم اكتسابهم لشرعية أهديت إليهم من ناخبيهم أو من فرقهم ،مؤاخذين على حد سواء من يفشل منهم منذ توليه تدبير الشأن المجتمعي و من ينجح منهم بأنه لايحقق النجاعة المطلوبة .ويقر المتتبعون للشأن العام بأن هؤلاء ضحوا بأوقات راحتهم وناضلوا في نضالاتهم،في حين ركن الكثيرون إلى الراحة إما لأنهم غير قادرين على التدبير- فمنهم من وكل الأمين ومنهم من وكل من يقضي حوائجه الخاصة -أو لأنهم لم يقتنعوا بعد بجدواهم في تدبير الشأن العام لوطنهم،أولأنهم اختاروا طلب تيسير عيشهم، أو لأن الأوائل أغلقوا الباب في وجه كل من يشكل منافسة حقيقية    في إزاحتهم،فاستسلموا لأن الطريق شاقة ومكلفة.
صحيح تلعب أحزاب –وجمعيات- جادة دورا مهما في بلورة مشروع بناء المغرب الحديث ،و تدافعها المواطن من أجل القضايا المصيرية للوطن وللمواطنين فرض عين،بينما تدافعها من أجل نيل مصالح شخصية بند من بنود أنانية العصر؛وإذا اعتبرنا أن ما تنادي إليه أحزاب لتعجيل انخراط المواطنين -خاصة الشباب منهم- في السياسة شيء لا غموض فيه ، فلماذا لا ينخرط المواطنون بقوة ؟ وهل الذين انخرطوا منهم انضموا فقط وليس إلاَ من أجل المصلحة العامة ؟ثم لماذا لا يقر المواطنون بإجماع بنجاح أي حزب سير الشأن المحلي أو الوطني رغم      اجتهادات ؟   ثم إذا كان  الأمر كذلك  لماذا  لا    يتكتل أحزاب    قبل الانتخابات وليس بعدها ؟

 

فالآن ،وبعد خطاب ملك البلاد ل09 مارس 2011حول تقوية الدستور المغربي، ألا ينتظر منها-الأحزاب- أن  تعطي المثل للثقة في ما بينها أوَلا، وتسهل مأمورية المواطنين من خلال تقوية بنيانها، وتصحيح بعضها لمساراتها لرفع سوء الثقة التي وضعوها لدى المواطنين المواطنين وليس في قلة من المواطنين المصلحيين

 

فالآن ،وبعد خطاب ملك البلاد ل09 مارس 2011حول تقوية الدستور المغربي، ألا ينتظر منها-الأحزاب- أن  تعطي المثل للثقة في ما بينها أوَلا، وتسهل مأمورية المواطنين من خلال تقوية بنيانها، وتصحيح بعضها لمساراتها لرفع سوء الثقة التي وضعوها لدى المواطنين المواطنين وليس في قلة من المواطنين المصلحيين ؟ ولما لاتنحو -بالتدرج- خدمة للمصلحة العليا للبلاد نحو دراسة تقليص عددها وفق توافق حضاري والعمل على تشكيل هيئات قيادية لتكتلات حقيقية من أجل المصلحة العليا للبلاد،ومن أجل تسهيل مهمة الناخب المغربي،والتوصل إلى حكومة قوية منسقة لأعمالها محاسبة لنفسها،مستجيبة لتطلعات وحاجات المجتمع ،مرتاحة بوجود معارضة قوية تقوم اختلالاتها،وتحتفي بنجاحاتها. نعم يصعب القيام بتنازلات ،ألأن كل طرف له مبادئ في العمل السياسي مختلفة عن التي يعمل بها الآخر؟وإن كان ذلك غير مرجح ظاهريا لأن برامج الأحزاب شبه متشابهة، أولأن كل حزب سجل دخوله في الساحة السياسية يريد البقاء فيها والتسيير الفردي؟ لكن هل ترقى مبادئ حزبية وجمعياتية و… لمزاوجة حقيقية بين الأقوال والأفعال؟ ولماذا هناك تخاصمات شبه دائمة داخل الأحزاب وبينها لا محل لها من الإعراب؟ ألم يتم التوافق على طريقة الاقتراع لكي يتواجد ممثلون عن كل حزب ؟ يبدو من خلال النقاشات المتداولة على المنابر الإعلامية الوطنية  بين المعارضة والأغلبية المكلفة بالتدبير في مختلف المجالس المنتخبة، أن لدى كل حزب ترتيب خاص لأولويات الشأن العام ،كما أن المقاربات التدبيرية متباينة أيضا بينها،مما يبرز في اعتقادنا ضرورة مراجعة جذرية لطرق التدبير للأغلبية وللمعارضة وفق مقاربة تشاركية تقويمية وسطية،عوض الاستمرار في كثرة الخصامات والاختلافات غير المنطقية والإقصاءات غير المبررة من التشاور البناء.
فعموم المجلس المنتخب بمعارضته وأغلبيته يمثل المواطنين كلهم، وأفكار البعض تكمل حتما أفكار البعض الآخر من أجل المصلحة العامة للبلاد.
فالمفروض إذن هو الارتقاء إلى إنضاج الممارسات وتنميتها بما يحقق النجاح والرضا الجماعي لكل جماعة أو مجلس منتخب لتدبير الشأن العام، فالرابح ليس شخصا (أشخاصا)أو حزبا( أحزابا) ،لكن الرابح هو  الجماعة القروية،وهي المدينة،وهي الجهة،وهو المغرب ،وهم مواطنوه.
والمعارضة لا ينبغي لها أن تقول دائما لا لنعم الأغلبية،والأغلبية لاينبغي لها أن تقول دائما لا لنعم المعارضة؛فالمعارضة والأغلبية جسم واحد يشتغل من أجل هدف واحد ،هكذا ينبغي أن يستوعب كل مواطن داخل المجالس المنتخبة يتطلع لخدمة مواطنة لبلده. فهل يجب انتظار القوانين لتفرض على الممارسين طرق إنجاز ممارسات نظيفة؟ أم يجب على كل فرقة عمل أن تستبق وتقتنع بضرورة تقويم ممارساتها،وتبرهن على كفاياتها التدبيرية بالعمل على إبداع نماذج فعالة يحصل معها الرضا الجماعي؟ ألا يفترض التعاون المثمر، أليسوا ممثلي الأمة؟ وإذا ما لم يتفاهم مواطنون فالمفروض في النخبة أن تتفاهم لأن بين أيديها تدبير مصير الأمة.
ولأن مجال تدخلاتها القانونية –الأحزاب السياسية- سيتوسع لإثبات كفاياتها إذا ما حصلت على ثقة المواطنين في تسيير شؤون البلاد،ذلك لطرحها ضمن نقاشاتها الجارية  مسألة توفيرالدولة عدة ضمانات لإعمال انتخابات شفافة ونزيهة:كإعادة التقطيع الانتخابي ومراجعة لنمط الاقتراع ليكون إنصاف في تمثيل المواطنين،…وبالاستناد على المقتضيات القانونية التي ستطور من دمقرطة الحياة السياسية،أليس الزمن سانحا اليوم –أكثر مما مضى- لإثبات (لتجديد إثبات) أحقية  في تواجد أحزاب على الساحة السياسية بالتنافس المثمر في التعمق في الفهم العملي الصحيح لمغزى الأمانة التي يحملها شعار بلدنا: الله-الوطن-الملك؟ ثم فلينتبه الكبار إلى ممارساتهم ،فالمدرسة المغربية تعلم للصغار معنى الديمقراطية ومعنى النزاهة ومعنى المواطنة من خلال دروس التربية على المواطنة، وحقوق المسلم الفردية والجماعية في دروس التربية الإسلامية ، حتى يغدو تفكيرهم سليما ومتشبعا بالمبادئ الوطنية    وبممارسات الكبار الذين يتخذونهم كقدوة لهم.

 

نعم يكفل الدستور التعددية الحزبية ،لكن التعددية المواطنة،التعددية الصلبة،التعددية الجادة؛ إن المعادلة الصحيحة في الأخوة المواطنة هي أن يعي كل مغربي أنه يحتاج إلى كل المغاربة وبأن كل المغاربة يحتاجون إلى كل مغربي

 

نعم يكفل الدستور التعددية الحزبية ،لكن التعددية المواطنة،التعددية الصلبة،التعددية الجادة؛ إن المعادلة الصحيحة في الأخوة المواطنة هي أن يعي كل مغربي أنه يحتاج إلى كل المغاربة وبأن كل المغاربة يحتاجون إلى كل مغربي،وبأن الحصانة الحقيقية التي قد يتسارع إليها البعض ليست حماية قانونية،بل هي العفة عن كل سلوك منحرف لا يتفق مع القيم الحضارية ومع المرتكزات الأساسية للوطن،وأنها تسخير للقوى النفسية لمحاربة كل أشكال أنانية العصر.
أو ليس العمل في بلورة تضامن سياسي حضاري هو ما يشكل فرصة تاريخية للمغرب، وللجنة الساهرة على مراجعة الدستور،والتي أمرها ملك البلاد  بالإنصات إلى مقترحات مكونات الأمة وبالاجتهاد الخلاق  في وضع تصور لدستور لمغرب الحاضر والمستقبل؟ حيث قرر ملك البلاد أن تعطى أهمية بالغة ل: » تعزيز الآليات الدستورية لتأطير المواطنين،بتقوية دور الأحزاب السياسية،في نطاق تعددية حقيقية،وتكريس مكانة المعارضة البرلمانية،والمجتمع المدني » المرتكز    الخامس ضمن خطاب ملك البلاد،09مارس2011.
فهل تنجح أحزاب حالية في هذا التحدي؟ وهل تتسارع في إبداع تصورات واقعية راقية تحفز المواطنين على أداء واجبهم الوطني الدستوري المتمثل في المشاركة الواسعة في الإقتراعات والمشاركة في البناء الديمقراطي الشامل ؟ألا تضم كل منها خبراء في كل ميادين الحياة السياسية؟أليست مسؤولة على إزالة عراقيل النماء من خلال إحداث مشاريع طموحة تصون الحياة الكريمة داخل المجتمع؟  أليست مسؤولة على اختيار ممثلي الأمة حسب المعايير الدنيا للنجاح السياسي:القبول الشعبي الواسع والكفاءة والنزاهة؟ أليست المسؤولة على تكوين مناضليها تكوينا وطنيا،وتهييىء من تتوفر فيهم الشروط لتحمل مسؤولية تدبير الشأن العام ؟ وإذا لم يقم بذلك بعضها فلتعجل بالعمل في اتجاه ذلك،فلا يعقل جمع أعضاء من غير أن يستوعبوا الرسالة الحقيقية للممارسة    السياسية الوازنة التي تسمح بتنشيط جاد للحياة السياسية.

 

كما أكد ملك البلاد حرصه على تعزيز خطوة المراجعة الدستورية  « بمواصلة النهوض بالإصلاح الشامل،السياسي والاقتصادي والتنموي،والاجتماعي والثقافي ، في حرص على قيام كل المؤسسات والهيآت بالدور المنوط بها،على الوجه الأكمل »

 

كما أكد ملك البلاد حرصه على تعزيز خطوة المراجعة الدستورية  « بمواصلة النهوض بالإصلاح الشامل،السياسي والاقتصادي والتنموي،والاجتماعي والثقافي ، في حرص على قيام كل المؤسسات والهيآت بالدور المنوط بها،على الوجه الأكمل »
لسنا بصدد تقييم اجتهادات الأحزاب ،كلها تجتهد حسب تصوراتها في بناء المغرب،وكل مناضل يعرف ما إذا كان كتاب تاريخ أمجاد المغرب سيذكره بخير أو بغير خير،ولو لم تكن أحزاب على هذه الأرض لحلت محلها مراكز البحث في كل مجالات الحياة السياسية؛والتقييم الموضوعي لحزب للأحزاب الأخرى،وللمواطنين لكل منها هما اللذان يمكنان من ترتيبها حسب درجة مساهمتها في هذا البناء سواء كانت ضمن الحكومة أو ضمن المعارضة، وما التقارير الصادرة عن منظمات دولية إلا إعادة تأكيد لحقائق قائمة بذاتها.
فهل تعامل الأحزاب وثلة من الجمعيات والنقابات و… التابعة لها في اقتراحاتهم لتعديل الدستور المغربي تماشيا مع منطوق الخطاب الملكي؟ وهل تصوراتهم بشأن العمل في نطاق التعددية الحقيقية ارتقت إلى    طموحات ملك البلاد،وطموحات المغاربة؟
ماذا لو رفعت بعض أو كل الإعانات المالية  عن أحزاب-جمعيات- فهل سيبقى حرص كل فرد -ضمن أي حزب أو أي جمعية- على أن يكون مناضلا وفيا لمبادئ المواطنة الصادقة؟ ثم إذا ما حذفت ما تسمى بامتيازات النضال من نجاح في تولي مناصب المسؤولية ،فهل يستمر نضال بعض؟وهل سينتخب بعض على من لايقدم لهم وعودا بنيل امتيازات؟ لاأحد يشك في وفاء الجادين الذين يعتقدون بأنهم في مناصبهم منتخبين من طرف المواطنين سواء انتخب أو لم ينتخب عليهم عبر    صناديق الإقتراع .
يقول أحد الأمثلة الشهيرة:بأنه إذا كنت في كل مكان ،فأنت لست في أي مكان.لسنا بصدد تقييم ما يقال في هذا الباب،ولا تقييم أي شخص ،وكل واحد يتحمل مسؤولية الأمانة الوطنية أمام خالقه . وننطلق دائما من الإيجابيات التي يمكن أن تقلص من هذه الظاهرة إن لم يكن لها ما يبرر استمراريتها، حيث ركز أحزاب في اقتراحاتهم لتعديل الدستورالمرتقب تماشيا مع توجيهات ملك البلاد الرامية إلى الارتقاء باستقلالية القضاء، على ضرورة تحديد دقيق لمسؤوليات الحكومة ومحاسبة قبلية وبعدية للذين ستوكل إليهم المسؤوليات توخيا للنزاهة المواطنة(قانون النزاهة أو قانون المحاسبة)،والشيء الأكثر إيجابية هو استقبال الأحزاب الأكيد لمضامين الخطاب الملكي بجدية، والعزم غير المشروط على وضع شروط للنضال المشروع ليلتحق به من يعتبره ضمن الواجبات الوطنية.

 

ثم لماذا يلوم البعض بعضا آخر عن سوء التصرف ؟ألا يفعل ذلك حتى الأفراد غير المسيسين،و جمعيات التي يأتي الرئيس بأصحابه ليزكوا توليه رئاستها ؟أليس التأخر في بلوغ أهداف معلنة مسبقا هو الذي سيحدث إذا ما فشل المزكى أو قاوم عمله مزكوه؟

 

 

ثم لماذا يلوم البعض بعضا آخر عن سوء التصرف ؟ألا يفعل ذلك حتى الأفراد غير المسيسين،و جمعيات التي يأتي الرئيس بأصحابه ليزكوا توليه رئاستها ؟أليس التأخر في بلوغ أهداف معلنة مسبقا هو الذي سيحدث إذا ما فشل المزكى أو قاوم عمله مزكوه؟وشبيهات لهذه الظاهرة  يمكن أن تسجل على كل المستويات في كل القطاعات ،في لجينات انتقاء أو انتداب لمهام حمل المسؤولية ،وحتى في مناصب دنيا ،وفي مباريات شكلية يلجأ أشخاص لتزكية زملائهم أوأقاربهم وفق تقييمات ظاهرية ومصلحية بعيدا في كثير من الحالات عن مبدأ تحقيق مبدأ الفرص عاملين بمبدأ: أقلد غيري في الخطأ أو بمبدأ: قبلي فشل وبعدي فشل، ليبرروا اختياراتهم أوبقائهم في مناصب انتدابهم ،إنها مسألة تربوية ناتجة    عن انتهاج أناس لتقليد أناني وليس بتاتا عن نضج وطني .

فإذا كان أفراد يقومون  بتصرفات أنانية  ،فمن  الطبيعي  أن  تجد شبيهاتها على كل مستوى،من الذي إذن يعطي القدوة في حسن التصرف الفرد أم الفريق ؟ الصغير أم الكبير، إنه تكريس لنوع     من أنانية العصر.
إن القاعدة تتحمل أيضا قسطها الوفير في تأخير الإصلاحات التي نادى وينادي إليها ملك البلاد،فلا مبالاة البعض وعدم مساندتهم القوية لمرؤوسيهم في تنوير طريقهم وارتضاء أناس بالبقاء في تدبير مرافق ليسوا أهلا لها، هو ما يؤدي إلى قصور في نجاعة نجاح الأوراش الإصلاحية وسبب رئيس في تدني النتائج وضياع للمال العام، ينتظر بعض فشل  بعض في تدبير الشأن العام وكأنهم معفيون غير معنيين،لايؤازرون ولايقترحون ولا يكفون عن حسد إخوانهم الناجحين .
أنانيون من هؤلاء وهؤلاء ومصالح فئوية تترك أمورا جوهرية تسير مهب الرياح، يتهم بعض البعض الآخر، يتفرق بعض عن بعض، بل يبتعد بعض عن البعض الآخر ويختار من لا يشكل أي تهديد لمصالحه الأنانية: إنه خيار طوعي لنوع من أنانية العصر.
وفي أفق تقوية دور الأحزاب السياسية في نطاق تعددية حقيقية،وتقوية آليات الأداء الحكومي يفترض مستقبلا في الحزب الذي يرشح وزيرا لوزارة ما(أو نائبا برلمانيا أو مستشارا وطنيا أو جهويا أو محليا-ذكورا وإناثا-) أنه عارف بكل صغيرة وكبيرة عن هذا القطاع على مستوى كل المجالات ليرشح الشخص الأنسب لهذا المنصب أو ذاك ،وأن يكون قادرا على  التسيير الفعال والناجع،وأن يتعاون مع كل الأحزاب وجميع مكونات المجتمع المدني لما فيه تحقيق المصلحة العليا للبلاد وللمواطنين، وليطالب بتوفير ميزانية تتماشى وحسن تدبير هذا القطاع أو ذاك مستحضرا المناخ العالمي الاقتصادي والسياسي والالتزامات الوطنية والدولية،وحريصا على التوفر على برنامج قوي وسيناريوهات بديلة لأوقات الأزمات ، وعلى إبداع نماذج اقتصادية مغربية أنجع من تلك التي توجد في الغرب،كما تقر بذلك أبجديات العمل السياسي.
فلنشكر الله على نعمة الإسلام التي أنعمها على بلدنا ، وعلى نعمة التوافق الاجتماعي السلمي بقيادة موحدة حامية لحمى الملة والدين، ونعمة الإصلاح التشاركي الذي يدعو إليه جلالة الملك محمد السادس،وليبدأ كل مواطن من القمة إلى القاعدة في تسجيل عمله الخير في كتاب تاريخ امجاد بلاده ،  فبلدنا لديه من المقومات مالا يوجد في أي بلد،بلدنا أولى    بأن يدرس لا أن تعطى له دروس.
بوبكر الزناتي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Anonyme
    05/05/2011 at 16:48

    بسم الله
    أهنئ الاستاذ الزناتي على مقاله المفيد وعرضه القيم والذي تناول فيه بالدراسة والتحليل موضوع واقع الأحزاب السياسية
    وكان ذلك بطريقة موضوعية وبأسلوب علمي رفيع يأخذ بعين الاعتبار آراء مختلفة
    وأؤكد بدوري أن مستقبل هذا الوطن العزيز مرتبط
    بتشبث المغاربة بشعارهم الخالد
    الله الوطن والملك
    والإخلاص في العمل
    والتحلي بالضمير المهني
    واحترام وتقدير الغير
    أشكركم كثيرا على صراحتكم وعلى غيرتكم و إخلاصكم لهذا الوطن
    ونتمنى جميعا التقدم والازدهار لبلدنا
    والنصر والتأييد لملكنا الهمام
    والسلام

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *