Home»Débats»علماء المسلمين يفتون بحرمة التصويت لصالح الانفصال :ما رأي السلطات الجزائرية وجبهة البوليساريو

علماء المسلمين يفتون بحرمة التصويت لصالح الانفصال :ما رأي السلطات الجزائرية وجبهة البوليساريو

0
Shares
PinterestGoogle+

 يناير 2011

مع اقتراب ساعة الحسم بالنسبة لمستقبل جنوب السودان، خرج علينا أكثر من ثمانين عالما إسلاميا من مختلف بقاع الأرض، وعلى رأسهم الدكتور يوسف القرضاوي ومفتي مصر السابق الدكتور فريد نصر واصل وآخرين، بفتوى موجهة إلى المسلمين من أبناء السودان المشاركين في الاستفتاء على مصير جنوبه وحدة أو انفصالا، بحرمة التصويت لصالح خيار الانفصال.
وبرر العلماء المسلمون فتواهم الشرعية بأن كل تفتيت لأقطار الأمة الإسلامية يضر البلاد والعباد، ويضعف الأمة ويجعلها أكثر هشاشة في مواجهة تحديات عصرنا الحاضر التي تتطلب وحدة وتكاتفا وتكاملا للجهود والسياسات.

وفي السياق، طالب القرضاوي بكيان جامع أكبر من جامعة الدول العربية، يقوي العرب على غرار الاتحاد الأوروبي، ويسخر إمكانات الجميع خدمة للجميع.
ولا نريد الخوض في توقيت الفتوى الشرعية، أو مدى تأثيرها كون الجنوبيين ليسوا عربا أو مسلمين في معظمهم، ولن يهمهم مدى حرمة التصويت للانفصال من عدمه، لكن المغزى الأعمق هو في فهم الإسلام لوحدة المسلمين (والعرب في قلب هذا العالم الإسلامي وهم بفضل لغة القرآن قلبه النابض) حيث يحرم ديننا كل جهد أو عمل أو مسعى يمكن أن يؤدي إلى مزيد من تفتيت ما هو قائم من دول عربية وإسلامية، بل ويرفضها لأنها لا تمثل حدودا طبيعية تجسد الفوارق الطبيعية بين شعوب هذه الدول والمناطق، وقد جاءت (أي هذه الحدود) في سياقات مرتبطة بالاستعمار الذي تعرضت له بلادنا أوائل القرن الماضي، ورسمت حدودها تبعا لتقاسم مناطق النفوذ بين مستعمريهم، وورثتها دولة الاستقلال العربية، بعد أن اكتسبت شرعيتها من تسجيلها في هيئة الأمم المتحدة.

والأدهى، أن دولنا العربية حديثة الاستقلال، أو بمعنى أدق نخبها المحلية، فشلت في امتحان الوحدة، وغلبت واقعا لا يتجاوز العقود الخمسة أو الستة (عمر الاستعمار في معظم بلادنا)، على واقع عاش وازدهر على مدى ثلاثة عشر قرنا أو يزيد. بل إن الخلافات الحدودية بين كثير من الدول العربية كانت دائما سببا للتوتر الذي كان يتصاعد إلى حد حشد الجيوش على جانبي هذه الحدود، بل وخوض الحروب من أجلها، وهو أمر لا تختص به الدول العربية، بل والإسلامية كذلك. واقع يعلن عن سيادة منطق الإقطاعيات على منطق الجماعة.

وبالعودة للفتوى، نتمنى على علمائنا المسلمين أن يعمموها ، بأن يخصصوا اجتماعا على نطاق أوسع، يخرج بفتوى مشابهة تحرّم (وفي الواقع تجرّم) كل مسعى أو عمل أو جهد، قد يقود إلى إضعاف أو تفتيت أي بلد عربي وإسلامي، أو إنشاء أي كيان جديد، يزيد عدد دولنا العربية والإسلامية عما هو قائم حاليا، لأن المنطق الذي يقف وراء فتواهم الخاصة بجنوب السودان، يمكن تعميمه بثقة على باقي أجزاء عالمنا العربي والإسلامي.
وهنا، تبدو السلطات الجزائرية وقيادة جبهة البوليساريو أحد أهم المعنيين بفتوى علماء المسلمين تبعا لمسعاهم الرامي إلى تقسيم المملكة المغربية وإنشاء كيان مصطنع في أقاليمها الجنوبية، على الرغم من كون الصحراء المغربية هي جزء أصيل من المملكة المغربية (هكذا تربينا وتعلمنا، وهكذا نفهم الوحدة)، وصحراويوها هم جزء أصيل من شعبها.

فإذا كانت الفتوى تحرم انفصال جنوب السودان ذي الأغلبية السكانية غير العربية ولا المسلمة، فماذا تقول القيادتان المذكورتان في المسعى لفصل هذا الجزء من المملكة المغربية، وأهله عرب ومسلمون؟ كيف تبرران بمنطق الوحدة العربية أو الجماعة الإسلامية أو الفاعلية التاريخية، السعي لخلق كيان هزيل في هذه الصحراء المترامية الأطراف، لينضاف إلى كيانات أخرى هزيلة، لدينا منها الكثير في عالمينا العربي والإسلامي، دون أن يستفيد العرب والمسلمون شيئا من كثرتها العددية؟ هل تبرر الخلافات السياسية بين دولنا العربية والإسلامية، أن تسعى قياداتها لتفتيت أرض وشعب بعضها بعضا؟ كيف ستقوى هذه الكيانات المفتتة والمشتتة، وما قد ينشأ من كيانات مفتتة جديدة، على مواجهة تحديات التنمية والأمن وضمان العمل والكرامة لمواطني هذه الدول؟

لقد آن الأوان، للقيادة الجزائرية، مراعاة للمصلحة القومية والإسلامية، وقبل هذه وتلك، مصلحتها الخاصة حيث تقع الجزائر نفسها في دائرة الاستهداف بالتفتيت تحت ذريعة نفس الشعار الذي تشهره في وجه جارتها المغربية « حق تقرير المصير »، وهو الاستهداف الذي يقف جميع أحرار العرب والمسلمين بنفس الصلابة ضده وضد كل مسعى يقويه ويقود إليه، نقول آن الأوان لأن تمزق القيادة الجزائرية ورقة جبهة البوليساريو المهترئة، وتكسر اسطوانة « الشعب الصحراوي » المشروخة التي لم يعد الصحراويون أنفسهم يعيرونها بالا أو يطربون لها، وأن تجلس مع جيران التاريخ والرحم، وتصارح إحداهما الأخرى بهمومها ومشاكلها، وتتعاونان على حلها عبر تكامل قدراتهما الجبارة، وتقودان معا قاطرة المغرب العربي الكبير، ومن ورائها قاطرة عالم عربي كبير، لا مانع لدينا من أن يبقي على أعلام دوله الاثنين والعشرين، شريطة أن يكون بمقدور كل عربي من أبناء هذه الدول، أن يتحرك بشخصه وأمواله في مساحة الجغرافيا الشاسعة هذه، بكل حرية ودون قيود أو تأشيرات، ليتكرس إحساسه أنه يتحرك في بيت عربي واحد كبير، مكون من اثنتين وعشرين غرفة.

رابط الفتوى

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=today
05qpt75.htm&arc=data20110101-0505qpt75.htm

الجزائر تايمز / هيثم شلبي (كاتب وصحفي فلسطيني)

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *