Home»Débats»رسالة مفتوحة إلى حضرات السادة العلماء الأجلاء أعضاء المجلس العلمي الأعلى بخصوص موضوع خطتهم لتسديد التبليغ

رسالة مفتوحة إلى حضرات السادة العلماء الأجلاء أعضاء المجلس العلمي الأعلى بخصوص موضوع خطتهم لتسديد التبليغ

0
Shares
PinterestGoogle+

رسالة مفتوحة إلى حضرات السادة العلماء الأجلاء أعضاء المجلس العلمي الأعلى بخصوص موضوع خطتهم لتسديد  التبليغ

محمد شركي

من نافلة القول التذكير حضرات السادة  العلماء الأجلاء أنكم طليعة الأمة ،وأنكم تحظون منها بأعظم الإجلال والتقدير والاحترام لأنكم الأمناء على دين الله عز وجل وحراسه ، وأنتم القدوة والإسوة بالنسبة إليها ، وقد رفع الله عز وجل من شأنكم في محكم التنزيل، كما ورثكم رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم العلم  وهو أجل ميراث .

 معشر السادة الأفاضل

لقد ترددت كثيرا قبل أن أوجه إليكم هذه الرسالة المفتوحة لأنني لا أعتقد في نفسي صادقا معها أنني أهل لمخاطبتكم  وذلك لعلو شأنكم، إلا أنني توسمت فيكم الخير وأنتم أهله، وطمعت في تواضعكم الجم الذي أكسبكم إياه باعكم الطويل في العلم وأقدامكم الراسخة فيه ، كما طمعت في سمو أخلاقكم  وسماحتكم ، فاستجمعت ما بوسعي من إقدام لكسر جدار التردد  كي أخاطبكم ملتمسا منكم الصفح إن زل قلمي ولم أوفق في مخاطبتكم  بما يليق بمقامكم الكريم .

معشر السادة الأفاضل

إن الداعي إلى توجيه هذه الرسالة المفتوحة إليكم هو ما راج وما زال يروج من حديث بخصوص خطتكم لتسديد التبليغ التي اختلف حولها الرأي العام الوطني  بين مؤيد ومعارض ، وفي كل تأييد أو اعتراض ما يقبل  وما يرد  .

 ومما اعترض عليها علماء بعضهم ربما هم في مراتب علمكم ، وأساتذة ،ومفكرون ،ومثقفون، وخطباء ،وإعلاميون … وهؤلاء نخب المجتمع وأنتم طليعتهم … ولم يكن اعتراضهم سوى مجرد ملاحظات بدافع الغيرة على الخطابة المنبرية وهي  من صميم الغيرة على الدين الواجبة شرعا وأخلاقا .

 وأهم نقد وجه إلى خطتكم في تسديد التبليغ  هو توحيدها على الصعيد الوطني دون مراعاة خصائص ومميزات جهاته المختلفة  بيئيا، وبشريا، واجتماعيا وثقافيا إذ ليس شمال الوطن  كجنوبه، ولا شرقه كغربه ، وليست حواضره كقراه وبواديه وأريافه ، و ليست حواضره سواء أحياؤها  بل هي عبارة عن فسيفساء أو موزاييك  بسبب تنوعها عمرانا وساكنة موزعة بين شرائح موسرة ،وأخرى هشة ، ثالثة منزلتها بين المنزلتين ، ولا يخفى ما بينها من فروق  في المستوى الثقافي و في مستوى الوعي الشيء الذي لا يمكن معه أن توحيد الخطاب الديني الموجه إليها عبر منابر الجمعة لأن أحوالها، وشؤونها وهمومها ومشاغلها ومطالبها المختلفة ليست واحدة وإن تقاطعت أحيانا ،علما بأن المواطنين  إنما يعيشون واقعهم  ويتفاعلون معه، ولذلك هم يتطلعون إلى تناول خطب الجمعة له بالنقد والتوجيه على ضوء قيم دينهم الحنيف .

معشر السادة  الأفاضل لا أحد ينكر أن في تسديد تبليغ منابر الجمعة ترسيخ للإيمان في القلوب من أجل  تحقيق صالح الأعمال ، ولكن لا مندوحة عن أخذ اختلاف واقع الشرائح الاجتماعية بعين الاعتبار، وتسليط الضوء على كل أنواع السلبيات الخاصة بكل جهة من هذا الوطن والتي يجب أن تعالج  وفق خصوصيتها. وأول خطوة في طريق علاجها  هو الكشف عنها  بكل شجاعة وصدق  وموضوعية وذلك هو ما يقنع المتلقين لخطب الجمع بفكرة تسديد التبليغ  الذي يجعل واقعهم ماثلا أمام أعينهم ومشخصة علله وأمراضه كما تشخص العلل الأمراض  العضوية والنفسية ، وبهذا يكون دور الخطباء تماما كدور الأطباء النطاسيين .

ومما يترتب عن توحيد خطب الجمعة  أيضا أنها تجهز على الملكات والمواهب الخطابية لدى الخطباء الذين أصبحت مهمتهم مقتصرة على مجرد الإلقاء دون معاناة البحث والإنشاء والإبداع ، ولا شك أنه مع مرور الوقت ستغيب من المجتمع شريحة الخطباء ، وتحل محلها شريحة الملقين أو التالين لخطب ترد عليهم  وليس لهم فيها ناقة ولا جمل.

ايها السادة العلماء الأفاضل

 ليس هذا الذي ذكرت لكم بالغائب عن علمكم وأنتم أصحاب الرأي الحصيف والنظر البعيد ، وأنتم أدرى بما يجب أن يكون عليه التسديد، ولكن هذا لا يمنع من أن تلفت أنظاركم إلى ما يخدم التسديد  فيتحول إلى تقييد .

 ولعل العودة إلى العمل بالمذكرات التوجيهية التي جرى العمل بها لسنوات طويلة  والتي تنوه بمواضيع معينة، وتترك للخطباء حرية تناولها بأساليبهم هو الحل والبديل الأمثل عن توحيد الخطب .

أيها السادة العلماء الأجلاء

 أنتم أقرب من وزير الشأن الديني وأنتم المؤهلون علما ومعرفة لنصحه بخصوص ما يصدر عنه بين الحين والآخر من عبارات جارحة في حق من انتقدوا خطتكم، وليس وراء ذلك سوء نية أو سوء  قصد كما توهم  السيد الوزير، ولا يخفى عليكم ما في بعض تلك العبارات من قبيح التجريح وخطير التجريم، لهذا يعول عليكم في  نصحه لتسديد مواقفه وعباراته .

 ولا يفوتني أيضا أن ألتمس منكم مراجعة سيادته في إجراء عزل الخطباء بشكل مهين لهم دون مراعاة بلائهم فوق المنابر لفترات زمنية طويلة والذين يتخلى عنهم ولسان حالهم قول الشاعر :

أيذهب بوم واحد إن أساته      بصالح أعمالي وحسن بلائيا

ولا شك أنكم معشر العلماء الأفاضل أولى وأجدر باحتضان الخطباء والعطف عليهم ونصحهم ومراجعتهم إذا ما زلت بهم ألسنتهم، والرفق بهم وذلك أفضل تصحيج وتسديد لهم عوض إجراء العزل التعسفي الذي لا تعمل به سوى وزارة الشأن الديني بينما لا تمارسه مختلف الوزارات إلا بعد إجراءات متدرجة ضمن سلم العقوبات .

وتقبلوا السادة العلماء الأجلاء مني أسمى عبارات التقدير والتبجيل ومعذرة مني إن خانني التعبير في هذه الرسالة المتواضعة التي يشهد الله تعالى على حسن نية وطوية صاحبها وكفى به شهيدا .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *