لبعض العدميين ! الفرح ليس جريمة والكرة ليست مخدّرًا

بقلم ذة. سليمة فراجي

قرأت بإمعان و بين السطور ايضا المقال الذي يصف انتصارات المنتخب الوطني بأنها مخدّر وطني واعتبر الفرح الشعبي انحدارًا في الوعي الجماعي، فوجدتني أتساءل: متى صار حبّ الوطن جرمًا أو فعلا مجرّما ومتى أصبحت لحظة الفرح الشعبي تهمة تستدعي المتابعة وإصدار الاحكام ؟
إن اختزال كل نجاح رياضي في “تخدير جماعي” لا يعكس جرأة فكرية بقدر ما يكشف عن نزعة عدميّة لا ترى في المغرب إلا ظلامًا دامسا يقاس بظلمات افكار البعض
صحيح أن هناك اختلالات بنيوية في التعليم والصحة والعدالة، وهي اختلالات تعاني منها جل الدول لكن من الجور أن نُحاكم فرحة الملايين بما لم يُنجزه السياسيون.
الشعوب الحيّة هي التي تفرح رغم الجراح، وتقاوم اليأس بالانتماء، لا التي تُشيّع الأمل وتعلن الحداد كلما ارتفع العلم الوطني.
الرياضة ليست بديلاً عن التنمية، بل رافعة من روافعها
كل تجربة تنموية متقدمة من البرازيل إلى فرنسا إلى كوريا الجنوبية جعلت من الرياضة واجهة إشعاع، ودعامة للاقتصاد والسياحة والتماسك الاجتماعي.
فلماذا نُمنع نحن من أن نُحقّق التوازن بين النقد والفرح؟
أليس بناء فريق وطني منافس، يسعد المغاربة ويُوحدهم، جزءًا من هذا البناء الوطني الذي نطالب به جميعًا؟
إن الإصرار على تسفيه أي نجاح جماعي يُخفي نوعًا من الحقد الاجتماعي واليأس الممنهج.
فمن السهل أن نحترف جلد الذات، لكن الأصعب أن نبني الأمل.
والأوطان لا تُبنى بالنواح الدائم، بل بالثقة، وبالإيمان و أن كل خطوة إلى الأمام مهما كانت صغيرة تساهم في تغيير الصورة النمطية عن المغرب والمغاربة.
أما من يتهم الدولة بأنها “تخدّر الشعب بالكرة”، فليتذكر أن الشعب المغربي لم ينتظر مباراة ليعي قضاياه، ولم ينسَ التعليم ولا الصحة. لكنه يعرف أن النضال لا يُلغي الفرح، وأن الاحتفال لا يُناقض الوعي، وأن حبّ الوطن لا يُختزل في غضبٍ دائم.
نعم، نحن نطالب بمستشفيات لائقة، وعدالة نزيهة، ومدارس منتجة.
لكننا نُصفّق ايضا لفريق جعل ملايين المغاربة يبتسمون، لأن هذا الفرح هو شكل من أشكال المقاومة ضد الإحباط.
فالوطن لا يُختزل في الأزمات، بل في القدرة على النهوض رغمها.
لقد أخطأ من ظن أن رفع العلم الوطني في الملاعب يعني إسقاط المطالب الاجتماعية، فالمغاربة لا يخلطون بين الانتماء والنقد، ولا بين الحب والعمى.
إنهم يفرحون لأنهم يريدون أن يعيشوا، لا لأنهم نسوا ما يعانونه.
العدميون يريدون شعبًا غاضبًا فقط، لأنهم لا يعرفون كيف يعيشون بكرامة مع الأمل.
أما الواعون، فيعرفون أن الفرح لا يُلغِي الوعي، بل يُغذيه.
فلنفرح إذن، ولكن سنظل نطالب بالإصلاح في ظل ثوابتنا الوطنية وهذا طبعا يغضب من رضع من ثدي الخيانة وتعود ان يقتات على حساب كرامة الوطن وشموخه
ننتصر في الملاعب، وسننتصر في المدارس والمستشفيات والمحاكم، لأن من يعرف كيف يفرح… يعرف أيضًا كيف يواصل الطريق !





Aucun commentaire