هل سايرت قرارات قمة الدوحة تطلعات الشعوب العربية والإسلامية ؟؟؟

هل سايرت قرارات قمة الدوحة تطلعات الشعوب العربية والإسلامية ؟؟؟
محمد شركي

لقد تابعت الشعوب العربية والإسلامية قبل متابعة قمة الدوحة ما جرى في اجتماع مجلس الأمن الذي سبقها حين صدرت عن ممثلي بعض الدول العربية والإسلامية الذين حضروا جلسة مناقشة اعتداء الكيان الصهيوني على قطر لتصفية قيادة حركة المقاومة حماس السياسية في وقت كانت هذه الأخيرة على وشك الاجتماع أو لعلها كانت مجتمهة من أجل الاطلاع على آخر اقتراح أمريكي من شأنه وقف الإبادة الجماعية في قطاع غزة .ولقد اشتدت نبرة التنديد بالكيان الصهيوني لدى الممثلين العرب والمسلمين في مجلس الأمن ، وشاركهم في التنديد معظم من حضروا باستثناء بعضهم الذين لم يتجاوز موقفهم التعبيرعن الأسف عن خرق سيادة دولة قطر مع التنديد بحركة حماس لاستمرار احتجازها راهن صهاينة فضلا عن تحميلها دون الكيان الصهيوني المسؤولية عن مأساة الإبادة الجماعية التي يعاني منها المواطنون الغزيون تقتيلا وتجويعا وتهجيرا ، وكان على رأس أصحاب هذا الموقف ممثل الإدارة الأمريكية ومعه في ذلك بعض وفود دول غربية .
وبناء على تصعيد لهجة إدانة الكيان الصهيوني من قبل ممثلي الدول العربية والإسلامية في جلسة مجلس الأمن ، انبعث أمل كبير لدى الشعوب العربية والإسلامية ،وبدأ تطلعهم بلهف شديد إلى القمة العربية الإسلامية في دولة قطر وقد علقوا عليها هذه المرة آمالا عريضة كانت من قبل ميئوس منها في قمم سابقة عقدت عقب العدوان الصهيوني على قطاع غزة . ولق ظلت العيون شاخصة يوم أمس ومشدودة إلى الدوحة لمتابعة كلمات رؤساء الوفود ملوكا وأمراء ورؤساء ومن نابوا عن الغائبين منهم . وازدادت شدة اهتمام الشعوب العربية والإسلامية بما ستتمخض عنه هذه القمة من قرارات وتوصيات ،وصار السؤال التالي ملحا وهو : هل سايرت بالفعل تطلعات هذه الشعوب أم أنها جاءت دون ما كان منتظرا منها وما كان مؤملا؟؟؟
والجواب عن هذا السؤال وقع فيه اختلاف بين الخبراء والمحللين السياسيين فمنهم من اعتبر البيان الختامي للقمة غيرمعهود ، وغيرمسبوق ، وأنه تضمن إشارات جد إيجابية منها على سبيل المثال ما سمي خطا أحمر والذي لا يسمح بتجاوزه مستقبلا حين يعتدي مرة أخرى الكيان الصهيوني المارق على أي بلد عربي أو إسلامي لأن ذلك سيكون بمثابة اعتداء عليها جميعها ، وكذا الإشارة إلى منع مرور الأسلحة إلى الكيان عبر أقطارها أو أجوائها أو مياهها ، وما سمي بمراجعة العلاقات السياسية والاقتصادية ، وإن كان هذا القرار الذي ورد في بعض المداخلات أثناء المؤتمر لكن لم يتضمنه البيان الختامي ،الشيء الذي يدل على اعتراض بعض الأطراف عليه ، فضلا عن نفض الغبار عن ملف القضية الفلسطينية .
ويرى البعض الآخر أن البيان الختامي لهذه القمة جاء مخيبا لآمال الشعوب العربية والإسلامية ، وأنه لم يتجاوز المعهود في قرارات القمم السابقة التي لا تبارح التنديد والشجب دون مواقف إجرائية تشفي الغليل .
ولعل رهان من أشادوا بقرارات قمة الدوحة سيكون على المحك عند تكرار أول عدوان صهيوني على قطر من الأقطار العربية والإسلامية وهو الذي دأب على انتهاك سيادة بعضها ،خصوصا وأن ممثل الكيان في جلسة مجلس الأمن كرر تهديده لقطر أما الحاضرين إن هي لم تطرد القيادة السياسية لحركة حماس، وهو تهديد لكل من يستضيفها . كما سيكون على المحك التلويح بتعليق استمرار وجود علاقات سياسية واقتصادية معه، وهو ماض في عدوانه ، لا يعبأ بالخط الأحمر الذي سطرته قمة الدوحة .
والغريب سواء في جلسة مجلس الأمن أو في جلسة قمة الدوحة هو تجنب مجرد الإشارة العابرة إلى مسؤولية الإدارة الأمريكية ومشاركتها بشكل أو بآخر فيما يرتكبه الصهاينة من عدوان سواء في غزة أو في غيرها ،علما بأنها هي في الحقيقة طرف متورط في الإبادة الجماعية الحاصلة في قطاع غزة ، وفيما يحدث في الضفة العربية من خلال تغيير معالمها الجغرافية والبشرية، وما تتعرض له المقدسات من تدنيس يومي من طرف المستوطنين المتطرفين، ومن تهديد بهدمها وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك ، وما تتعرض له أقطار عربية من عدوان باستمرار كسوريا ولبنان واليمن . وما كان كل ذلك ليحدث لولا الضوء الأخضر الصادر عن الإدارة الأمريكية ، ولولا دعمها العسكري والسياسي بلا حدود للكيان المارق كما أجمع على وصفه في جلسة مجلس الأمن وفي جلسة قمة الدوحة لما تجرأ على ذلك بل صار يفاخر به وبمن يدعمه ويبارك عدوانه كيف لا يفاخر وقد طار وزير خارجية الإدارة الأمريكية إلى تل أبيب وقت انعقاد القمة في الدوحة ، واجتمع بمجرم الحرب المدان بجرائم الإبادة الجماعية من طرف العدالة الدولية ومن طرف الرأي العام الدولي ، ووقف خاشعا معه أمام حائط المبكى واضعا » الكيباه » فوق رأسه تعبيرا عن تصهينه ،ومجددا الولاء الكامل له ،والدعم اللامحدود، وتخندق الإدارة الأمريكية معه في خندق الإبادة الجماعية التي تمارس على شعب في وطنه المحتل بالقوة لطرده منه كي يعيش مكانه المحتل في أمن وسلام وأمان فارضا وجوده بالقوة التي تمده بها دولة كان من المفروض أن تكون راعية للسلام ورادعة للعدوان في العالم بحكم قوتها ونوفوذها اللذين تسخرهما لصالح المعتدي الصهيوني .
وأعود إلى الاستغراب مرة أخرى الذي أثرته أعلاه حيث لم تشر مداخلات المتدخلين من العرب والمسلمين سواء في مجلس الأمن أو في قمة الدوحة ولو بكلمة يتيمة إلى الإدارة الأمريكية التي هي تعد المسؤولة الأولى عما يجري في قطاع غزة، وفي عموم فلسطين من عدوان فاق كل حد ، والذي تدين وحشيته وهمجيته كل شعوب المعمور. فما الذي أخرس ألسنة المؤتمرين في قمة الدوحة وفي اجتماع مجلس الأمن ؟ فلم تعبر ولو بعبارة واحدة عن مسؤولية الإدارة الأمريكية الأخلاقية والقانونية وهي طرف وسيط ومفاوض من أجل إنهاء الحرب في غزة وقد تعمد غض الطرف عن الاعتداء على دولة تشاركه مهمة الوساطة والتفاوض ،وقد نشرت وسائل الإعلام الدولية يوم أمس نبأ علمها بالهجوم الصهيوني على العاصمة القطرية قبل وقوعه بوقت وصف بالقصير، لكنه كان كافيا لكبح جماح الكيان المارق لكنها لم تفعل بالرغم من وجود معاهدة بينها وبين قطر ، ووجود قاعدة عسكرية فوق ترابها ، وبالرغم من استفادتها من أموالها الطائلة التي عادت بالنفع على المواطن الأمريكي ، كما عادت أيضا دون شك بالنفع على الكيان المارق الذي صار يبيد بما تدره عليه الإدارة الأمريكية منها الشعب الفلسطيني، ويعتدي على دول عربية وإسلامية بالأسلحة التي تغطي كلفتها الأموال العربية السائبة مع شديد الحسرة، والأسف، والأسى، والحزن .
وأخيرا نقول ما سبق قوله في مقال سابق تحت عنوان : » الاعتداء على دولة قطر يضع مصداقية مجلس الأمن على المحك ويثبت لا جدوى التحالف مع الإدارة الأمريكية وفيه تنبيه للأنظمة العربية المراهنة على هذا التحالف السرابي » ، فها قد ضاعت مصداقية مجلس الأمن مرة أخرى ، وها قد جاءت نتائج قمة الدوحة مخيبة لآمال الشعوب العربية والإسلامية، ولأمل الشعب الفلسطيني الذي كان القصف العنيف يزهق أرواح أبنائه لحظة انعقاد القمة ، وقد أصبح اليوم كأشد ما يكون مع تلويح مجرم الحرب بأنه سيحدث ما هو أشد من ذلك ، وقد تزامن ذلك مع الوعيد الأخير للرئيس الأمريكي الموجه إلى المقاومة الفلسطينية ، وهو مؤشر على طبخة قد طبخت لاستكمال مشروع » الريفيرا » الذي حلم به الرئيس الأمريكي هو ومجرم الحرب الصهيوني المارق .
وأخيرا ستظل قناعة الشعوب العربية والإسلامية على ما هي عليه اليوم حتى يحصل ما يقنعها بقناعة تساير تطلعاتها في فلسطين وفي مجموع بلاد العروبة والإسلام .





Aucun commentaire