مهرجان الراي للشرق2025 : محاولة لطمس تاريخ مهرجان كان له دور حقيقي—سواء شئنا أم أبينا—في إشعاع المدينة ثقافياً وفنياً على مدى سنوات.VIDEO
سفيان مرجع

منذ 2007، كانت عاصمة الألفية، وجدة، تضرب موعداً سنوياً مع عشّاق الراي والموسيقى من كل بقاع العالم. مهرجان لم يكن مجرّد تظاهرة فنية، بل منصة للتقارب الثقافي والدبلوماسية الهادئة، نابعة من روح المبادرة الملكية لتنمية جهة الشرق التي أطلقها صاحب الجلالة سنة 2003، ومجسِّدة لحلم مدينة أرادها أهلها منفتحة على إفريقيا، أوروبا، والفضاء المتوسطي.
مرّت من هنا أسماء كبيرة:
ألفا بلوندي، موري كانتِيه، المرحوم عقيل، الشاب بلال، خالد، مامي، دافيد فانديتا، ميمون الوجدي رحمه الله، الحاجة الحمداوية رحمها الله…
ولا ننسى أبناء المدينة أنفسهم، الذين شقّوا طريقهم وسط معركة شرسة في عالم الفن، وأثبتوا أن وجدة ولّادة، قادرة على أن تُصدّر النجوم لا أن تكتفي باستقبالهم.
المهرجان لم يكن مجرّد سهرات، بل فضاء ثقافي، سياحي وتنموي:
– معرض وطني للصناعة التقليدية بشراكة مع دار الصانع ووكالة تنمية جهة الشرق.
– برامج سياحية للتعريف بالمؤهلات الطبيعية والروحية للجهة.
– ندوات فكرية وعلمية حول الموسيقى، الهوية، والهجرة.
– انفتاح على باقي مهرجانات المملكة من طنجة إلى الداخلة، ومساهمة في نقل فناني الجهة نحو باقي ربوع الوطن.
– مشاركات دولية مشرّفة في باريس، كندا، وبعض الدول الإفريقية، في إطار تظاهرات فنية وثقافية مثل « مغرب الثقافات » و* »مغاربة العالم »*.
جمع المهرجان مغاربة العالم من مختلف الأقطار، وحظي بتغطية إعلامية عالمية، وكان له دور كبير في ترسيخ فن الراي كتراث مغاربي مشترك، في وقتٍ لم تتردد فيه بعض الجهات المجاورة في الطعن في أصل هذا اللون الفني الذي وُلد على ضفاف الشرق المغربي.
واليوم، في زمن « المبادرات السريعة »، يظهر مشروع جديد تحت اسم غريب عن الهوية الأصلية: « مهرجان الراي للشرق ». أبارك له البداية، لأنّ الشرق يستحق كل مبادرة، لكن لا بد من قولها بصراحة:
ما يُقدَّم اليوم ليس عودة، بل محاولة لطمس تاريخ مهرجان كان له دور حقيقي—سواء شئنا أم أبينا—في إشعاع المدينة ثقافياً وفنياً على مدى سنوات.
المهرجانات العريقة لا تُستنسخ، ولا تُبنى بين ليلة وضحاها… بل تُصنع بالصبر، بالرؤية، وبالصدق مع الذات.
سفيان مرجع
وجدة، عاصمة الألفية.





Aucun commentaire