هل نبكي؟ هل نكتفي بالأسف؟ لا. لقد ولى زمن البكاء والانتهازية والانتظارية

ذة.سليمة فراجي
احيانا هناك صمتٌ أشدّ إيلامًا من الجُرح،
وهناك مسؤوليات عامة ما كان لها أن تتحوّل إلى أدوات للهيمنة والاستغلال والتسلط، لولا غياب الضمير وغلبة منطق المصلحة الضيقة على الواجب الوطني.
في أكثر من مدينة، نشاهد اليوم بمرارة آثار سوء التدبير، ونقف على نتائج خيبة أمل عميقة: لا مشاريع صناعية، ولا ورشات إنتاجية، ولا أثر لاستثمار حقيقي يخدم الساكنة.
ما نراه عوض ذلك هو مظاهر ثراء فاحش، لبعض من تقلد المسؤولية وخانها من سيارات فارهة، مظاهر تبذير، صفقات مريبة، واستعراض دائم للواجهة، بينما تُقصى الكفاءات وتُقمع المبادرات الصادقة، ويُحتكر القرار من قبل قلة جعلت من المنصب سلطة لا أمانة، بل وحتى ابعاد المستثمرين المنافسين !
حين تُختزل المسؤولية في استعراض النفوذ بدل خدمة الناس،
وحين يُستثمر الموقع لتمرير المصالح الشخصية عوض بناء المستقبل الجماعي،
وحين يُكافأ الولاء وتُقصى الكفاءة،
فماذا ننتظر؟ غير تدهور المدينة، وتآكل الثقة، وضياع الأمل.
المواطنة الحقيقية مسؤولية جسيمة.
هي أمانة في عنق المنتخب والمعيّن،
لكنها كذلك اختبار لضمير المواطن الذي يبيع صوته في سوق نخاسة المصالح والولاءات.
لقد آن الأوان أن نقولها بوضوح:
كفى من التبعية والانتهازية.
كفى من عبودية لأسماء لم تقدّم شيئًا سوى الأذى أو الصمت.
كفى من إقصاء الكفاءات وتهميش الوطنيين الصادقين.
نحتاج إلى يقظة جماعية، وإلى استنهاض الهمم، وإلى استعادة روح المواطنة الفاعلة.
نحتاج إلى أن يُسند الأمر إلى أهله، وإلى أن نُعيد الاعتبار للعمل الجاد، والمحاسبة، والنزاهة.
لحسن الحظ، هذا الوطن ليس بلا حراس.
له ملك اطال الله عمره يسهر ويعي، وله مؤسسات حية لا تُخدع بالزيف، ولا تغفل عن من طغى وتجبر.
فالزمن يُغربل، والتاريخ يُحاسب، والمستقبل لن يُكتب إلا بمن نذروا أنفسهم للوطن لا للواجهة.
نحن لا نبكي على من أساء إلينا،
بل نبني ما تهدّم، ونحمي ما تبقّى، ونمضي بثقة نحو ما يستحقه هذا البلد من كرامة وازدهار
.سليمة فراجي
Aucun commentaire