Home»Débats»خطر المباني الآيلة للسقوط بين وضوح النص القانوني وغموض وتعثر التنفيذ

خطر المباني الآيلة للسقوط بين وضوح النص القانوني وغموض وتعثر التنفيذ

0
Shares
PinterestGoogle+

سليمة فراجي

في مدننا المغربية، تتعايش آلاف الأسر في مختلف المدن يوميًا مع الخطر المحدق ، ليس في الطرقات أو الأسواق، بل تحت أسقف من الإسمنت المتشقق والجدران المائلة، داخل ما يُعرف بالمباني “الآيلة للسقوط”.

مبانٍ قد تُصبح في أية لحظة شاهدة على مأساة جديدة.

ورغم وجود ترسانة قانونية متقدمة، وعلى رأسها القانون رقم 94.12، إلا أن الواقع يكشف عن ضعف في التفعيل وتأخر في التدخل، وتفنن في الشعارات الرنانة دون مواجهة المعضلة الشيء الذي يستدعي وقفة جادة وتحسيس المسؤولين الفرحين بلمعان المنصب وحلاوته بجسامة الخطر المحدق

للإشارة تعد  المباني الآيلة للسقوط من أخطر الإشكالات التي تُهدد السلامة العامة داخل النسيج الحضري، لِما تشكّله من تهديد مباشر لحياة قاطنيها والمارة والجيران. وتتجلى خطورتها في ما تعرفه بنيتها من اختلالات داخلية واهتراء للركائز والدعامات، أو في موقعها الذي قد يكون غير مستقر جغرافيًا، مما يجعلها عرضة للانهيار الجزئي أو الكلي في أية لحظة.

وقد جاء القانون رقم 94.12، المتعلق بالمباني الآيلة للسقوط وتنظيم عمليات التجديد الحضري، والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.48 بتاريخ 27 أبريل 2016، ليضع أول إطار قانوني خاص بهذه الفئة من البنايات، ولينص على جملة من الإجراءات الاحترازية والزجرية.

من أبرز ما تضمنه هذا القانون:

 -المادة 4: تنص على إحداث اللجنة الإقليمية للمباني الآيلة للسقوط، وتحدد أعضاءها وصلاحياتها، وعلى رأسها تقييم حالة المباني وإعداد تقارير تقنية بشأنها، وتقديم التوصيات اللازمة.

 -المادة 6: تعطي اللجنة صلاحية تصنيف المبنى كـ”آيل للسقوط”، وتلزم المالك أو مستغله باتخاذ الإجراءات المناسبة كالهدم أو الترميم أو الإفراغ، حسب الحالة.

 -المادة 7: تنص على أن لرئيس الجماعة، في حالة عدم استجابة المالك، صلاحية إصدار أمر بالهدم أو الإفراغ، مع إمكانية اللجوء للقوة العمومية لضمان تنفيذ القرار.

 -المادة 9: تنص على أنه في حالة الخطر المستعجل، يمكن لرئيس المجلس الجماعي، دون الحاجة لمرور عبر المساطر العادية، اتخاذ قرار فوري بالإفراغ المؤقت حفاظًا على الأرواح.

 -المادة 12: تحمّل مالك العقار مسؤولية كل الأضرار الناتجة عن سقوط المبنى، سواء على مستوى الأشخاص أو الممتلكات.

لذلك هو قانون واضح وبصلاحيات موسعة، لكن خطر المباني الايلة للسقوط لا زالت تحصد الأرواح

علما  ان لرئيس الجماعة، بموجب هذا القانون ووفقًا لصلاحياته في القانون التنظيمي 113.14، سلطة إصدار أوامر فورية بالإفراغ أو الهدم عند وجود خطر داهم، مع الاستعانة بالقوة العمومية عند الاقتضاء. ويُلزم المالكين بتحمل المسؤولية القانونية والمادية عن الأضرار الناتجة عن تقادم البناية أو إهمال صيانتها.

من جهة اخرى نجد أسمى قانون والذي هو الدستور الدستور يضمن، ولكن الواقع  يفرغ المقتضى الدستوري  من محتواه

اذ ينص الفصل 31 من الدستور المغربي على مسؤولية الدولة والجماعات في توفير السكن اللائق وضمان سلامة المواطنين. غير أن الحوادث المتكررة لانهيار المنازل، خاصة في المدن العتيقة أو الأحياء الهامشية، تفضح غياب تطبيق فعلي لهذا المبدأ.

عدد من الجماعات الترابية لم تُحدث لجنها الإقليمية أو لا تجتمع إلا بعد وقوع الكارثة. كما أن التباطؤ في اتخاذ قرارات الإفراغ والهدم، أو التساهل مع المالكين، يجعل القانون حبرًا على ورق، ويُعمّق معاناة السكان الذين يعيشون بين الخوف والتهميش.

واذا حصرنا التوصيات او المقترحات من اجل  الوقاية قبل وقوع الفواجع لا بد من خطة وطنية متعددة المستويات، بإمكاننا ايجاز  محاورها كالتالي:

 -جرد شامل ورقمي للبنايات المهددة بالسقوط، مرفوق بتقارير تقنية ميدانية.

 -تفعيل دائم للجنة الإقليمية للمباني الآيلة للسقوط في كل عمالة وإقليم.

 -إنشاء صندوق دعم خاص لترميم أو هدم المنازل لفائدة الفئات الهشة.

 -تشجيع شراكات عمومية-خاصة في مشاريع التجديد الحضري.

 -تحفيز التدخل الاستباقي لرؤساء الجماعات وتكوينهم في مجال الشرطة الإدارية.

 -اعتماد مقاربة تشاركية مع الساكنة عبر حملات تواصل وتوعية.

والسؤال المطروح الذي ينتصب امام أعيننا ، متى نُفعّل القانون قبل الكارثة؟

اعتباراً من كون الأزمة لا تكمن في غياب النصوص، بل في غياب الإرادة والنجاعة في تفعيلها. فكل تأخير في تطبيق القانون قد يُكلّف حياة، وكل لا مبالاة تُعمّق الثقة المفقودة بين المواطن ومؤسساته. آن الأوان لتحويل هذه المباني من شبح يهدد الأرواح، إلى ورشات أمل تُجدد النسيج الحضري وتُعيد الاعتبار لكرامة العيش.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *