الإسفاف دليل لايخطئ !

عبد السلام المساوي
يعتقد البعض، وهو اعتقاد مغشوش، أنه كلما تعمق في قاموس الإسفاف والبذاءة، كلما ترك الانطباع عند من يوجه إليهم رسائله، مباشرة أو بصورة غير مباشرة، بالمستوى الأعلى من القوة التي يتمتع بها وربما ذروة الصدق التي بلغها في معالجته لقضايا الخلاف. لكن الحقيقة التي يستعصي عليه إدراكها ان اللجوء إلى هذا القاموس هو الدليل الذي لا يخطيء على ضعف الحجة وانعدام القوة والقدرة على مجابهة التحديات الفكرية أو السياسية المتولدة عن موضوع الجدل الذي دفع هؤلاء دفعا لأن ينهلوا من قاموس البذاءة والإسفاف أدواتهم الدفاعية وأسلحتهم الهجومية المثلومة بالتعريف.
ليس هناك ما يعادل في عمليات الجدل والإقناع والدفاع عن الحقائق والمواقف قاموس الصدق وتوازن المقاربة على قاعدة احتمال الصواب والخطأ.
وهي على كل حال تنم عن نضج في التفكير وصدق في النوايا تسمح بمقارعة الحجة بالحجة كما قواعد النقد والنقد الذاتي التي يستدعي بعضها البعض الآخر في كل حوار أو مناظرة يستحقان هذا الاهتمام
ان الشعبوية اصبحت عملة سياسية رديئة لا يقبلها سوق التداول السياسي ولا تغري بالمتابعة ولا تحقق مكاسب ولا تخفض أسعارا ولا ترفع أجورا ولا تقلص بطالة ولا تحارب فسادا ولا تصلح خللا ، بل تقود فقط الى الخراب السياسي والهروب من المشاركة في الشأن العام . والدليل ان المغاربة عانوا من ويلات الشعبوية والشعبويين لقادة الحزب الحاكم السابق طيلة العشر سنوات دون فائدة تذكر اللهم ما حققه أولئك الشعبويون من إصلاح لأحوالهم الشخصية .
والحقيقة القاسية أن الشعبوية أضحت موضة العصر ومن الأمراض التي تفتك بجزء من نخبتنا الحزبية ، حتى أصبح العمل السياسي مع مرور الزمن من اختصاص فئة قليلة من المنبريين ، اي زعماء بعض الأحزاب الذين يحترفون اطلاق الكلام على العواهن أمام المنابر الإعلامية والسياسية وبيع الوهم للشعب ، ومنهم من يقول الشيء ونقيضه ويتناقض مع نفسه من لحظة الى أخرى ، لكسب صوت هنا أو هناك ….
والنتيجة ان الشعبوية كما العدمية ، كلتاهما تمثل عجزا عن إنتاج بديل سياسي واقعي بأرقام واضحة وأجندة زمنية محددة ، وتعكس سياسة الهروب الى الامام في وجه تقديم أجوبة للطلب المجتمعي ، فيأخذ الحل شكل اللجوء الى خطابات غارقة في التزييف من دون بدائل حقيقية للمجتمع والدولة .
المغاربة في حاجة إلى برامج واقعية واعدة وليس الى بوليميك فارغ يحاول تغطية الشمس بالغربال ، لقد سئم الراي العام من مسرحيات السب المتبادل والاتهامات المتبادلة بين بعض زعماء الأحزاب . والرأي العام يسجل ويتابع في هذه اللحظة من من الزعماء يتقن فن السب والوقوع في التناقضات ، ومن منهم ينتج خطابا سياسيا متماسكا معبر عن مشروع مجتمعي ..
المغاربة محتاجون لأجوبة مقنعة حول أمراض الصحة وأعطاب التعليم وشبح البطالة وهشاشة السكن ورداءة الأجور ولهيب الأسعار وغول الفساد ، وليس إلى دغدغة عواطف المقهورين بخطاب قد يتلاعب بقلوبهم وعقولهم لكنه لا يغير أحوالهم .
للوقت مفعول السحر ، يعطيك مساحة من أجل التحليل الهادئ من جهة ، ومن أجل طرد شيطان الدهشة من مخيلتك ، بفرك العينين وكثير من التأمل …يجعلك امام سقوط الأقنعة …يجعلك تكتشف تهافت الخطاب الذي يتغول بالمال ، وتكتشف انهيار اسطورة الوعود الانتخابية ، والتصريح الحكومي يبين التناقض بين خطاب الحملة الانتخابية وخطاب التصريح الحكومي !
عيب » ساستنا » أنهم لا يطبخون كلامهم على نار هادئة ، يغترون بسرعة وينتفخون بسرعة …ردود انفعالية تنم عن الجهل أحيانا وعن التضخم أحايين كثيرة …عدم اعمال العقل وتغييب المنطق …القفز عن الحقيقة والقطع مع الواقع …قراءة الأحداث بأوهام » القوة » وإغراءات الجاه والسلطة .
عيب » ساستنا » انهم لا يفكرون …انهم منخدعون …انهم واهمون …يتكلمون ولا يفكرون…
ضحايا اللحظة …لا يتجنبون متعة لحظة عاجلة تفاديا لألم مستقبل …يستسلمون لحماس » تغول انتخابي » » حضر » إنزالا أو رشوة ، إغراء أو ترهيبا …
و » ساستنا » » يخطبون » ، يلغون ، يقولون كل شيء ولا يقولون شيئا…
دعهم يقولون ، دعهم يجربون؛ انهم مبتدئون ، انهم وافدون !
السياسة نضال ، السياسة تضحية …والتربية ممارسة وثقافة ….
» زعماء » آخر لحظة يسقطون في السفسطة !
عيب » ساستنا » أنهم تتكلمهم اللغة ولا يتكلمون اللغة …
عيب » ساستنا « أنهم لا يفرقون بين خطاب السلطة وسلطة الخطاب…
خطاب السلطة ؛ يستمد رعبه من التهديد والقمع والجبروت…
سلطة الخطاب سلطة تستمد قوتها من داخلها ؛ بصدق منطقي وصدق واقعي :
– صدق منطقي ؛ تطابق الكلام / الفكر مع ذاته ؛ تماسك وانسجام بين المقدمات والنتائج ؛ خلو الخطاب من التناقض…
– صدق واقعي ؛ تطابق الفكر مع الواقع …تطابق » الزعيم » مع نفسه …
Aucun commentaire