عندما تستجدي الدبلوماسية الجزائرية مهارات الحرفيين المغاربة

عبدالقادر كتــرة
حسب موقع « صحيفة » (تأسست عن المركز المتوسطي للدراسات الإستراتيجية) تحاول الجزائر استقطاب أزيد من 350 عاملا متخصصا في فن الزليج من المغرب، عبر قنصليتها الجزائرية بمدينة وجدة والتي اتفقت مع سماسرة متخصصين في أشغال البناء من أجل البحث عن حرفيين ماهرين في صناعة الزليج المغربي من أجل نقلهم للعمل في الجزائر.
في تدوينة لأحد الخبراء المغاربة. ناشط على موقع « لنكندلين LinkedIn »(مؤسس ومدير CastorPay، وهي شركة متخصصة في الدفع عبر الهاتف المحمول وشغل مناصب عليا في العديد من الشركات التيكنولوجية)، لقد انتهك القنصل الجزائري في وجدة للتو اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية، في ممارسة تدخلية فظّة وغير قانونية، من خلال تنظيم عملية « تجنيد سرية » لـ 358 حرفيًا مغربيًا متخصصين في الزليج المغربي، هذا الفن العريق الذي تفتخر به الجزائر، في محاولة يائسة للاستيلاء عليه بسبب افتقارها إلى تراثها الخاص.
هذه الخطوة الخبيثة تصنف في خامو انتهاك صارخ للقانون الدبلوماسي بناء على اتفاقية فيينا لعام 1963، التي تحكم البعثات القنصلية، وتحدد بشكل صارم دور القنصليات: « يجب أن تدير حصريًا الشؤون الإدارية لمواطني بلدها وتضمن حماية مصالحهم ».
لكن منذ انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والجزائر سنة 2021، لم يعد لدى القنصلية الجزائرية بوجدة أي سبب للتواصل مع المواطنين المغاربة.
إن قيام دبلوماسي جزائري بمحاولة « تجنيد موظفين مغاربة »(خاصة بعد فرض التأشيرة على المواطنين المغاربة) للعمل في مواقع بناء بالجزائر يتجاوز بكثير صلاحياته ويشكل انتهاكا واضحا للقانون الدولي.
وفي مفارقة ممتعة، يضيف الخبير المغربي، نجد نظاما يقيم الحواجز ويثير العداء ويشوه صورة المغرب على الساحة الدولية ويفرض التأشسرة على المواطنين المغاربة من جهة، لكن يسعى بشكل يائس إلى استغلال خبرته الحرفية لإخفاء فقر سكانه في قطاع البناء الخاص بها.
وهكذا تقلصت « الجزائر الكبرى » المعلنة من جانب واحد إلى مجرد انتهاك الاتفاقيات الدولية من أجل استجداء المهارات المغربية، غير القادرة على تدريب حرفييها.
واختتم الخبير المغربي مقاله بالتعبير عن أمله في « أن تبذل سلطاتنا قصارى جهدها لوضع حد لهذه المهزلة، لأن من المفترض أن تكون الرواتب الموعودة فلكية ولسبب وجيه: عندما لا يبقى لدى بلد ما ما يقدمه، فإن كل ما يتبقى له هو أموال النفط لشراء ما لم يعرف أبدًا كيفية صنعه ».
لإشارة، يعتبر المغرب من أكثر البلدان ثراء بالصناعات التقليدية اليدوية في الوطن العربي، فهو يحتوي على الكثير من المدن التي تعتبر معقلاً لهذه الصناعات مثل مدن (سلا، فاس، مراكش)، والتي يقوم بها الأشخاص بصناعة الزليج والأثاث والمجوهرات والملابس والتحف المنزلية بشكل يدوي معتمدين على أدوات وآلات تقليدية.
ويبلغ عدد العاملين في قطاع الصناعة المغربية حوالي 2.4 مليون صانع وصانعة، ما يضعه من بين القطاعات المشغلة للمواطنين المغربيين، وحسب الإحصائيات فإن الصناعات التقليدية ذات الطابع الثقافي تشكل نسبة 17% من مجموع القطاع الصناعي أي ما يعادل 420 ألف صانع وصانعة.
وللتذكير فقط، وحسب تحقيق لقناة « الجزيرة » القطرية، تزايدت صادرات الزليج من المغرب في الفترة من 2016 إلى 2022، وتأتي الولايات المتحدة على رأس المستوردين بأكثر من 68%، وتليها الدول الأوروبية بنحو 18% من إجمالي الصادرات.
وعرف القطاع -حسب إحصاءات رسمية- « تطورا اقتصاديا واجتماعيا وتقنيا متميزا في العقود الأخيرة، حيث انتقل عدد الصناع من 2400 في العام 2005 إلى أكثر من 6300 في 2022، أي بزيادة 160% ».
كما تضيف الإحصاءات نفسها أن عدد ورش صناعة الزليج « كان محدودا عند 78 في 1995 لتبلغ 197 في 2005، ثم إلى 246 في 2022، أي بزيادة 215% ».
وشكلت الصادرات من الزليج 82% من صادرات الصناعة التقليدية بفاس خلال 2020؛ إذ بلغت 57.9 مليون درهم (نحو 6 ملايين دولار).
وأفادت غرفة الصناعة التقليدية في فاس بأن القطاع « لم يتأثر بتداعيات جائحة كورونا، بل على العكس من ذلك عرف تطورا وإقبالا كبيرين في مجموعة من الدول، خاصة الولايات المتحدة التي تحتل الصدارة في استيراد زليج مدينة فاس ».
Aucun commentaire