Home»Débats»وَدَّ العلمانيون لو يُدهن المسلمون!!!

وَدَّ العلمانيون لو يُدهن المسلمون!!!

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم

وَدَّ العلمانيون لو يُدهن المسلمون!!!

الحسن جرودي

عندما نتأمل خطاب الجمعيات والهيئات والمنظمات ذات المرجعية العلمانية، نجد أنه يمتح من نفس المنبع المتمثل في الدفاع عن مقتضيات المواثيق الدولية، مع التركيز بالخصوص على تلك التي تتناقض مع أحكام الشريعة الإسلامية من قبيل المثلية والرضائية والإجهاض والمساواة في الإرث…والغريب في الأمر هو الاستماتة الشديدة التي يُبدونها لفرض مفاهيم الحرية والحقوق التي يسمونها كونية، وهم يعلمون أنها ليست كذلك ولن تكون يوما ما كذلك، ولا تعدو أن تكون حتى غربية لأن خَلقا كثيرا من أبناء الغرب نفسه يرفضونها رفضا قاطعا، وكيف لها أن تشمل غيرها من الأمم الإسلامية وحتى غير الإسلامية التي يُمكن التمثيل لها بروسيا على سبيل المثال لا الحصر.

إن العقبة الأساسية التي تقف أمام فرضهم للقيم التي ينادون بها، أو لِنَقُل يُطالَبون بتعميمها في البلاد الإسلامية عامة وفي المغرب خاصة، ليس الدستور ولا الحكومة، لأن الأول رغم تأكيده في الديباجة على أن الإسلام دين الدولة، فإنه لم يُحكِم إغلاق الباب أمامهم، وإنما ترك فيه فجوة يَصبون إلى التسلل من خلالها إلى المجتمع، ألا وهي العبارة التي يشار فيها إلى أنه في حالة تعارض القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية، فإن هذه الأخيرة تسمو على الأولى، ولأن الثانية تضم في ثناياها أعضاء مُرغَمين أو مدفوعي الثمن للدفاع عن هذه المواثيق، والعمل بكل ما أوتوا من وسائل مادية ومعنوية على ترسيخها في المجتمع من خلال سن قوانين وضعية يتم التطبيع معها تدريجيا لتصبح ملزِمة في النهاية.

إن ما لم يَضعه أصحاب التوجه العلماني من جمعيات محسوبة على المجتمع المدني ومنظمات « حقوقية » وأعضاء في الحكومة…، إن ما لم يضعه هؤلاء في الحسبان، هو أن الأمر لا يتعلق باستبدال قانون وضعي بآخر وضعي حتى وإن سُمِّي كونيا، وإنما باستبدال قانون إلاهي بآخر وضعي بغض النظر عن تسميته وعن قوة الجهة التي تتبناه، وهذا أمر مستحيل، ذلك أنه إذا كان الأمر ممكنا في الحالة الأولى من خلال الضغط على الأشخاص أو الجهات التي لها الصلاحية  لتغيير النص القانوني أو التشريعي، فَمَنِ الذي له الحق في التدخل لتغيير النص الإلاهي، ذلك أن الأمر في حقيقة يتعلق بالمطالبة بتغيير آيات محكمات، وهذا ليس بيد أحد، سواء كان عالما أو مجلسا علميا أو أيا كان، خاصة وأن جلالة الملك الذي يُعتبر أعلى سلطة في البلاد صرح بكل وضوح وشفافية بأنه لا يحل حراما ولا يحرم حلالا.

إذا كان الأمر كذلك، فهل من تصنيف لمطلب تغيير النصوص الشرعية غير كَوْنِه مَطلبا غبيا بكل المقاييس، علما أن هؤلاء لم يأتوا بجديد سوى تكرار نفس المطلب الذي طُلب من الرسول صلى الله عليه وهو حي يرزق، وعلاقته بالله تعالى متواصلة من خلال الوحي القرآني الذي يوجِّه كل حركاته وسكناته، في نفس الوقت الذي يُعتبر كلامه وَحْيا كذلك، ومع ذلك فقد كان الرفض مصير مطلبهم. ولو استعمل علمانيونا عقلهم الذي يعتبرونه إلههم علما أن فيهم من يوصف بالباحث في الدراسات الإسلامية،  لما تجرؤوا على هذا المطلب، لأن الله حسم الأمر منذ أربعة عشرة قرنا ونيفا من خلال الآيتين 15 و16 من سورة يونس حيث يقول عز من قائل: » وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16) »

إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يستطيع أن يبدل آية واحدة من تلقاء نفسه، فكيف يتسنى ذلك لغيره أيا كان، من هنا يبدو جليا أن مطلبهم هذا لا يمكن أن يُفهم إلا في إطار الغباء وانتفاء العقل، ولا يمكن بحال من الأحوال أن نجد تعبيرا أدق وأوجز من تعبير الله عز وجل على لسان رسوله الكريم في الرد عن الذين ساوموه في دينه وودو لو يدهن فيدهنون عندما ختم الآية بالسؤال الإنكاري » أَفَلَا تَعْقِلُونَ » ذلك أنهم لو تصفحوا كتاب الله مجرد تصفح، ولعل هذا الشهر الفضيل خير مناسبة لذلك بالنسبة للذين لا زالوا يَحسبون أنفسهم ضمن دائرة الإسلام، لعلموا أن الله أحكَم إغلاق باب المساومة على من يريد تبديل كلماته أيا كان، وذلك في عدة آيات من القرآن الكريم، ولعل الآية 115 من سورة الأنعام كافية لتبليغ المطلوب، حيث يقول جل جلاله  « وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ » وبذلك يريحوا ويستريحوا.  

الحسن جرودي

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Mokhtzri mohammed
    05/04/2023 at 14:18

    لا فض فوك حفظك الله أخي مقال في الصميم!

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *