Home»Débats»أي مدلول لاستقلال المغرب في ظل تدخل كل من هب في شؤونه الداخلية؟

أي مدلول لاستقلال المغرب في ظل تدخل كل من هب في شؤونه الداخلية؟

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم

أي مدلول لاستقلال المغرب في ظل تدخل كل من هب في شؤونه الداخلية؟

الحسن جرودي

إن أول ما يتبادر إلى الذهن عندما نصف فردا أو جماعة أو بلدا بكونه مستقلا هو استقلاليته في اتخاذ القرار، وهذا مما دفعني للتساؤل عن مدى استقلال المغرب، هل فعلا نحن بلد مستقل، أم أن الصفة لا تُعبِّر عن الموصوف، ومما زاد في إلحاحي على هذا التساؤل مقال نُشر بإحدى الجرائد الإلكترونية تحت عنوان الكونغرس العالمي الأمازيغي ينبه الحكومة إلى « إبقاء العنصرية » في المغرب. وقلت في نفسي كيف لشرذمة من المحسوبين على الأمازيغ أن تتدخل في الشؤون الداخلية للمغرب وتنبه حكومته وكأنها السلطة العليا في البلاد، مع العلم أنها لا تعدو أن تكون خليطا من البشر منظوون تحت عدد كبير من الجمعيات « الأمازيغية في دول شمال إفريقيا ومغاربيي العالم » حسب ما أورد المقال !!!

وإذا كانت الواقعية تقتضي، في إطار التدافع بين دول العالم، وجود نوع من المقايضة بين الدول في إطار تبادل المصالح، مع فرض بعض القيود من قبل الدول الكبرى على اعتبار أنها تتحكم في أهم احتياجات الدول الصغرى من غذاء ودواء وسلاح وتكنولوجيا… وهذا ما يتم بالفعل. وعلى الرغم من أن الأمر غير مقبول بعد مرور ما يفوق 60 سنة على ما سمي بالاستقلال، فإنه يبقى مفهوما، إلا أنه من غير لا المقبول ولا المفهوم أن يتم التدخل بشكل سافر في الشؤون الحميمية لبلد كالمغرب من قبل هيئات وجمعيات خارجية، لا لشيء سوى أنها تتقمص صفة العالمية أو الدولية. فهذه جمعيةٌ لحقوق الإنسان وهذه لحقوق المرأة وهذه لحقوق الطفل…والذي يحز في النفس هو رضوخ المسؤولين المغاربة لهذه الجمعيات بشكل رسمي ومن خلال أسمى وثيقة تنبثق منها قوانين البلاد، ألا وهي الدستور الذي أعطى لهذه الجمعيات أكثر مما تستحق على حساب الأمن الروحي والمادي للأمة. ولا شك أن هذا مما شجع هذا الكيان الذي أُطلق عليه اسم الكونغرس العالمي الأمازيغي، لينبه الحكومة المغربية من باريس متهما إياها بـ »الإبقاء على العنصرية الخطرة للدولة ضد الأمازيغية ». لأنها لم تعمل على « تحرير البيانات المضمنة في بطاقة التعريف الوطنية، وجوازات السفر، ورخص السياقة، وعقد الزواج، ومختلف البطائق الشخصية والشواهد المسلمة من قبل الإدارة، باللغة الأمازيغية » بل ولينتقد رئيس الحكومة حتى على تسميته المنتخب النسوي المغربي لكرة القدم بـ »أول منتخب عربي يتأهل إلى كأس العالم سيدات ».

ومن هذا المنبر ولكوني أمازيغيا قحا أبا عن جد، أقول لهؤلاء، لقد أصبحتْ حقيقتكم جلية أمام الجميع، فلا أنتم تدافعون عن الأمازيغية ولا عن حقوق الإنسان، ولا تحاربون العنصرية ولا هم يحزنون، وإنما هدفكم الوحيد هو معاضدة بَيَادِقكم الذين استنبتُهم بالداخل لمحاربة الهوية العربية الإسلامية للمغاربة لا غير، ومن ثم زرع الفرقة بينهم تمهيدا لتقسيم المغرب على أساس العرق واللغة. وبالمناسبة فأين موقفكم من العنصرية التي تستهدف العرب والسود والمسلمين في أخص خصوصياتهم وذلك بفرنسا نفسها التي تتخذونها مقرا للتدخل في شؤون بلدان لها خصوصياتها ومشاكلها الخاصة، فبالإضافة إلى جميع أشكال العنصرية التي يعانون منها، اليوم فقط شاهدت مقطعا لفيديو قامت خلاله جمعية فرنسية لمحاربة العنصرية برصد -عن طريق الكاميرا المخفية- تصرف المسؤولين عن عدد من الشواطئ الفرنسية مع ثلاثة أنواع من الأزواج (رجل وامرأة) أحدهما إفريقي والثاني عربي والثالث فرنسي أثناء طلبهم مقاعد للجلوس، حيث تبين بالصوت والصورة أنه يتم الاعتذار للزوجين العربي والإفريقي بكون المقاعد محجوزة حتى وإن كانت تبدو فارغة، بينما يتم إيجاد مقاعد للزوج الفرنسي. فهل أنتم مصابون بعمى ألوان العنصرية، أم أن لبَنَ ماما فرنسا لا تُرضعه إلا للذين ينخرطون في تجسيد خططها المتمثلة في خلق الفرقة والتشرذم بين أفراد الأمة الواحدة.

وأما المسؤولون المغاربة فأقول لهم، كفاكم من هذا الانبطاح الذي لن يعود بالضرر على الشعب فحسب، بل وعليكم وبكفية أشد، ذلك أن أيام ما تعتقدونه استفادة من الوضع معدودة، وسوف يلفظكم المجتمع كما لفظ الذين من قبلكم، لذا فإن المصلحة المشتركة بينكم وبين الشعب تقتضي ضرورة الوقوف الصريح ضد كل أولئك الذي يختلقون مشاكلَ الكُلُّ في غنى عنها، والعمل بكل الوسائل لسلبهم فرص الاستقواء التي تزداد بازدياد وتيرة الضعف الذي تبدونه إزاءهم. بالله عليكم ما القيمة المضافة التي يستفيدها المغربي البسيط وحتى غير البسيط على السواء، الأمازغي منهم وغير الأمازغي، بتحرير البيانات المضمنة في بطاقة التعريف الوطنية، وجوازات السفر، ورخص السياقة، وعقد الزواج، ومختلف البطائق الشخصية والشواهد المسلمة من قبل الإدارة، باللغة الأمازيغية، إذا استثنيا تلك الميزانية التي ينهبها أولئك الذين يستفيدون من صفقات كتابتها على واجهات الإدارات والمؤسسات العمومية وعلى لوحات التشوير وإشارات المرور. أتحداكم إن تجاوز عدد المغاربة الذين يتمكنون من قراءتها  أكثر من 1%.

كما أتوجه إلى كل الأحزاب السياسية والجمعيات المواطنة التي كانت بالأمس القريب تناضل ضد الاتجار بالأمازيغية لضرب الهوية العربية الإسلامية للشعب المغربي، بأن تتخلى عن النفاق السياسي وتتحمل مسؤوليتها كاملة في الدفاع عن مواقفها المبدئية بالوضوح والصراحة اللازمين، لأن الوضع لا يحتمل أكثر مما هو عليه، خاصة في هذه المرحلة بالذات. إني أعتقد جازما، وأكرر بأنني أمازغي أبا عن جد، بأن إدراج تيفيناغ في البطاقة الوطنية وباقي الوثائق الرسمية لا تستحق كل هذا التطبيل، ولا تعدو أن تكون مشكلا مفتعلا ينضاف إلى العديد من المشاكل المفتعلة من مثل المطالبة بالإفطار العلني في رمضان والمثلية والرضائية… والتي لا هدف لها سوى استحمار الشعب وصدِّه عن الاهتمام بالمشاكل الحقيقية التي تحتاج إلى حلول جذرية كالتعليم والصحة والطاقة والغذاء، أما أن تتوفر على وثيقة رسمية بلغة لا تكتبها ولا تقرأها فلا تعدو أن تكون سُبة في وجه من يحملها كمثل الحمار يحمل أسفارا.

الحسن جرودي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *