زيارة المسؤولين لأماكن الكوارث بين الصوري والعملي؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحسن جرودي
زيارة المسؤولين لأماكن الكوارث بين الصوري والعملي؟
وأنا أتصفح أحد المواقع الإلكترونية لفت انباهي مقالين، أحدهما تحت عنوان « صديقي يتفقد أضرار الحرائق بإقليم العرائش »، والآخر تحت عنوان « وزارة التضامن تدعم متضررين من الحرائق« ، وعند قراءتي للأول تبين لي أن كل الإمكانيات التي جُنِّدت لتغطية مصاريف هذه الزيارة من حيث وسائل النقل التي استعملها الوزير والطاقم المرافق له وما يصاحب ذلك عادة من مصاريف الأكل والشرب وتعويضات التنقل، كل هذه الإمكانيات من أجل إخبار السيد الوزير بالمجهودات التي قامت بها مختلف الفرق المتدخلة في عملية الإطفاء، ليتم بعد ذلك أو خلاله أخذ صور تذكارية مع الطاقم المرافق، دون إرفاق ذلك بأي إجراء ملموس وآني للتخفيف من معاناة المتضررين، ومن ثم يُطرح السؤال: ألا يستحن الاكتفاء في مثل هذه الحالات باستثمار التقارير التي من المفروض أن يَتوصل بها لحظة بلحظة خلال عملية الإطفاء عن طريق خلية مركزية تتكون من خبراء في التعامل مع الحرائق تقوم بإعطاء توجيهات لفرق الإطفاء في كيفية التنسيق بينها لتركيز مجهوداتها في الاتجاه الأمثل، مما يترتب عنه على الأقل توفير تلك المصاريف واستغلالها فيما هو أهم. وإذا كان لا بد من التواجد في عين المكان فليكن أثناء الحريق وليس بعد إخماده، وحبذا لو يكون ببذلة اشتغال وليس بالبذلة الرسمية التي لا محل لها من الإعراب في مثل هذه المواقف، أم أن الأمر جاء ليُغطي على تخاذل الوزير الأول الذي آثر، والنيران في أوجها، التواجد في مهرجان تيميتار والاستمتاع بمختلف فقراته الترفيهية، على التأذي بالحر الذي يلفح وجوه فرق الإطفاء والمساكين من سكان الجهات المنكوبة.
في المقابل، وفيما يتعلق بزيارة وزيرة التضامن إلى نفس الإقليم، صرَّحتْ هذه الأخيرة بهدف زيارتها المتمثل في تفقد أوضاع ساكنة الإقليم، واستتبعته بإجراء عملي يتمثل في رصد مبلغ مالي مهم يسمح بتوفير الحد الأدنى من الحاجيات الضرورية والآنية للفئات المتضررة إن تم صرف هذا المبلغ على الوجه المطلوب.
وما يلفت الانتباه في المقال المتعلق بالزيارة الثانية هو أن الصور المصاحبة له تبدو عفوية، فيما تشير صور المقال المتعلق بالزيارة الأولى إلى وجود رغبة في التصور كما يكون الشأن في الحفلات وما يصاحبها من أخذ الصور التذكارية، كما أن الملفت للنظر عند مقارنة نتائج الزيارتين هو إتيان الثانية بإجراء مادي ملموس وآني لمساعدة الساكنة المتضررة، غير أن ذلك كان مشروطا بتوجيهات من جلالة الملك، ومن ثم نتساءل على مدى قدرة وزرائنا على المبادرة في اتخاذ الإجراءات الملموسة في الوقت المناسب بشكل تلقائي باعتبار الاختصاصات المخولة لهم.
ولا يفوتني بهذه المناسسبة أن أوجه نداء للسيد وزير الفلاحة، باعتباره ابن المنطقة الشرقية، وذو علاقة وثيقة بأوضاع شريحة مهمة من ساكنتها تلك المكونة من الفلاحين الصغار خاصة أولائك الذين ترتبط معيشتهم بزراعة الحوامض وتربية المواشي والأبقار على الخصوص، حيث تأذى عدد كبير من الفئة الأولى إن لم أقل كلهم ببوار سلعتهم في السنوات الأخيرة مما اضطر معه العديد منهم اقتلاع الأشجار وهي في أوج إثمارها مع غياب البديل في ظل أزمة مياه السقي التي شحت والتي بدونها يصبح قطاع الحوامض مهدد بالانقراض بالنسبة لصغار الفلاحين على الأقل. وما ينبغي أن يشار إليه في هذا الصدد هو إمكانية انقراض أجود أنواعها خاصة فيما يتعلق ب »الكليمنتين » التي تتميز بها منطقة بركان. ويتمثل ندائي في ضرورة الاهتمام بهذه الشريحة من خلال الإسراع بتوفير مياه السقي لإحياء ما يمكن إحياؤه من فدادين هذه الشجرة ذات الجودة المتميزة، وكذا العمل على ضمان تسويقها بأثمنة معقولة، والسعي العاجل لإحداث وحدات بالقطب الفلاحي مداغ لاستغلال الفائض عن عملية التسويق وتحويله إلى ما هو أعلم به مني، كما لا يفوتني أن أطلب منه اتخاذ الإجراءات اللازمة لرفع ثمن الحليب بالنسبة لمربي الأبقار، إذ لا يعقل أن يباع للمسهلِك بضعف الثمن الذي يُؤدى للفلاح، مع العلم أن شركات الألبان هي الوحيدة المستفيدة من الزيادات التي همت جل مشتقات الحليب، في الوقت الذي بقي فيه العنصر الأساسي على الهامش وفي الوقت الذي عرفت فيه أسعار مختلف المواد العلفية ارتفاعات صاروخية، وهو ما سيؤدي لا محالة إذا استمرت الأمور على ما هي عليه إلى إفلاس عدد كبير منهم خاصة أولائك الذين لا تشملهم عملية الدعم إن وجدت وهم كثر.
الحسن جرودي





Aucun commentaire